أمورٌ تشتبه على كثير من المسلمين، أهي من الحلال أم من الحرام؟ ويخفى حكمها على العديد منهم، كسائر أنواع التعاملات المالية الحديثة اليوم والتي غلفت بمسميات شرعية، أو بعض أحكام المسابقات وهي في حقيقة أمرها من المباحات، أو بعض المنكرات في الأفراح والمناسبات، ويتساءل البعض من الموقف منها؟!.يبين لنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن الأمور تنقسم إلى ثلاثة أقسام: فهي إما أن تكون في دائرة الحلال المحض البيِّن الواضح الذي لا إشكال فيه، أو إلى حرام محض بيِّن لا ريب فيه، فالحلال المحض كأكل عموم الطيبات، ولبس الثياب بأنواعها، وكالزواج في أمور كثيرة ودائرة واسعة؛ فقد خلق الله لنا ما في الأرض جميعاً، أما الحرام المحض فكأكل لحم الخنزير وشرب الخمر وكالتعامل بالربا والقمار ونحوه في أمور محددة نهت الشريعة عنها، وهذان القسمان واضحان في فهمهما وطريقة التعامل معهما، كما قال صلى الله عليه وسلم: “ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه”، أما الحلال فحلال ولا يأثم الإنسان إذا قام به، وأما الحرام فحرام ويأثم الإنسان عليه.إن الله تعالى أنزل على نبيه الكتاب وبين للأمة فيه الحلال والحرام، وجاءت أحكام الشريعة واضحة لا تخفى على الناس، كما قال تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل:89]، ووكل الله تعالى نبيه بيان ما أشكل منه، قال الله عز وجل: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44]، والنبي ما انتقل إلى الرفيق الأعلى إلا وقد بين، قال النبي: ((تركتكم على بيضاء نقية، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك)).وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في المشتبهات: (لا يعلمهن كثير من الناس)، فيدل على أنه من الناس من يعلم هذه المشتبهات وهم العلماء الربانيين؛ لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة ولا يمكن أن يخفى الحكم على الجميع؛ فيجب على من لا يعرف يسأل العلماء كما قال تعالى: { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } ( الأنبياء : 7 ). وإضافةً إلى ذلك فإن متقي الشبهات استبرأ لدينه فيما بينه وبين الله، واستبرأ لعرضه فيما بينه وبين الناس بحيث لا يقولون: فلان وقع في الحرام، أما من يتبع الشبهات فقد عود نفسه الوقوع فيها، ولا يلبث الشيطان أن يستدرجه حتى يسهّل له الوقوع في الحرام، وبهذا المعنى جاءت الرواية الأخرى: (ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم، أوشك أن يواقع ما استبان)، وهكذا فإن الشيطان يتدرّج مع الإنسان، وينقلهم من دركه إلى أخرى، ولا يزال بهم حتى يقعوا في الحرام{ يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر } ( النور : 21 ).ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً وهذا من حسن التعليم وتقريب المعاني للناس وتوضيحها للناس، لذلك بالراعي يرعى حول الحمى أي الأرض المحمية كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ثم قال عليه الصلاة والسلام: “ألا وأن لكل ملك حمى “يعني بأنه جرت العادة بأن الملوك يحمون شيئاً من الرياض التي يكون فيها العشب الكثير والزرع الكثير “ألا وإن حمى الله محارمه “ أيما حرمه على عباده فهو حماه، لأنه منعهم أن يقعوا فيه.إن من الناس في أيامنا هذه قد تعدوا منزلة الشبهات، ووقعوا في منزلة الحرام الواضح، كالرشوة والربا والاختلاس من الأموال العامة، وكذلك التدخين الذي لا حجة لم لا يحرمه واتفقوا عليه، وكلها أمور واضحة وقد تساهل الناس في الوقوع فيها.