كتبت - زهراء حبيب: قال رئيس وحدة التحقيق القضائية نواف حمزة، إن تقرير الطبيب الشرعي أثبت خلو جثمان "متوفى المحرق” حسام الحداد من أية إصابات رضية أو كدمات، ما يقطع بعدم تعرضه لاعتداء جسدي، وأن المسحات المأخوذة من يدي المتوفى دلت على وجود "الجازولين” وحمله "المولوتوف” لحظة الواقعة. وأضاف في مؤتمر صحافي عُقد أمس، أن النيابة العامة وجهت إلى الشرطي تهمة القتل العمد، ما أنكرها بدوره مبرراً أنه "أطلق عيار الشوزن على المجني عليه للدفاع عن النفس، بعد استمرار الأخير في مهاجمة الدورية رغم إطلاق طلقتين تحذيريتين، وكان بصدد إلقاء عبوة "مولوتوف” من مسافة قريبة جداً مستهدفاً قتله أو إصابته”.وأوضح حمزة أن أفراد القوة التي كانت برفقة المتهم أيّدت أقواله، إذ جاء في مضمون شهادتهم أن المسافة بين المتوفى والمتهم كانت تقل عن 15 متراً لحظة إطلاق "الشوزن”، وأنه كان ممسكاً بعبوة حارقة بيده اليسرى وهي مشتعلة بالفعل موجهاً إياها باتجاه جسد المتهم، وأن إطلاق العيار "الشوزن” باتجاهه حال دون رميها.ونبّه إلى أن النيابة بعد توجيهها الاتهام أخلت سبيل المتهم ومنعته من السفر، ملمحاً إلى إمكانية أن تتخذ النيابة أي إجراء آخر ضد المتهم في حال ظهور مستجدات من شأنها تغيير مجرى التحقيق. لا شكوى من ذوي المتوفي وقال رئيس وحدة التحقيق "رغم التصريحات الصحافية لوالد المتوفى عن تعرض ابنه للاعتداء من قبل مدنيين، لكنه لم يتقدم بأي شكوى بهذا الصدد للنيابة حتى الآن، موضحاً أن الطبيب الشرعي خلُص إلى أن الوفاة نتجت عن طلقة رشية دون أثر لإصابات أو كدمات أو رضوض في جسد المتوفى”، فيما نفى شهود الواقعة اعتداء مدنيين على المجني عليه بالضرب.وسرد حمزة تفاصيل الواقعة أنه في غضون العاشرة من مساء الجمعة 17 أغسطس الحالي 29 رمضان، تلقت النيابة العامة إخطاراً بحدوث حالة وفاة في شارع الخليفة بالمحرق، في أعقاب محاولة تعدي على إحدى دوريات الشرطة.وأضاف أن رئيس وحدة التحقيق الخاصة انتقل بمقدمة فريق من المحققين وبرفقة أعضاء مُختبر البحث الجنائي لمعاينة مسرح الجريمة، حيث تبين أنه شارع تجاري بمنطقة سكنية تضم أسواقاً تجارية مزدحمة بالمتسوقين والعائلات. وقال إن المعاينة أظهرت وجود آثار حريق على دورية للشرطة، وآثار بقع حرائق في أماكن كثيرة من الشارع والمحال التجارية وتضرر سور مطعم بصورة مباشرة والإعلان الخاص به.«المولوتوف» بيد المعتدين ولفت حمزة إلى أن المحققين ومختصي مختبر البحث الجنائي عثروا أثناء معاينة مسرح الجريمة على صندوق بأحد الممرات وبداخله عدد كبير من عبوات "المولوتوف” الحارقة ودرعين مُخصصين لصد المقذوفات، وتحفظوا عليها. وقال حمزة إن معاينة جثمان المتوفى أظهرت أنه بمنتصف العقد الثاني من العمر ومقيم بذات المنطقة، ووجدت بجسده آثار إصابات رشية في الجانب الأيمن من الجسد بمنطقة الصدر والظهر واليد اليمنى، ونزيف محدود من الفم باتجاه الجانب الأيمن من الوجه.وأضاف أن المعاينة الظاهرية أثبتت عدم وجود أية إصابات بعموم جسد المتوفى، فيما انتدبت وحدة التحقيق الخاصة الطبيب الشرعي لتوقيع الفحص الشامل. شهود عيان يروون الواقعةونبّه حمزة إلى أن وحدة التحقيق الخاصة سألت 6 شهود من الموجودين بمسرح الحادثة، واستدعتهم لمقر النيابة العامة وسألتهم في نفس الليلة، حيث شهدوا جميعاً أن مجموعة أشخاص يتراوح عددهم بين 25 و30 هاجموا دورية الشرطة الموجودة بالمكان، وألقوا عدداً كبيراً من عبوات "المولوتوف” الحارقة على الدورية وأحدثوا أضراراً بها، إضافة إلى بعض المحال والسيارات المارة والمتوقفة، وأن الاعتداء استمر لدقائق، ولم يتمكن أي منهم من تحديد هوية المخربين، أو مشاهدة واقعة إصابة المتوفى لحظة حدوثها، نظراً لحالة فوضى ورعب عمت المنطقة برمتها، لوجود عائلات كثيرة كانت تتسوق استعداداً لعيد الفطر المبارك.