كتب – حذيفة يوسف:عام ونصف مضى على الأزمة الأخيرة التي مرت بمملكة البحرين وأصيب خلالها عدد من المواطنين والعديد من رجال الأمن على يد الجماعات الإرهابية المرتبطة والمتدربة خارجياً.وعلى الرغم من مضي ذلك الوقت الطويل إلا أن رجال الأمن ما زالوا يعانون من تأخر القضاء في البت بقضايا الاستهداف المباشر للأرواح سواء عمليات الدهس أم القنابل الحارقة أم الاستهداف بالحجارة والأسياخ الحديد، عمداً بغية القتل وإيقاع الأذى بهم.ويلاحظ المتتبع لسير القضايا في محاكم البحرين وجود تراكم لجميع الدعاوى التي تطول بعضها إلى سنوات، مما يؤدي إلى تعطيل القانون ومصالح الناس، وتمادي الإرهابيين بأعمالهم، ولم يصدر حكم نهائي في أي من تلك القضايا رغم مرور وقت طويل عليها، مما يضع علامات استفهام حول مصير تلك القضايا وإلى أين ستنتهي.ومما يزيد من تأخر إصدار الأحكام الإجازات السنوية الطويلة التي يتمتع بها القضاء، ما دعا فعاليات ونواباً إلى المطالبة مراراً بمراجعة التشريع الخاص بها، وأن يكون القضاة كباقي موظفي الدولة في الإجازات.ويرى مراقبون أن التأجيل المتكرر للنظر في أحكام القضاء وإصدار الأحكام يستدعي أن تكون هناك زيادة في المحاكم والقضاة وإعادة تنظيم شؤون القضاة وترتيبها والهيكلية القائمة التي يتم بموجبها تنظيم عملهم، وتأجيل القضايا إلى هذا الحد لا يتواكب مع دولة متطورة مثل البحرين إذ يجب أن تكون الأحكام القضائية والنظر فيها مواكبة للتطور الحاصل في أجهزة الدولة كافة. ويطالب نواب وحقوقيون بأن لا تكون الأحكام متسرعة، وإنما تصدر بعد مدة معقولة بحيث تصدر جميع الأحكام بعد مدة لا تتجاوز الشهر على أكثر تقدير.ووجه محامون ونواب دعوات عديدة لتخصيص عدد معين من القضايا التي ينظر فيها القاضي الواحد، الأمر الذي سيسرع عمل القضاء، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب الدول التي لها باع طويل في القضاء لتخفيف العبء الحاصل على القضاء البحريني.وبالمقارنة بأحداث لندن في بريطانيا، فإن السلطات هناك أنشأت محاكم مستعجلة عملت على مدار الساعة وأصدرت أحكامها على اكثر من 500 متهم خلال 3 - 4 أيام فقط، بينما أكدت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي أنها تنوي العمل على إلغاء القانون البريطاني لحقوق الإنسان، الذي يعرقل، من وجهة نظرها، مكافحة الإرهاب الدولي والجريمة بفعالية.جريمة الاعتداء على رجال الأمنوتقع جريمة الاعتداء على رجال الأمن ضمن قضايا الإرهاب التي نصت عليها التشريعات البحرينية، والتي يشدد قانونيون على أن القضايا من هذا النوع تحتاج إلى سرعة إصدار الإحكام فيها، إذ أن تأخير الحكم وإطلاق سراح المتهم بكفالة مهما كان نوعها يشكل خطراً على المجتمع البحريني لما قد يسببه من أذى له.ويشدد هؤلاء القانونيون على أن القضايا المتعلقة باستهداف الأرواح والإرهاب لا تحتمل التأجيل، وإن حصل فهو خطأ فادح يجب على القضاء البحريني تجنبه، إذ أن ذلك يكون في صالح المتهم أو المجرم لما يعطيه من دافع معنوي للجرم الذي ارتكبه.وطالب أعضاء في مجلسي الشورى والنواب وسياسيون وحقوقيون بضرورة الإسراع بإصدار الأحكام في القضايا المتعلقة بعمليات إرهابية استهدفت أرواح رجال الأمن، مؤكدين أن التأخير يشمل جميع القضايا الأمر الذي يقتضي إيجاد حل لها.