قال وزير العدل جميل حميدان إن هناك عدة أسباب جوهرية دعت البحرين إلى وضع قانون العمل الجديد، الذي بدأ سريانه مع بداية سبتمبر الجاري، لتنظيم العلاقة بين العمال وأصحاب الأعمال في القطاع الخاص، بينها التطورات في سوق العمل، الثغرات التشريعية في القانون السابق مثل المفاوضات الجماعية، وعقود العمل الجماعية، وتحديد التعويضات المستحقة للعمال.وأضاف وزير العدل في تصريح استعرض به أهم مزايا وملامح قانون العمل الجديد أن "قانون العمل الجديد في القطاع الأهلي يعد أحد التشريعات الهامة التي تنظم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، وهذه العلاقة لها تأثيرات عديدة على المجتمع، ومن ثم فإن التوازن الاقتصادي والاجتماعي الذي يحققه هذا التشريع يساهم بلا شك في استقرار سوق العمل، ما يساعد في تقدم ونماء الاقتصاد الوطني، ولهذا فقد حرصت مملكة البحرين، ممثلة بوزارة العمل على إعطاء الأولوية لتطوير هذا التشريع باعتباره أحد الآليات الهامة التي تسهم في توظيف العمالة الوطنية، مما يعنى المساعدة في حل مشكلة البطالة أو التخفيف من حدتها.أشار إلى أن "الأول من سبتمبر 2012 يعد علامة فارقة في التشريع العمالي البحريني، فهو اليوم الذي بدأ فيه سريان قانون العمل الجديد والذي تفضل بإصداره حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، بموجب القانون رقم (36) لسنة 2012، وبذلك تطوي مملكة البحرين مسيرة نحو 36 عاماً من العمل بالقانون السابق الصادر بالمرسوم بقانون رقم (23) لسنة1976 وتعديلاته”.وحول الأسباب التي حدت بالحكومة وضع قانون عمل جديد، قال إن قانون العمل في القطاع الأهلي الصادر بالمرسوم بقانون رقم (23) لسنة 1976 وتعديلاته، قد صدر قبل ما يربوعلى خمسة وثلاثين عاماً، شهدت علاقات العمل خلالها العديد من التطورات سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي، الأمر الذي استدعى إعادة النظر في هذا القانون لمسايرة التطورات التي طرأت على علاقات العمل خلال تلك الحقبة الزمنية.وأضاف وزير العمل أن قانون العمل السابق وتعديلاته، توجد به العديد من الثغرات التشريعية، من حيث عدم معالجة العديد من الموضوعات التي أصبحت تمثل أهمية كبيرة للعمال وأصحاب الأعمال مثل المفاوضات الجماعية، وعقود العمل الجماعية، وتحديد التعويضات المستحقة للعمال عند قيام أصحاب الأعمال بفصلهم بدون مسوغ قانوني، الأمر الذي يحد من الدعاوى العمالية التي ترفع أمام القضاء، فضلاً عن وضع نظام للتقاضي في الدعاوى العمالية يساهم في سرعه الفصل فيها.واشار إلى أن القانون رقم (23) لسنة 1976، وضع في فترة زمنية لم تكن فيها مملكة البحرين قد صدقت على اتفاقيات دولية أو عربية متعلقة بالعمل، مما جعل العديد من المزايا والحقوق الواردة بهذا القانون بعيدة إلى حد كبير عن مستويات العمل الدولية والعربية، ويكفي الإشارة إلى أحكام تشغيل الأحداث والنساء والعديد من الحقوق العمالية الأخرى التي لا يتسع المجال لذكرها. وأكد أن القانون الجديد ينظم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل في القطاع الخاص على نحو يتماشى مع معايير العمل الدولية والعربية، مما يساعد على إيجاد علاقات عمل متوازنة، وهو ما يؤدى في نهاية المطاف إلى تحقيق استقرار سوق العمل بمملكة البحرين.