كتبت – إيمان الخاجة:لم يترك الإعاقة تعيقه عن تحقيق ذاته ومواصلة حياته، فكانت والدته -رحمها الله- دائماً ما تكرر على مسامعه جملة "لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس” ودائماً ما تنصحه بأن يجرب بنفسه ويتعلم ويخوض التجارب، حتى تمكن من تحقيق العديد من البطولات وفاز بجائزة أفضل ممثل في مسرحية "سلام جابر” رغم أنها التجربة المسرحية الأولى له، إنه محمد دراج.تربى محمد مع 2 من الإخوة ضعاف البصر، يوسف وخالد اللذان يكبرانه سناً، كانا من هواة لعب كرة الهدف الخاصة بالمكفوفين، وفي أواخر الثمانينات حضر التدريبات معهما حتى استهوته هذه الرياضة وتعلق بها، فبدأ المشاركة فيها بعض الشيء وحضور التمارين، حتى استمر في اللعب مع الوقت على الصعيد المحلي وزادت مشاركته ودخل المنتخب البحريني. ومع بداية عام 2000 تحولت مشاركاته إلى دول الخليج العربي للمشاركة في بطولة كرة الهدف التي تقام كل سنتين في إحدى الدول الخليجية، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل بدأت تجربة كرة تنس الطاولة للمكفوفين وأصبح يمارسها مع الوقت ويشارك في بطولات محلية مع المكفوفين. بطولات ونجاحاتحصد دراج على عدد من الكؤوس والميداليات؛ حيث فاز بالمركز الأول في بطولة التنس، بجائزة أفضل هداف عام 2000 و2002، بالإضافة لإنجازاته السابقة في مجال ألعاب القوى والجري والرمي قبل أن يتجه إلى كرة الهدف والتنس، حيث تعلق قلبه بكرة الهدف بشكل كبير لأنها الرياضة القريبة جداً من المكفوفين، كونه يعشق الرياضة، فسخر عمله الاجتماعي والتطوعي في هذا المجال، وهو حالياً عضو إداري باللجنة الرياضية في جمعية الصداقة للمكفوفين.خاض دراج تجربة فنية جميلة لم يكن يتوقعها، فهو لم يكتشف يوماً هذا الإحساس بالفن في نفسه، لكن بعد مشاركته في مسرحية سلام جابر تعلق بالتمثيل بشكل كبير، يقول: توجهت للفن مع المخرج عبدالرحمن بوجيري، الذي استطاع إبراز مهاراتي وطاقتي في هذا المجال الذي لم أعلمه إلا مع التدريبات والجهود التي بذلناها، وعندما وصلنا للشارقة تفاجأت بتتويجي أفضل ممثل في المسرحية وعلى مستوى الخليج. المرحلة التعليميةوعلى صعيد الدراسة كان دراج من طلاب المعهد البحريني السعودي للمكفوفي وتخرج من المرحلة الإعدادية فيها، بعدها دخل إلى المدرسة الثانوية قسم الدمج، لكنه لم يستطع أن يكمل الصف الثالث ثانوي لصعوبة الدمج حينها رغم محاولاته، حيث يجد أن تلك الفترة في مرحلة الدمج كانت في أسوأ حالاتها، ولم يكن المدرسون آنذاك على علم ودراية بكيفية التعامل مع المكفوفين، لكن والدته -رحمها الله- كانت دائماً تشجعه على المحاولة وخوض التجربة وعدم الاستسلام لكلام الناس، وبالرغم من ذلك تمكن من الوصول للصف الثاني ثانوي وها هو الآن موظف بدالة في وزارة الداخلية قسم المرور منذ 10 سنوات، والحمدلله راض عن وظيفته ومرتاح فيها ويلاقي كل الاحترام والتقدير من المسؤولين والموظفين، كما إنه يجد المساعدة عند حاجته لها ولا يفكر في تغيير وظيفته. بين الناسيعيش محمد حياة اجتماعية سعيدة، حيث يجد المعاملة الطيبة والحانية من أهله وأصدقائه الذين لم يشعروه أبداً بأنه كفيف، بل دائما ما يتعاملون معه على أنه شخص ليس من ذوي الإعاقة وأنه سليم، ولديه عدد كبير من الأصدقاء والجيران الذين يزورونه ويزورهم، وهو متزوج ومرتاح مع زوجته، بل لا يعرف كيف يكافئها ويجزيها على ما تقوم به، ولديه بنت تبلغ من العمر 7 سنوات متفوقة في دراستها، وولد عمره 4 سنوات. ويعتقد دراج أن أكثر الصعوبات التي تواجه الكفيف والمعاق في حياته هي عدم الوعي والانتباه لظروفهم وعدم تقدير وضعهم، فهم في حاجة إلى الالتفات لهم في مثل هذه الأمور وتقديم طلباتهم. مشيراً إلى أن الإعاقة لا تؤثر على الإنسان وحياته، بل يجب على المعاق خاصةً الإصرار على تحقيق أحلامه وعدم التخاذل عنها. كما طالب الجهات المعنية بالاهتمام بالمعاق وتنمية قدراته وطاقاته فربما كانت لديه طاقات دفينة ليست متوفرة عند غيره من الأسوياء.]