ويرجع برلمانيون وحقوقيون تزايد الاعتداءات الإرهابية على رجال الأمن والدوريات الأمنية، رغم تعديل قانون العقوبات وتغليظ عقوبة الاعتداء على الشرطيين والعسكريين، إلى عدم تطبيق القانون، واستمرار تصاعد الخطابات التحريضية من المنابر الدينية من دون محاسبة أو رقابة، واستمرار المعارضة الراديكالية، وعلى رأسها الوفاق، بانتهاج عنف الشوارع لتنفيذ أجندات خارجية. وحذروا من خلال نداءاتهم التي أطلقوها من أن التباطؤ في إصدار الأحكام يؤدي إلى زيادة العمليات الإرهابية وامتدادها وتغيير نوعياتها، لعدم وجود أي رادع لهؤلاء الإرهابيين، وهو ما يفسر استمرار استهداف رجال الأمن بطرق مختلفة.القانون الجديدووافق مجلس النواب خلال دور الانعقاد الثاني على تعديل قانون العقوبات القاضي بتغليظ عقوبة المعتدي على رجال الأمن أو ذويهم، لتصل إلى 15 عاماً، إلا أن القانون لم يدخل حتى الآن حيز التنفيذ على الرغم من عدم وجود أي إشكالات تحول دون تطبيق القانون كما أكد قانونيون.وشدد التعديل الجديد جريمة الاعتداء على رجال الأمن لتصل للسجن المؤبد في حال أفضى الاعتداء إلى الموت، حيث نصت التعديلات على اعتبار الاعتداء على رجل الأمن جناية وليس جنحة وإن كان فعلاً بسيطاً، وعليه تكون العقوبة مشددة.الجرائم بحق رجال الأمنوبالعودة إلى القضايا المعلقة في المحاكم فهناك عدد منها ما زالت قابعة في الأروقة منذ أكثر من عام ومنها قضية شهيدي الواجب كاشف منظور ومحمد فاروق عبدالصمد التي هزت أرجاء مملكة البحرين نظرا لبشاعتهما، إذ تم دهسهما مرات عديدة وبتعمد أفضى إلى الموت، وأحالت محكمة التمييز قضيتهما المدان فيها 2 بالإعدام و3 بالمؤبد إلى محكمة الاستئناف العليا للفصل فيها من جديد.وتعود تفاصيل القضية إلى أنه وخلال فترة أحداث فبراير مارس 2011 دهس الإرهابيون الشرطيين كاشف منظور ومحمد فاروق عبدالصمد في حادثين منفصلين خلال أدائهما واجب الحفاظ على الأمن، إذ مروا بسياراتهم فوق جسديهما مرات عديدة حتى فارقاً الحياة في منظر بشع تقشعر له الأبدان.ولا تزال قضايا اختطاف الشرطي محمد نايف فلاح المدان فيها 9 بحرينيين والشرطي صالح مشعان مشلح، المُدان فيها 9 متهمين والشرطي سيف الله محمد والمدان فيها 3 بحرينيين في أروقة المحاكم بانتظار الأحكام النهائية أو النطق بالحكم.وحجزت محكمة الاستئناف العليا أمس، قضايا اختطاف الشرطة الأربعة، وقطع لسان المؤذن، إلى جلسة 14 أغسطس الحالي للنطق بالحكم.أما جرائم تفجير العبوات الناسفة التي أدت إلى أصابات بالغة لرجال الأمن سواء تلك التي حدثت في الدراز أو في سترة فلا تزال تلك القضايا قيد التأجيل إما للاستماع للشهود أو لندب محام عن المتهمينولا تختلف كثيراً عنها القضايا المتعلقة بحرق دوريات الشرطة أو الاعتداء عليها بالمولوتوفات أو قذفهم بالحجارة والأسياخ الحديد، إذ لا تزال في المحاكم البحرينية بانتظار النطق بالحكم.وتبقى السلطة القضائية بما لها وما عليها منفصلة ونزيهة ولا تشهد تدخلات من أي جهة كانت، بالإضافة إلى ارتباطها بالسلطة التشريعية بعلاقة تعاون حماية للمجتمع وأمنه من الإرهاب.