أينما تجد تقاسُم بهجة وتلاقي أيدٍ وتشاطر بسمة، ترى العيد ماثلاً في اقتسام البشر لحظاتهم وأحوالهم وأفراحهم، وفي تآزرهم وتوادّهم وتشاعرهم. ستلقى العيد حيث يعود الإحساس بقيمة التلاقي، وقيمة قرب البشر من بعضهم، لتختلط أنفاسهم وتتلاقي أحلامهم لتظل المشاركة العنوان الأبرز لكل عيد وفرحة وأمل وابتسامة، ليبقى العيد انعكاس حقيقي أصيل لمعاني التلاحم والتشارك.إن ارتباط العيد بقيم المشاركة ينبّهنا لحقيقة عظيمة في أهميتها، هي أن الفرحة والسرور الحقيقي رديف المشاركة والتآزر والتلاحم، إذ لا حبور وسعادة حقيقية ونحن نتمحور حول ذواتنا وحاجاتنا فقط، لا فرحة والبسمة تنبثق من القلب وتبقى دون أن نتشاطر أنسها مع غيرنا، ولا زينة وبهجة تستقر في حياتنا وأيامنا ونحن نبخل أن نقاسمها الآخرين. إذن نحتاج أن نُبقي تلك القيم تزين أرواحنا كما زينت أعيادنا، لتكون أصيلة مستقرة في كياننا ووجودنا كما فعلت في أعيادنا ومناسباتنا. لنحرص على أن نمنحها مساحة تطبيق أعظم ونطاق تفعيل أكبر مما هي عليه في الواقع، لتتعدى العلاقة مع الذين من حولنا ومن نراهم إلى من هم بعيدون عنا لا نراهم في زوايا هذه الأرض، هؤلاء الذين يشاركوننا كوكبنا وعالمنا أخوة لنا في إنسانيتنا وبشريتنا، لنشاطرهم همومهم وآلامهم وقضاياهم، وتحدياتهم وأحلامهم وأمانيهم، ولتتسع دائرة تشاركنا من مجرد شعور وتفاعل، إلى إعانتهم ومساندتهم بشتى ما يمكننا. إن القضايا اليوم والتحديات، كتلك المتعلقة بالفقر والصحة والأمية والبيئة وقضايا المرأة والطفولة والكثير غيرها، كلها تنادي وتطلب أن يتشاطر البشر حملها ويتقاسم الإنسان همّها، ويتشارك الجميع في معالجة وإصلاح ما في وسعهم واستطاعتهم، وكلٌ من مكانه وموقعه وظرفه وقدرته. نعم، تلك هي المعركة الخفية التي نخوضها ضد أنانيتنا، وضد تغافلنا بأننا من أسرة إنسانية يقع على عاتقها واجب والتزام أخلاقي، وهي أن تتماسك وتتّحد في نصرة قضاياها ومواجهة تحدياتها، وتضخّ الحياة من خلال المشاركة والتآزر والتلاحم مع غيرها في عالم تقتله الأَثَرَة وثقافة الاستحواذ. إنها حربنا التي إذا انتصرنا فيها نستطيع أن نعلن أننا أصبحنا بشرًا بحقّ، نهتم ببعضنا ونشعر بغيرنا ونساند ما استطعنا الآخرين، بوصفنا جسدًا إنسانيًا واحدًا إن اشتكى وتداعى منا عضو لم يهنئ أبدًا سائر الجسد. سنصبح أخيرًا بهذه الروح ذواتًا عملاقة وعظيمة، لا يهزمها شيئ ولا يوقفها عائق أو تضعفها صعوبة، لأننا استوعبنا داخلنا كل الإنسانية، وجعلنا من كوكبنا الأرض وطننا وأرضنا. نبارك لكم العيد وكل قيمة عظيمة يمثّلها، وكل إحساس وتشارك وتآزر ، ونهنأكم بكل بسمة بالحب والتراحم تلتقي مع غيرها، وكل يد تصافح الأخرى بالود والمساندة، وكل أمل وأمنية تتعدى الذات لتتسع للآخر مهما بعد ونأى. وكل عام والإنسانية كلها أكثر سعادة وتشارك وأمل وتلاقي. نعيمة رجب جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية
العيد.. فرحة ومشاركة
19 أغسطس 2012