وحول أهم المزايا والحقوق في القانون، قال وزير العمل إنه تضمن مزايا وحقوق مستحدثة تمشياً مع معايير العمل الدولية، ومراعاة للتطورات الجديدة التي طرأت على سوق العمل بمملكة البحرين، سوف نعرض لأهم المزايا والحقوق المستحدثة التي تضمنها القانون في النقاط التالية:- تحديد التعويض المستحق للعامل إذا قام صاحب العمل بإنهاء العقد بدون مسوغ قانوني، وذلك منعاً للمنازعات بين الطرفين، وتقليلاً للدعاوى العمالية التي ترفع أمام القضاء.- النص على حق صاحب العمل في إنهاء العقد إذا بلغ العامل سن الستين، وذلك تمشياً مع المعمول به في أنظمة الخدمة المدنية وقانون التأمين الاجتماعي، في حين أن القانون السابق لم يتضمن هذا الحكم. - استحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة عند انتهاء علاقة العمل لأي سبب، بحيث تكون نصف شهر عن السنوات الثلاث الأولى، وشهر عن كل سنة من السنوات التالية، في حين أن القانون الحالي يخفض مقدار المكافأة إذا استقال العامل، بحيث يحصل على ثلث المكافأة إذا كانت خدمته لدى صاحب العمل لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات. - التقريب بين المزايا الواردة في هذا القانون وتلك الواردة في قانون الخدمة المدنية، مما يساعد على تشجيع العمالة الوطنية على الانخراط في العمل في القطاع الخاص، حيث ما زال هذا القطاع يعاني من عدم إقبال العمالة الوطنية عليه بالشكل المطلوب لمحدودية المزايا الواردة بقانون العمل السابق مقارنة بالمزايا المقررة في أنظمة الخدمة المدنية. - رفع مقدار إجازة الوضع إلى 60 يوماً مدفوعة الأجر بدلاً من 45 يوماً في القانون السابق. - السماح للمرأة العاملة بالحصول على إجازة بدون أجر لرعاية طفلها الذي لم يتجاوز ست سنوات بحد أقصى ستة أشهر في المرة الواحدة ثلاث مرات طوال مدة خدمتها، وهذه الإجازة مستحدثة لم تكن موجودة في القانون السابق، وذلك تمشياً مع معايير العمل الدولية المقررة في هذا الشأن.- السماح بتشغيل النساء نهاراً أو ليلاً والاستثناء عدم تشغيلهن ليلاً في بعض المهن، وذلك تمشياً مع معايير العمل الدولية التي تحظر التفرقة بين الرجل والمرأة في هذا المجال، في حين أن القانون السابق كان يحظر تشغيل المرأة العاملة ليلاً والاستثناء تشغيلها في بعض المهن والوظائف التي تم تحديدها بقرار وزاري.- استحقاق العامل إجازة سنوية بمقدار 30 يوماً متى أمضى في خدمة صاحب العمل سنة على الأقل، في حين أن القانون السابق يحددها بـ21 يوماً إذا كانت خدمة العامل أقل من خمس سنوات، بـ 28 يوماً إذا زادت مدة الخدمة على ذلك، وبهذا يكون القانون قد وحد الإجازة السنوية المقررة في القطاع الخاص وبين تلك المقررة للخاضعين لأنظمة الخدمة المدنية.- إجازة عارضة لمدة لا تتجاوز ستة أيام خلال السنة الواحدة وبحد أقصى يومان في المرة الواحدة على أن تخصم من إجازة العامل السنوية المقررة، وذلك لمواجهة بعض الظروف الطارئة التي تحول دون إخطار صاحب العمل مقدماً بقيام العامل بهذه الإجازة، وهذه الإجازة مستحدثة لم تكن موجودة من قبل.- تحديد إجازة عدة الوفاة لتكون شهراً بأجر كامل وثلاثة أشهر و10 أيام تخصم من رصيد الإجازات السنوية للعاملة أو بدون راتب إذا لم يكن لها رصيد من هذه الإجازات، وهذه الإجازة مستحدثة أسوة بالعاملات في القطاع الحكومي، وإعمالاً للحكم الشرعي في هذا الشأن.- رفع رصيد الإجازات المرضية إلى 240 يوماً طوال مدة الخدمة أسوة بموظفي الحكومة، في حين أن رصيد الإجازات المرضية في القانون السابق 182 يوماً.