يحكى أن رجلاً تكالبت عليه المشاكل من كل جانب، وأصبح مهموماً مغموماً، ولم يجد حلاً لما هو فيه.. فقرر أن يذهب إلى أحد "الحكماء” لعله يدله على سبيلٍ للخروج من الهم الذي هو فيه وعندما ذهب إلى الحكيم.. سأله قائلاً: أيها الحكيم أتيتك وما لي حيلة مما أنا فيه من الهم فأرشدني؟ فقال الحكيم بعد أن نظر في وجه ذلك الرجل: أيها الرجل سأسألك سؤالين وأُريد منك إجابتهما. فقال الرجل: اسأل؟فقال الحكيم: أجئت إلى هذه الدنيا ومعك تلك المشاكل؟قال الرجل: اللهم لا..فقال الحكيم: هل ستترك هذه الدنيا وتأخذ معك تلك المشاكل؟قال الرجل: اللهم لا.. فقال الحكيم: أمر لم تأتِ به، ولن يذهب معك.. الأجدر ألا يأخذ منك كل هذا الهم.. فكن صبوراً على أمر الدنيا، وليكن نظرك إلى السماء أطول من نظرك إلى الأرض يكن لك ما أردت.. فخرج الرجل منشرح الصدر مسرور الخاطر مردداً: (أمر لم تأتِ به ولن يذهب معك لا يستحق أن يأخذ منك كل هذا الهم)قال الشافعي: دع الأيام تفعــــــــل ما تشــاء ..... وطب نفساً إذا حكم القضاءولا تجــــــــزع لحادثة الليالي ..... فما لحـــوادث الدنيا بقـــــاءهذه القصة أرسلت لي عبر بريدي الإلكتروني وكأن صاحبها يعرف أحوالي الدنيوية في الفترة الحالية وبأني أنا السبب الرئيس بما حصل لي بحسن نيتي وثقتي الكبيرة في الناس، ولقد أثرت القصة في نفسي كثيراً وأبكتني من الألم الذي يعتصر نفسي، ولكنها كانت بلسماً وتنفيساً لي من أمور الدنيا الفانية التي أصابتني في مقتل لأني أعيش في زمن المادة وصاحب القصة يعيش في زمن البسطاء، هذا الرجل البسيط اقتنع بحلول الشيخ:لأنه وجد العلاج الناجح، فلا توجد في هذه الحياة أية منغصات (لا صغيرة، ولا كبيرة)، إلا ولها حل حتى وإن لم يكن في أيدينا الحل حالياً! لكن هو بيد من يدبر الأمور ويقدر المقادير، إنه الله ربي. لسنا مجبورين بتضييع أوقاتنا بالتفكير في مشاكلنا وهمومنا مادام أنها ستذهب عنا لا محالة، ومثلما أتينا إلى هذه الدنيا بإرادة ليست لنا.. فإن الهموم قد أتت بإرادة ليست لنا، وسنرحل عن الدنيا بدون مشاكلنا وهمومنا، فلا نجعل سعادتنا مشروطة بزوال جميع مشاكلنا، -فهكذا هي الدنيا- ولابد أن نوقن فعلاً أننا لسن مخلدين ولا شيء يستحق منا التفكير وطول الأمل في الحياة التي فيها الكثير من المشكلات والعقبات، وحتى نعيش حياتنا بسعادة وهناء لا يجب أن تكون المشاكل هي اهتماماتنا الكبرى، والحياة تستمر بخيرها وشرها وإن لم تتوافق مع رغباتنا وحاجاتنا، بل علينا أن نتعايش معها بالصبر والرضا بالقدر والشكر والحمد لله على كل نعمة تصل إلينا..ولتكن نظرتنا إلى الحياة بنظرة إيجابية وهي من تحول الآلام إلى آمال والأنات إلى ألحان ونغمات.ومضة:«لا تقل يا رب عندي هم كبير.. ولكن قل يا هم لي رب كبير” صالح الريمي