يسجّل تاريخ الصحافة البحرينية سلسلة طويلة من الاعتداءات التي طالت الصحافيين ورجال الإعلام وحتى كتّاب الرأي منذ بداية القرن العشرين وحتى الآن. في السابق كانت الاتهامات توجه للحكومة لقمعها حرية الرأي في ظل ظروف سياسية أمنية قاسية ومعقدة، ولكن اليوم الوضع اختلف تماماً بعد مرور 12 عاماً على التحول الديمقراطي. والمفارقة هنا، أن من يطالب بحرية الرأي والصحافة في السابق هو اليوم الذي يمارس التحريض ويشجع الإرهابيين على الاعتداء على الصحافيين أنفسهم، مفارقة تاريخية فعلاً. للأسف الشديد لا توجد جهة معينة في الدولة سواءً كانت في السلطة التنفيذية أو حتى السلطتين القضائية والتشريعية توثق الاعتداءات التي يتعرض لها الصحافيون، ومثل هذا المشروع المهم ليس وارداً تماماً ضمن أجندتها. وإذا انتقلنا لمؤسسات المجتمع المدني المعنية بحرية التعبير والصحافة، فإنها تتفاعل سريعاً مع مثل هذه القضايا، ولكنها تفتقد السجل الشامل الذي يوثق كافة الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون. مثل هذه الحاجة والنقص دفعت الحكومات الأجنبية إلى البحث عن بدائل، فكانت الخيارات الأمثل هي الاعتماد على المنظمات الحقوقية التي تصدر تقارير دورية حول ما يتعرض له الصحافيون من اعتداءات حول العالم. في الوقت الذي لدى البحرين القدرة على أن تكون لها تقاريرها الخاصة المستقلة البعيدة حتى عن الرأي الحكومي من خلال جمعية الصحافيين التي يمكن أن تتولى هذه المهمة. عندما تأسست «الوطن» في شتاء 2005 لم يكن متوقعاً أن يتعرّض فريقها الصحافي لاعتداءات مستمرة على مدى 7 سنوات، واللافت أنه لا توجد آلية لإيقاف مثل هذه الاعتداءات أو الحد منها، فمازال بيننا من لا يكترث لحرية الرأي والتعبير، ويحاول قمع حريات الآخرين، ولا يكترث أيضاً للاستماع لوجهات نظر أخرى قد تكون وجهات نظر «الوطن» من بينها. اعتداء أحد الرياضيين على رئيس القسم الرياضي داخل مبنى «الوطن» في العام 2006، واعتداء على رئيس قسم الشؤون السياسية أمام مبنى الصحيفة في العام 2009، وسرقة وحرق منزل صحافي من «الوطن» بالكامل في 2010، ومحاولة اغتيال مدير التحرير في 2011، وانتهاء بالاعتداء على رئيس قسم التصوير أثناء تأدية مهام عمله في 2012. سجل محزن طويل يحكي الأحداث الرئيسة فقط، دون بقية الأحداث التي لا تذكر وهي طبعاً أكثر.لسنا بحاجة إلى تدخل جهات الضبط الأمني أو القضائي في مثل هذه القضايا، بقدر الحاجة إلى تشديد العقوبات على من يحاول الاعتداء على الصحافيين والإعلاميين بمختلف تخصصاتهم، فمن أمن العقوبة أساء الأدب. دائماً ما يتم الحديث عن ضرورة عدم سجن الصحافيين بسبب آرائهم التي كفلها الدستور، وهو مطلب من مطالب قانون الصحافة الجديد الذي يتوقع أن يتحول إلى قانون الإعلام الشامل. ولكن لا يتم الحديث عن أهمية تشديد العقوبة على من يعتدي على الصحافيين باعتبار مهنتهم غير عادية وتحمل أبعاداً خطرة في كثير من الأوقات. نعرف جيداً أن هناك أعداء للكلمة وحرية الرأي، وهذا لن يدفعنا للخوف أو التراجع عن الدور الوطني الذي نقوم به، بل يزيدنا إصراراً وقدرة على تحمّل المسؤولية بشكل أكبر. ما نطلبه الآن محاسبة من يقف وراء التحريض ضد وسائل الإعلام والصحافة تحديداً في مختلف المنابر الدينية والسياسية. وأعتقد أن مهمة الصحافيين ليست بأقل من الدور الذي يقوم به رجال الأمن عندما تشدد العقوبة لمن يعتدي عليهم، فمن حق الصحافيين أن يحظوا بالحماية أمنياً وقانونياً، ونطالب أيضاً بسجل وطني يوثق كافة الاعتداءات على الصحافيين والإعلاميين. يوسف البنخليلالقبض على 4 إرهابيين رشقوا المواطنين والشرطة بـ «المولوتوف»قال رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن، إن: «رجال الأمن ألقوا القبض أمس على 4 مخربين، استهدفوا شوارع البحرين والمواطنين ورجال الأمن بالمولوتوف وحرق الشوارع بالإطارات، مشيراً إلى أنه جارٍ اتخاذ الإجراءات القانونية تمهيداً لعرضهم على النيابة العامة». وأوضح الحسن أن «عدة مناطق بالمملكة شهدت مساء أمس أعمال شغب وتخريب واستهداف عدة شوارع حيوية منها شارع الملك فيصل، وشارع الشيخ خليفة بن سلمان، وشارع الشيخ عيسى بن سلمان، من خلال إضرام النار بالإطارات بهدف تعطيل الحركة المرورية وترويع الآمنين وتعطيل المصالح العامة والخاصة».
حماية الصحافيين مسؤولية من؟
13 أغسطس 2012