- رفع مقدار الإجازة المرضية بحيث تصبح 15 يوماً بأجر كامل و20 يوماً بنصف أجر و20 يوماً بدون أجر، في حين أن القانون السابق يجعلها 15 يوماً بأجر و15 يوماً بنصف أجر، و15 يوماً بدون أجر.- حق العامل في الحصول على نصف الأجر إذا حضر إلى مقر العمل وحالت بينه وبين أداء العمل أسباب قهرية خارجة عن إرادة صاحب العمل، وهذا الحكم مستحدث لضمان جزء من الأجر للعامل يساهم في توفير نفقات معيشته اليومية.- استحقاق العمال الذين يعملون بنظام النوبات الليلية ونظام الحجز الوظيفي علاوة إضافية على الراتب الأساسي، وهذا الحكم مستحدث لمراعاة طبيعة عمل هذه الفئة.* إلزام العامل بعدم منافسة صاحب العمل بعد ترك العمل لديه، وذلك على نحو يحفظ حقوق الطرفين، في حين أن القانون السابق جاء خلواً من نص ينظم هذه المسألة، وكان يحتكم للقانون المدني في هذا الشأن.* النص على العقوبات التأديبية التي توقع على العامل إذا ارتكب مخالفة تأديبية معاقب عليها في لائحة الجزاءات المعتمدة، وذلك على غرار الجزاءات التأديبية الواردة في قانون الخدمة المدنية، وذلك للتقريب بين القطاعين، بعكس القانون السابق الذي تضمن عقوبات تأديبية تختلف جوهرياً مع تلك المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية.* اعتبار العقد غير محدد المدة إذا أبرم لأكثر من خمس سنوات، أو زادت مدته الأصلية والمجددة على خمس سنوات أو الاستمرار في تنفيذ العمل بعد انتهاء مدته دون الاتفاق الصريح على التجديد.* رفع سن الحدث من 14 سنة في القانون السابق إلى 15 سنة تمشياً مع معايير العمل الدولية وتصديق مملكة البحرين على اتفاقية الطفل لعام 1989 الصادرة عن الأمم المتحدة.* حظر التميز في الأجور لمجرد اختلاف الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، وهذا الحكم مستحدث، وذلك تمشياً مع معايير العمل الدولية وسيما الاتفاقية الدولية رقم (111) لسنة 1958 بشأن حظر التمييز في الاستخدام والمهنة التي صادقت عليها مملكة البحرين عام 2000.* النص على طريقة جديدة لتسوية منازعات العمل الفردية، حيث يقوم الجهاز الذي يشكل في وزارة العمل بتسوية هذه المنازعات الفردية بموافقة العمال وأصحاب العمل، وذلك قبل اللجوء إلى القضاء، وفي حال تعذر التسوية الودية يترك الأمر للعامل وصاحب العمل في تقرير اللجوء إلى القضاء من عدمه، وذلك تمشياً مع حق التقاضي المكفول دستورياً، في حين أن القانون السابق يجعل قبول الدعوى العمالية أمام القضاء مرهوناً بتقديم شكوى عمالية أولاً إلى وزارة العمل.* إنشاء نظام قاضي الدعوى العمالية الذي ترفع إليه الدعوى العمالية، حيث يجهزها ويفصل فيها صلحاً خلال شهرين، وفي حالة تعذر الصلح بين الطرفين، يحيل الدعوى إلى المحكمة الكبرى المدنية للفصل فيها بحكم ملزم للطرفين خلال شهر من إحالة الدعوى إليها، الأمر الذي يساعد على سرعة الفصل في الدعاوى العمالية، ويعالج بطء التقاضي في هذه الدعاوى.* وضع نظام قانوني متكامل مستحدث للمفاوضات الجماعية التي تجرى بين العمال وأصحاب العمل، الأمر الذي يساهم في نشر وتدعيم السلام الاجتماعي في علاقات العمل.* وضع نظام قانوني متكامل لعقود العمل الجماعية التي تأتي ثمرة للمفاوضات الجماعية التي تتم بين العمال وصاحب العمل، وفي الغالب تتضمن هذه العقود الجماعية شروطاً أفضل للعمال من تلك التي يقررها القانون والأنظمة المطبقة.- تنشأ وحدة إدارية بوزارة العمل تختص بشئون المفاوضات الجماعية ومراقبة تنفيذ عقود العمال الجماعية وذلك لضمان نجاح المفاوضات الجماعية وعقود العمل الجماعية التي تبرم بين العمال وأصحاب العمل.