القاهرة - (وكالات): احتشد آلاف المصريين، أمام مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في مختلف أنحاء الجمهورية لاختيار رئيس للجمهورية الثانية، تحت إشراف كامل للقضاء، في حدث تاريخي غير مسبوق في الحياة السياسية المصرية، فيما اتفق جميع المرشحين الـ13 على ضرورة احترام إرادة الشعب وتأييد الفائز بالانتخابات. وصوت المصريون بكثافة في انتخابات الرئاسة التي لا تعرف نتيجتها سلفاً لاختيار رئيس جديد بعد 15 شهراً على الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك. وتشكلت صفوف انتظار طويلة أمام العديد من مكاتب التصويت في القاهرة حتى قبل فتحها في الساعة الثامنة صباح أمس تحت حماية أمنية مكثفة.وانتشر رجال شرطة أمام مكاتب الاقتراع لضمان الأمن بينما انتشر الجنود داخلها للتأكد من حسن سير عمليات الاقتراع. ودعي أكثر من 50 مليون ناخب مصري إلى الاختيار بين 13 مرشحاً إسلاميين ومدنيين أو من اليسار والليبراليين وأنصار «الثورة» أو المسؤولين السابقين في نظام مبارك. ويطرح المرشحون برامج متباينه. وتستمر الجولة الأُولى من الانتخابات حتى اليوم. وإذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة في الجولة الأُولى وهو الأمر المرجح، تُجرى جولة ثانية في 16-17 يونيو المقبل. ومصر التي تمثل مركز الثقل في العالم العربي مع أكثر من 82 مليون نسمة، تبدو منقسمة بين التيار الإسلامي المدافع عن الدولة الدينية وتيار الحداثة والاستقرار المدافع عن الدولة المدنية.وأبرز المرشحين هم وزير الخارجية الأسبق في عهد حسني مبارك طوال تسعينات القرن الماضي الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى وآخر رئيس وزراء في العهد السابق، القائد الأسبق للقوات الجوية أحمد شفيق، ومرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي والإسلامي المستقل عبدالمنعم أبوالفتوح والناصري حمدين صباحي. ويعتمد موسى وشفيق على أصوات «الذين ضاقوا ذرعاً بهذا الوضع ويريدون عودة الاستقرار». في المقابل يعتمد الإسلاميون على النجاح الذي حققوه في الانتخابات التشريعية الأخيرة مع سيطرة الإخوان والسلفيين على مجلسي الشعب والشورى. وقد سخرت جماعة الإخوان كل آلتها الانتخابية القوية لخدمة مرسي. أما صباحي فيلعب على وتر الحنين للعهد الناصري الذي مازال تياره قوياً في مصر. وقد أقيم 13 ألف مركز اقتراع موزعة على جميع أنحاء مصر.ولدى توجه شفيق إلى مكتب الاقتراع للإدلاء بصوته في ضاحية التجمع الخامس تعرض للاعتداء من قبل مجموعة من المواطنين الذين رشقه بعضهم بالأحذية وهم يصيحون «يسقط الفلول». ودعا المجلس العسكري، الذي تعهد بنقل السلطة التي يتولاها منذ سقوط مبارك إلى الرئيس المنتخب، المصريين إلى المشاركة في الاقتراع محذراً من أي خروج عن القانون ومتعهداً بأن تكون الانتخابات «شفافة 100%». وتبقى صلاحيات الرئيس الجديد غير واضحة المعالم في ظل غياب دستور جديد للبلاد يحدد طبيعة النظام السياسي مع تعليق العمل بدستور 1971 الذي كان سارياً في عهد مبارك وعدم وضع دستور جديد. وسيكون على الرئيس الجديد مواجهة وضع اقتصادي صعب مع التفاوت الاجتماعي الشديد الموروث من النظام السابق وبطء عجلة الإنتاج وتراجع النشاط وخاصة في القطاع السياحي منذ ثورة 25 يناير. من جهته، أكد رئيس اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية المستشار فاروق سلطان أنه تم زيادة عدد الموظفين باللجان الانتخابية من القضاء والنيابة، إضافة إلى المدرسين، بجانب عدد 7 من المعاونين الإداريين، وذلك لإتمام إجراءات العملية الانتخابية. وتفقد رئس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي، اللجان الانتخابية بمدرسة القبة الخديوية ولجان مدارس الجمالية بالقاهرة، رافقه خلالها نائب المحافظ للمنطقة الغربية اللواء سيف الإسلام عبدالباري. ويتوزع الناخبون الذين لهم حق الانتخاب والبالغ عددهم 50 مليوناً و524 ألفاً و993 ناخباً، على 13 ألفاً و99 لجنة اقتراع فرعية، في الوقت الذي اعتمدت فيه لجنة الانتخابات الرئاسية مبدأ قاضٍ لكل صندوق انتخابي، فيما يبلغ عدد اللجان الانتخابية العامة المشرفة على لجان الاقتراع 351 لجنة، ويبلغ إجمالي المراكز الانتخابية 9339 مركزاً.ويشارك في الإشراف على العملية الانتخابية 14 ألفاً و509 قضاة من مختلف الهيئات القضائية، بينهم 1200 قاضية من هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية.وقد تحدثت تقارير عن وقوع اشتباكات بين أنصار عدد من المرشحين في عدة محافظات. وأكد عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان حافظ أبوسعدة، أنه بعد مرور عدة ساعات على بدء أول انتخابات رئاسية في مصر لم يرصد المجلس انتهاكات جسيمة في عملية الاقتراع ترقى إلى عمليات تزوير. وقال إن «الأداء الانتخابي حتى الآن جيد والإقبال بهذا الشكل لم يكن متوقعاً».وعن فحوى تلك الانتهاكات، أشار أبوسعدة الى أنه «لأول مرة نجد أنها ترتكب من قبل المرشحين أنفسهم وحملاتهم الدعائية، وليس من قبل الدولة، إذ لم نجدها طرفاً في أي انتهاكات حتى منتصف اليوم الانتخابي».وأوضح أبوسعدة أن هذه الانتهاكات تعد بمثابة مخالفة قانونية صريحة وخرق للمادة 20 من القانون رقم 174 لسنة 2005 المعدل بالمرسوم رقم 12 لسنة 2012، مطالباً اللجنة العليا للانتخابات باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة من أجل منع هذه الانتهاكات والمخالفات.إلى ذلك، تقدم التحالف المصري لمراقبة الانتخابات في اليوم الأول ببلاغ للجنة العليا للانتخابات، حول خرق الصمت الانتخابي الذي قام به عدد من المرشحين في أكثر من محافظة. وأعلنت وزارة الصحة عن ارتفاع عدد حالات الإصابة بين الناخبين على مستوى الجمهورية إلى 13 حالة.وقال نائب رئيس هيئة الإسعاف المصرية الدكتور أحمد الأنصاري أن الإصابات تراوحت بين اشتباه بكسر في القدم وكدمات وخدوش وإغماءات وغيبوبة سكر واشتباه كسر بالضلع وجروح بالرأس وارتفاع في ضغط الدم وأزمة قلبية.واعتبرت الولايات المتحدة أن الانتخابات الرئاسية «خطوة مهمة للغاية» نحو انتقال مصر إلى الديمقراطية.