"قرة العين”.. يقولها المزارع المسن علي العربي وهو يتجول بين شجيرات الفل المثمرة بزهور ذات رائحة عطرية داخل مزرعته الواقعة في منطقة الحسيني، على بعد 3 كيلومترات من مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، أشهر المناطق في زراعة الفل وتجارته جنوب اليمن. يقول العربي إن هذه المزرعة ورثها عن آبائه وأجداده، وتغنى بجمالها الشاعر والفنان أحمد القمندان في خمسينيات القرن الماضي، وفقاً لتقرير بثه موقع "الجزيرة نت”.ويحكى أن أول من جلب شجرة الفل إلى لحج هو الأمير أحمد فضل القمندان. ويتميز الفل اللحجي عن غيره بورقته الكبيرة ولونه الناصح البياض ورائحته العطرة، والفل ليست له بذور بل تغرس عيدانه وتطرح مواسمه في الصيف. وينبه العربي إلى أن زراعة الفل ليست عملية سهلة، وأن بيع الفل كان يحظى برواج كبير في السابق، بينما يعتمد الآن بدرجة كبيرة على مواسم الأعراس. ويقول إن المزارعين يحصلون في هذا الموسم على المال مقابل بيعهم حصادهم من زهرات الفل -التي تستخدم بكثرة في الأعراس والمناسبات والأعياد- التي أصبحت تقليدا معروفا في كثير من مناطق اليمن.وحول المشاكل التي تواجه المزارعين، قال العربي "لا نستطيع أن نحصل على المال الكافي من بيع زهرات الفل عندما لا تكون هناك أعراس في موسم الصيف الذي تكون فيه وفرة إنتاج الفل”.وأشار إلى أن ما يجنيه من بيع زهرات الفل يكاد لا يفي بمتطلبات منزله ومصروفات أسرته اليومية، فضلاً عما يقوم بدفعه للنسوة اللاتي يستعين بهن لجني ثمرات الفل. ويدفع لكل واحدة منهن ما يعادل دولاراً في اليوم، وتصل أعداد النسوة أحياناً إلى أكثر من 10 نساء. كما إن شجرة الفل إذا أصيبت بالآفات فقد يضطره ذلك لشراء المبيدات اللازمة. ويزداد إنتاج الفل باليمن في فصل الصيف الذي يعد موسم الأفراح، حيث يشهد السوق إقبالاً كبيراً على شراء عقود الفل، في حين يقل الإنتاج في فصل الشتاء وتكون أثمانه مرتفعة. وتعد مدينة عدن التي تبعد عن محافظة لحج قرابة 23 كيلومتراً من أهم الأسواق التجارية لبيع الفل اللحجي. ويقوم بائعو الفل بخرز حباته وصنع قلائد منه ذات أحجام كبيرة يسمى باللهجة العامية "الجُرز” تستخدمه النساء في يوم الزفاف، حيث يصل سعر القلادة الواحدة أحياناً إلى قرابة 30 دولاراً، بينما تباع القلائد الصغيرة الحجم بأقل من 5 دولارات. ويصطف عدد من الشباب العاطلين عن العمل على قارعة الطريق العامة الرابطة بين محافظتيْ عدن وتعز وفي أيديهم عقود من الفل، حيث يقومون بعرضها للبيع على المسافرين والسيارات المارة مقابل أثمان ليست كبيرة.