طلقات التحذير لم تُجدِ نفعاًوقال حمزة إن وحدة التحقيق الخاصة استدعت كافة أفراد الدورية التي تعرضت للاعتداء، وأكدوا جميعاً أن أحد أفراد الدورية كان واقفاً خارجها لمراقبة الحالة الأمنية، وفوجئ في غضون التاسعة والنصف مساءً بهجوم عدد كبير من الأشخاص ـ ما بين 25 و30 ـ على الدورية مستخدمين عبوات "المولوتوف” الحارقة التي تطايرت في كافة الأنحاء محدثة أضراراً بالدورية والممتلكات العامة والخاصة، وخرج عندها جميع أفراد الدورية وأطلق اثنان منهم طلقتين تحذيريتين، إلا أن المخربين استمروا في اعتدائهم ما شكل خطراً جسيماً على المارة والعائلات الموجودة بالمكان. ونوه إلى أن المتوفى كان ملثماً وشرع في إلقاء عبوة حارقة مشتعلة مُستهدفاً أحد أفراد القوة كان على مقربة منه مباشرة، فأطلق المتهم طلقة واحدة من نوع "الشوزن” في اتجاه المجني عليه، وأحدث به إصابة في الجانب الأيمن من الجسد واليد اليمنى. تطابق الرواياتوأضاف أن تقرير الطب الشرعي جاء متفقاً مع رواية المتهم وكافة الشهود، من أن الإصابة النارية الرشية أحدثت إصابات بالخصر الأيمن للمتوفى، وكان اتجاه الإطلاق أساساً من جهة يمين المتوفى وأصابته بعض الرشات بالظهر أثناء استدارته جهة اليسار، وأن سبب الوفاة اختراق الرشات للخصر الأيمن وأحدثت تهتكات بالرئة اليمنى والكبد، صاحبها نزيف داخلي بالصدر والبطن، فيما أكد تقرير الطب الشرعي خلو الجثمان من أي إصابات أخرى سواء كانت رضية أو غير رضية أو أي كدمات أو تجمعات دموية أخرى، ما يقطع بعدم تعرضه لأي اعتداء بدني قبل أو بعد حدوث الإصابة. وقال إن تقرير المختبر الجنائي أظهرت أن المَسحات المأخوذة من اليد اليمنى واليسرى للمتوفى كانت جميعها موجبة للجازولين "البترول”، وهذا ما أكدته الرواية الواردة بأقوال جميع شهود الواقعة، و«تبين أيضاً من فحص الزجاجات المضبوطة داخل صندوق بأحد الممرات الملاصقة، احتوائها جميعاً على مادة الجازولين”. وأردف حمزة "بعد إجراء التحقيقات وسماع شهود الواقعة، وجهت النيابة العامة إلى المتهم تهمة القتل العمد فأنكرها، معللاً إطلاق عيار الشوزن على المجني عليه، أن الأخير استمر في مهاجمة الدورية بعد إطلاق طلقتين تحذيريتين، وأنهُ كان بصدد إلقاء عبوة مولوتوف حارقة عليه من مسافة قريبة جداً مستهدفاً قتله أو إصابته فاضطر للدفاع عن نفسه”.وتابع "باقي أفراد القوة أيّدوا تعرض الدورية لهجوم، حيث شهدوا أن المسافة بين المتوفى والمتهم كانت تقل عن 15 متراً، وأنه كان ممسكاً بالعبوة الحارقة بيده اليسرى وهي مشتعلة فعلاً، موجهاً إياها باتجاه جسد المتهم، وأن إطلاق "الشوزن” باتجاهه حال دون رميها صوب جسد المتهم”.تنفيذ توصيات «التقصي»وأوضح رئيس وحدة التحقيق الخاصة أن الشرطة القضائية حققت في شقين بالواقعة الأول وفاة حسام الحداد، والثانية إلقاء "المولوتوف” على رجال الأمن.ولفت إلى أن الشرطة القضائية باب جديد استحدث بناءً على توصيات لجنة تقصي الحقائق، وهي تابعة لوحدة التحقيق الخاصة وتقع تحت مظلته، ينتدب فيها عدد من الضباط وأفراد الشرطة وتناط بهم مهمة جمع المعلومات والتحريات عن الواقعة، وتنفيذ جميع القرارات الخاصة بالوحدة الخاصة. وقال إن وحدة التحقيق الخاصة طلبت تحريات الشرطة القضائية حول الواقعة وصولاً لجميع ظروفها وملابساتها، ومازالت التحريات مستمرة في ذلك الشأن. وأكد حمزة أن التحقيقات مازالت جارية، وأن النيابة العامة حريصة للوصول إلى الحقيقة كاملة، وتصدر قرارها النهائي بعد اكتمال التحقيقات.وعرض مجموعة من الصور للأضرار التي لحقت بالمكان وبعض المحال التجارية وأحد المنازل، وتسجيل فيديو للواقعة تبين الاعتداء وإزالة أحد المواطنين عبوات "المولوتوف” من على سيارته.من جهتها، قالت مصادر قانونية لـ«الوطن” إن توجيه النيابة العامة تهمة القتل العمد للشرطي يؤكد توافر كافة شروط الدفاع الشرعي كسبب من أسباب الإباحة وهو إجراء اعتيادي تقوم به النيابة إثر انتهاء تحقيقاتها في القضية نفسها، ما يشير إلى سلامة موقف رجل الأمن ولا مسؤولية جنائية عليه، وخير دليل على ذلك إخلاء سبيله، فمن غير المتصور أن تخلي النيابة سبيل قاتل تحت أي ظرف إلا إذا توافر لديه ظروف تخلي مسؤوليته.