تحت أشعة الشمس الحارقة، يقف حريز المري بفخر على ضفاف خليج دبي أمام هيكل خشبي ضخم هو "أكبر سفينة عربية تقليدية تبنى في التاريخ”، بينما تلوح في الأفق ناطحات السحاب.جسم السفينة الخشبية، أو الداو، مذهل بمقاساته. آلاف القطع من الأخشاب الهندية والباكستانية والماليزية المقوسة والمثبتة بـ 120 ألف خابور معدني، باتت جاهزة تقريباً للنزول إلى البحر.وقال حريز بن طوق المري الذي يبني هذه السفينة مع شقيقه صلاح منذ 5 سنوات ومعهما 13 عاملاً فقط، "لقد انتهت هذه الصناعة تقريباً في دول الخليج”.إلا أن ذلك لم يثنِ حريز الذي يعمل، وللمفارقة، في مجال الطيران، من استثمار 2.2 مليون دولار في بناء هذه السفينة تخليداً لتقليد يتوارثه من عائلته بفرعيها لجهة الأب والأم.وقال "جدي لأمي كان صانع سفن أما جدي لأبي فكان قائد أسطول سفن الغوص لصيد اللؤلؤ. كان يقود أسطولاً يصل إلى 150 سفينة”.وقبل ظهور زراعة اللؤلؤ في اليابان مطلع القرن الماضي، كان بحارة الخليج، وخصوصاً بحارة مشيخات شاطئ عمان المتصالح التي شكلت منذ عام 1971 دولة الإمارات العربية المتحدة، يمخرون بسفن الداو الصغيرة عباب البحر للغوص بحثاً عن محارات اللؤلؤ. وطوال قرون، سارت هذه السفن التقليدية بين الخليج والهند والقرن الأفريقي واليمن حاملة البضائع والعود والبخور والبهارات واللؤلؤ. ويتميز الداو العربي التقليدي بأنه أصغر حجماً وأسرع من الداو الهندي الذي غالباً ما يكون مصمماً مع زيادة الطول والتخفيف من العرض، وذلك بهدف المساعدة على الثبات في المحيط.وعن سفينته التي يطلق عليها اسم "فزاع” تيمناً بلقب ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد الذي يرعى المشروع، قال حريز "إنها متميزة”.وتصل القدرة الاستيعابية للسفينة إلى 2500 طن من الحمولة، ويبلغ طولها 180 قدماً وعرضها ستين قدماً، أما الارتفاع، فهو يوازي أربعة طوابق من البناء. وسيتم إنزال السفينة إلى الماء في أكتوبر المقبل لاستكمال بناء الأجزاء الخاصة بسكن البحارة، ثم سترفع مجدداً إلى حوض جاف لتركيب المحركين.