^ بعد تجربتي في العاصمة النمساوية فيينا على كيفية إسقاط النظام السياسي البحريني، لم أتوقع أن أجد نشاطاً تدريبياً مقاماً بشكل سري في المنامة على كيفية مواجهة رجال الأمن، وكيفية تحقيق الأجندة السياسية من خلال بناء القضايا الحقوقية، وابتكار قضايا التعذيب لحشد الضغط الإقليمي والدولي السياسي والإعلامي ضد البحرين. هذا ما تتناقله وسائل الإعلام هذه الأيام بعد قيام إحدى المنظمات البحرينية غير المرخصة في مجال حقوق الإنسان بتنظيم هذه الدورة بالتعاون مع منظمتين إحداهما بريطانية والأخرى دنماركية. الخبر مهم للغاية، ويستحق الوقوف عنده لأنه يثير مجموعة من القضايا: القضية الأولى تتعلق بموقف الجهات الأمنية من السماح لوفود من مؤسسات المجتمع المدني الأوروبية بدخول البلاد من أجل نشاط تدريبي ضد الدولة. والسؤال هنا: هل تأشيرات الدخول التي حصل عليها أعضاء الوفود تأشيرات سياحية، أم تأشيرة عمل؟ القضية الثانية: تتعلق بموقف وزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية ووزارة العدل بشأن تعامل عدد من مؤسسات المجتمع المدني البحرينية مع نظيرتها الأجنبية، ومدى ارتباط ذلك بالقوانين والأنظمة الوطنية التي تنظم تعامل المؤسسات البحرينية مع نظيراتها الأجنبية. القضية الثالثة: تتعلق بحاجة الدولة لنظام أكثر صرامة ورقابة على أنشطة مؤسسات المجتمع المدني، فالحريات المدنية المكفولة دستورياً وفي القوانين الوطنية، لا تعني عدم تنظيم أنشطة هذه المؤسسات محلياً، خصوصاً إذا كانت مثل هذه الأنشطة مناهضة للدولة، ولها أجندات سياسية غير وطنية. القضية الرابعة: تتعلق بسفارتي لندن وكوبنهاغن في المنامة ومدى علمهما بنشاط هذه المؤسسات داخل البحرين، وموقفهما تجاه هذه الأنشطة، وما إذا كانت مقبولة فيما لو قامت مؤسسات المجتمع المدني البحرينية بأنشطة مماثلة في العاصمة البريطانية لتدريب الشباب البريطاني على كيفية مواجهة رجال الأمن، فهل سيكون الوضع مقبولاً لدى الحكومة البريطانية؟ في ضوء هذه القضايا فإننا نتوقع خلال الفترة المقبلة أن يكون تعامل أنصار المعارضة الراديكالية ميدانياً مختلفاً بعض الشيء بعد التدريب الذي تعرضت له عدة فعاليات سياسية وحقوقية مؤخراً على يد المنظمتين البريطانية والدنماركية. كما نتوقع أيضاً أن تدخل العديد من المفردات ضمن الخطاب السياسي لعدد من وسائل الإعلام التقليدية كما الصحف، أو حتى وسائل الإعلام غير التقليدية مثل شبكات التواصل الاجتماعي. ومن أمثلة هذه المفردات (القوة المفرطة، التعذيب، العقاب الجماعي). أيضاً التشكيك في جميع الحالات التي يتم إيقافها لتورطها في الأنشطة الإرهابية، ووصف تعرضها لمعاملة سيئة وانتهاك حقوقها الإنسانية. هذه المفردات باتت مكشوفة وفاقدة المصداقية لدى الرأي العام المحلي، ولكنها مؤثرة لدى الرأي العام الدولي، وهذا ما يهم المعارضة الراديكالية، لأنها لا تستهدف بأنشطتها حالياً الجمهور الداخلي، وإنما الجمهور الخارجي من أجل توليد الضغط على الدولة البحرينية عبر وسائل الإعلام وأنشطة مؤسسات المجتمع المدني التي تساهم في الضغط على الحكومات لتتحول مواقفها إلى مواقف مضادة للمنامة.
ضد البحرين في البحرين
28 مايو 2012