قال استشاري أمراض العيون د.حازم عبدالله إن «المياه الزرقاء أو «الجلوكوما» تعتبر من أخطر الأمراض التي تصيب العين، وهي من الأمراض التي تؤثر سلباً على رؤية المريض، حيث يكون الغرض من علاجها هو المحافظة على ما يتبقى من قوة إبصار المريض دونما استعادة لما فقد سلفاً».وأشار د.عبدالله إلى أن «الجلوكوما مرض يصيب عصب العين بالتآكل الناتج عن موت الخلايا الموصلة للإشارة الكهربائية التي يترجمها المخ للرؤية، أو موت الألياف العصبية، مما ينتج عنه تآكل في مجال الإبصار، والذي يكون ممثلاً فيه نشاط كل ليفة عصبية».وأوضح أن «المياه الزرقاء تنتج عن ارتفاع لضغط العين عن المعدل الطبيعي نتيجة لعدم قدرة زاوية العين على تصريف السائل المائي الذي يفرز تلقائياً داخل الخزانة الأمامية للعينين طبقاً للفسيولوجيا الطبيعية للعين، وذلك نتيجة لتغيرات تحدث في زاوية العين نفسها، مثل التصلب الذي يحدث في الشبكية التي تقوم بتصريف السائل المائي أو نتيجة لحدوث ضيق بزاوية العين نفسها».وتطرق د.عبدالله للحديث عن أنواع المياه الزرقاء، مشيراً إلى أنها «أنواع كثيرة منها المياه الزرقاء الخلقية والتي تحدث في الأطفال نتيجة لوجود عيب خلقي في زاوية العين يصعب معه تصريف السائل المائي، مما يسبب ارتفاعاً لضغط العين والذي يؤثر سلباً على عصب العين ويبدأ هذا المرض في الظهور في الأيام أو الشهور الأولى من عمر الطفل، وتكون إما في صورة بسيطة مثل كثرة الدموع يعقبها تضخم في قرنية العين وفقدان لشفافيتها تدريجياً، ويحتاج الطفل في هذه الحالة للتدخل الجراحي السريع لخفض ضغط العين وإنقاذ عصب العين من التلف، لذلك ننصح الأمهات بالإسراع لاستشارة طبيب العيون إذا لاحظت الأم أن عين الطفل كثيرة الإدماع بصورة غير طبيعية، أو أن هناك تغيراً في شفافية قرنية العين أو حجمها»، لافتاً إلى أن «النوع الثاني هو المياه الزرقاء التي تحدث في سن متأخرة غالباً بعد سن الأربعين، وهي نوعان أما الأول منها فهو المياه الزرقاء ذات الزاوية المفتوحة وهو النوع الخطير الذي يعرف بسارق الإبصار، حيث يحدث ارتفاع لضغط العين يؤدي إلى تآكل لعصب العين دون أن يشعر المريض، ويحدث تآكل تدريجي في مجال الإبصار والمريض غالباً لا يشكو إلا عندما يقترب التآكل في مجال الرؤية من الجزء المركزي وفي هذا الوقت تكون الحالة قد تأخرت، ويكون العلاج بالقطرات التي تخفض ضغط العين أو الليزر الانتقائي أو عن طريق الجراحة لعمل فتحة صناعية لتصريف السائل المائي خارج العين حسب استجابة المريض لكل نوع من أنواع العلاج».وقال د.عبدالله «لذلك ننصح كل من هم فوق سن الأربعين بالفحص الدوري عند طبيب العيون المتخصص وخصوصاً الذين لديهم تاريخ مرضى في عائلتهم يشير إلى وجود المياه الزرقاء، خصوصاً مع التقدم الذي حدث في مجال التشخيص المبكر للمياه الزرقاء حيث إنها كانت تشخص عند وجود ارتفاع لضغط العين مع تغير في شكل رأس الصعب البصري ووجود تغيرات في مجال الإبصار، أما الآن فقد أصبح التشخيص المبكر للمياه الزرقاء ممكناً حتى قبل أن يحدث أي تغير في مجال الإبصار مع ظهور الماسح المقطعي للعصب البصري والشبكية «الأشعة المترابطة البصرية» وكذلك ماسح الليزر للعصب البصري، ورسم للشبكية متعددة البؤرات أصبح من الممكن التنبؤ بحدوث المياه الزرقاء قبل أن يطرأ أي تغير على مجال الإبصار».وقال د.عبدالله «هنا يمكن التدخل العلاجي عن طريق الأدوية «القطرات» التي تقوم بتخفيض ضغط العين وخصوصاً مع تطورها حديثاً، حيث ظهرت الكثير من القطرات والتي لها فاعلية أكبر في خفض ضغط العين للمستويات المطلوبة، كما إنها تجنب المريض الكثير من الآثار الجانبية التي كانت تحدثها القطرات قديماً».أما عن الجراحات فيتم اللجوء إلى جراحة المياه الزرقاء عندما تكون الأدوية أو القطرات غير قادرة على خفض ضغط العين للمستوى المطلوب لحماية عصب العين، وتتم عن طريق عمل فتحة صناعية لتصريف السائل المائي للعين للخارج تحت الملتحمة «الغشاء الخارجي للعين».ولفت د.عبدالله إلى أن «هناك تطوراً كبيراً في نتائج هذه الجراحات بعد ظهور الأدوية الحديثة التي تضاف أثناء الجراحة مما يقلل من التليف الذي يحدث في مكان الفتحة الصناعية ويسمح لها بالبقاء في العمل بكفاءة دون حدوث انسداد لها».كما ظهرت حديثاً جراحات المياه الزرقاء غير الثاقبة، وهي تصلح لعلاج الكثير من حالات المياه الزرقاء مفتوحة الزاوية والتي يتم فيها تصريف السائل المائي دون الدخول للخزانة الأمامية للعين مما يجنب المريض بعض الآثار الجانبية التي كانت تنتج عن الجراحات التقليدية، كما يمكن التحكم في ضغط العين بالدرجة المطلوبة.أما النوع الثاني من المياه الزرقاء فهو المياه الزرقاء ذات الزاوية المغلقة، وهي عبارة عن ارتفاع حاد لضغط العين يحدث فجأة نتيجة لحدوث ضيق أو انغلاق في زاوية العين، وهنا يشعر المريض بصداع شديد مع انخفاض حاد في مستوى الرؤية وحدوث زغللة وهالات حول الضوء، وهذا المريض يحتاج للتدخل السريع بالعلاج الدوائي ثم الليزر أو الجراحة لخفض ضغط العين الذي يصل لدرجات عالية جداً تؤثر بالسلب على عصب العين وبسرعة بالغة.