يمتنع أغلب السوريين عن الاحتفال بعيد الفطر هذا العام بسبب الأحداث الدامية التي تعيشها بلادهم منذ 18 شهراً والتي انعكست سلباً على واقعهم الاجتماعي والاقتصادي، فيما فضل بعضهم الاحتفاء بالعيد على طريقته، بينما تغلفت المشاعر بالماسي والفرقة والغربة. وأحجمت ربى وهي مهندسة في الـ 38 من العمر عن قبول التهاني بهذه المناسبة وكتبت في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك «أعتذر من الجميع عن إرسال او استقبال المباركات بالعيد وأدعو الله أن يرحم جميع شهداء الوطن». واتخذ الصراع في سوريا منحىً أكثر عنفاً مع وصول المعارك إلى دمشق ثم الى حلب، المدينتين الأكثر اهمية في البلاد، وذلك في شهر يوليو الماضي الذي كان «الأكثر دموية» في سوريا منذ بداية حركة الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد منتصف مارس 2011. وبالنسبة إلى سوريين آخرين فإن النقاش بينهم يدور حول نمط «الضيافة» الذي سيتبعونه عند قدوم المهنئين بالعيد، فمنهم من أكد أنه لن يشتري الحلوى بينما أكد اخرون انهم سيكتفون بتقديم الشوكولا المرة أو القهوة بدون سكر. وتقول زينب وهي عاملة تنظيفات «كنت أتوقع خروج ابني من المعتقل قبل العيد، أما وأنه ما زال في الداخل فأي عيد سأحتفل به». وتشكو هذه العاملة التي تقطن في مخيم للنازحين من ضيق الحال نظراً لارتباط أجرها اليومي بذهابها إلى العمل والذي حدت الظروف من إمكانيته، وتقول «على كل الأحوال لن يمكنني شراء حاجيات العيد من حلوى وملابس» بسبب ارتفاع اسعارها. وأكدت صحيفة «البعث» الحكومية الأسبوع الماضي أن حركة الشراء تراجعت بمقدار 75% مقارنة بالأعوام السابقة، مشيرة إلى أن حركة الركود التي تشهدها الأسواق أدت إلى تكدس البضائع في المخازن وبكميات كبيرة بسبب ضعف حركة الشراء. ويقول وليد وهو يقف على باب متجره المتخصص ببيع الألبسة النسائية عشية العيد أن «من يرى هذه الجموع الكبيرة وهي تسير في الشوارع هذا المساء سيقول إن أبواب الرزق فتحت». ويشير إلى المتاجر المجاورة له في منطقة الجسر الأبيض التجارية ويقول «انظري إن جميعها فارغة»، مضيفاً «أنه ازدحام مجاني» رغم أن أغلب المحال التجارية اعلنت عن تنزيلات للتخفيف من الكساد والتشجيع على الشراء. ويؤكد تاجر آخر في شارع العابد التجاري وسط العاصمة أن «من معه قرش هذه الأيام يفضل الاحتفاظ به للأيام القادمة بدلاً عن شراء الكماليات»، لافتاً إلى أن المشترين يتوجهون الى البسطات «التي تفترش الارصفة وتبيع باسعار زهيدة». ونظراً للأوضاع الأمنية السائدة في البلاد، اتفقت عدة عائلات على شراء أزهار الآس، التي اعتاد السوريون وضعها على قبور موتاهم بعد زيارتها وتنظيفها في الأعياد، وتكليف شخص واحد بالقيام بهذه المهمة هذا العام، كي لا يثير تجمعهم في المقابر ريبة السلطات. ويقول خالد وهو تاجر «لقد طلبت وجيراني من الناطور شراء الزهور والذهاب بدلاً عنا الى المقبرة لتنظيف المدافن ووضع الزهور عليها خوفاً من اثارة قلق السلطات من تجمعنا كلنا في مكان واحد».ولا تخلو جلسات السوريين عشية العيد من النكات السوداء، وفي هذا سأل أحدهم «من أين علي أن أحصل على الفيزا لزيارة أهلي في إحدى المحافظات لتهنئتهم بالعيد» بعد أن تقطعت اوصال البلد وانتشرت الحواجز على الطرقات. وحتى مصطلحات العيد وأمنياته تغيرت وتلونت بألوان المآسي التي تشهدها البلاد.