- يتم إعادة تنظيم هيئة التحكيم في منازعات العمل الجماعية بشكل متكامل، وذلك لضمان قيام هذه الهيئة بمهامها المنوطة بها على أكمل وجه في تسوية منازعات العمل الجماعية التي تحدث بين صاحب العمل وعماله أو جزء منهم.- رفع مقدار مدة بطلان تنازل العامل عن بعض حقوقه المقررة بعد انتهاء علاقة العمل من شهر في القانون السابق إلى ثلاثة أشهر، مما يضمن للعامل الحصول على كافة حقوقه غير منقوصة حتى ولو تم التنازل خلال الثلاثة أشهر التالية لانتهاء علاقة العمل.- سد الثغرات التشريعية الموجودة في قانون العمل في القطاع الأهلي الصادر بالمرسوم بقانون رقم (23) لسنة 976 وتعديلاته مثل المفاوضات الجماعية وعقود العمل الجماعية، وتسوية منازعات العمل الجماعية والفردية التي تنشأ بين العمال وأصحاب العمل.- إن إصدار هذا القانون يساهم في تفعيل معايير العمل الدولية والعربية سواء تلك الاتفاقيات التي صادقت عليها مملكة البحرين أو لم تصادق عليها، الأمر يجعل القانون أكثر توازناً وتحقيقاً للعدالة بين العمال وأصحاب العمل.- إن إصدار هذا القانون سيساعد في تهيئة مناخ الاستثمار في مملكة البحرين، مما يؤدى إلى خلق المزيد من فرص العمل الأمر الذي يساهم في حل مشكلة البطالة أو التخفيف منها، ويكفي الإشارة إلى أن القانون الجديد يتضمن تحديداً للتعويض في حالة الفصل من جانب صاحب العمل، مما يساهم في منع نشوء منازعات العمل الفردية والجماعية بين العمال وأصحاب العمل، مما يساهم في نهاية المطاف في تحقيق استقرار سوق العمل في مملكة البحرين.- تطوير اشتراطات السلامة والصحة المهنية في المنشآت، مما يساهم في توفير بيئة العمل المناسبة التي تكون جاذبة للعمالة الوطنية.- تشديد العقوبات الجنائية لمنع أصحاب العمل من مخالفة أحكام هذا القانون، مما يضمن حصول العمال على حقوقهم المقررة قانوناً.- إعادة تشكيل التفتيش العمالي والسلامة والصحة المهنية على نحو يضمن مراقبة الوزارة لأصحاب العمل لحملهم على الالتزام بأحكام هذا القانون.- تمت إعادة النظر في النصوص المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية، وذلك لتفعيل دور مفتشي الوزارة في مراقبة التزام أصحاب العمل بأمور السلامة والصحة المهنية حفاظاً على صحة العمال ومنع تعرضهم لمخاطر العمل، حيث يتم إعادة النظر في تشكيل جهاز السلامة والصحة المهنية بالوزارة لضمان تطبيق المهام المكلفين بها، بالإضافة إلى تشكيل مجلس أعلى للسلامة المهنية يمثل فيه جميع الجهات المعنية مهمته رسم وتنفيذ السياسة العامة في مجال السلامة والصحة المهنية وبيئة العمل.- تم النص على إلزام صاحب العمل بتوفير الرعاية الصحية الأساسية لعماله بصرف النظر عن عددهم بعكس القانون الحالي الذي يقصر هذا الالتزام على صاحب العمل الذي يشغل 50 عاملاً فأكثر. وخلص وزير العمل إلى أن المتخصصين في مجال القانون العمالي يرون في قانون العمل الجديد نقلة نوعية في مجال التشريع العمالي، وإضافة أخرى من شأنها أن تعزز دولة القانون والمؤسسات في مملكة البحرين، كما أنه سيسهم بلا شك في تنمية وتطوير القطاع الخاص، فالقوانين والتشريعات المتطورة إنما تزدهر في المجتمعات المتقدمة وتؤسس لعلاقات منظمة بين طرفي العلاقة الإنتاجية في البلاد.
حميدان: قانون العمل الجديد تجاوز ثغرات تشريعية وأمّن حقوق العامل
09 سبتمبر 2012