كتـب – وليـد صبـري:لم يكن يدري أهل اليمن السعيد بتاريخه وإرثه الحضاري وجنات سبأ وحضارة مملكة معين وجمال جزره وامتداد سواحله على بحر العرب وخليج عدن أن يتحول إلى ثالث أعلى معدل لسوء التغذية بين الأطفال في العالم، فضلاً عن معاناة نصف أهله من الجوع، في الوقت الذي يضاعف فيه عدم الاستقرار السياسي في البلاد ارتفاعاً عالمياً في أسعار الغذاء والوقود. وأدت النزاعات السياسية في البلد الذي يمتد بمساحة تزيد عن نصف مليون كيلومتر مربع إلى انزلاقه نحو أزمة إنسانية ومجاعة وربما فقر مدقع.وحذر برنامج الغذاء العالمي في جنيف من أن اليمن ينزلق إلى وضع إنساني حرج، مع معاناة نحو نصف عدد السكان البالغ عددهم 24 مليون نسمة من الجوع.وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة في تقريرها «يعاني اليمن من أزمة إنسانية تزداد تدهوراً بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وزيادة معدلات الفقر وانهيار الخدمات الاجتماعية وتناقص الموارد والصراع الداخلي وعدم استقرار الأوضاع السياسية». ويعاني نحو نصف الأطفال تحت سن الخامسة من مشاكل في النمو بسبب سوء التغذية. وأعلن البرنامج أنه يجري التخطيط لإيصال المساعدات الإنسانية لـ5.5 مليون شخص في اليمن بنهاية العام. وقالت المتحدثة باسم البرنامج اليزابيث بايرز إن «اليمن ينزلق نحو أزمة إنسانية» مشيرة إلى أن «10 ملايين شخص أي ما يضاهي نصف السكان يعاني من الجوع وبحاجة إلى الغذاء». ويعد اليمن من أفقر البلدان في العالم، وفيه أعلى نسبة من سوء التغذية بين الأطفال، حيث يعاني مليونان من الضعف ومليون آخر من سوء التغذية.وقالت بايرز إن «صندوق الغذاء العالمي بحاجة إلى مساعدات تصل إلى 223 مليون دولار من أجل تمويل برامجه في اليمن حتى نهاية العام وأنه مازالت هناك حاجة ماسة إلى 69 مليون دولار من هذا المبلغ.ويشهد اليمن اضطرابات منذ ثورة العام الماضي ضد حكم الرئيس علي عبدالله صالح الذي استمر 33 عاماً عندما انهارت سيطرة الدولة الضعيفة على المناطق النائية مع انقسام الجيش إلى فريقين أحدهما مؤيد لصالح والآخر مناهض له واستيلاء متشددي القاعدة على بعض المناطق. من جهته، قال المسؤول في برنامج الأغذية العالمي باري كيم «لا يستطيع 5 ملايين شخص أو 22% من السكان توفير الطعام لأنفسهم أو شراء ما يكفي لإطعام أنفسهم». وتابع «علاوة على ذلك هناك 5 ملايين أخرى على حافة انعدام الأمن الغذائي. ولهذا فإن 10 ملايين شخص يذهبون للنوم وهم جياع كل ليلة». وارتفع عدد الأشخاص الذين يتسلمون الحصص الغذائية اليومية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي إلى أكثر من 3.8 مليون. وقال إن «13% من الأطفال اليمنيين يعانون من سوء التغذية نتيجة التوترات السياسية والاقتصادية التي شهدتها البلاد العام الماضي». وأضاف أن «عدد النازحين بلغ 500 ألف شخص بعد المعارك التي دارت مع المتشددين في الجنوب والحرب التي شنها صالح عامي 2009 و2010 ضد الحوثيين شمال صنعاء». من جهتها، حذرت منظمة «اوكسفام» الإنسانية البريطانية من «تردي وضع النساء في اليمن مقارنة بفترة ما قبل انطلاق الحركة الاحتجاجية، وذلك في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية». وفي تقريرها أشارت المنظمة إلى أن «4 نساء من أصل 5 في اليمن يقلن إن ظروف حياتهن ساءت خلال الأشهر الـ12 الماضية». وقال التقرير «فيما يسير الانتقال نحو الديمقراطية قدماً، تتراجع آمال النساء بحياة أفضل»، مشيراً إلى أن «تفاقم الأزمة الإنسانية والنزاع يحدان من دور المرأة في رسم مستقبل اليمن». وأضافت المنظمة أن «الأزمة الإنسانية تزيد من سوء وضع النساء عبر مفاقمة مشكلة انعدام المساواة المتجذرة بين الجنسين». وأوضح التقرير أن «ربع اليمنيات بين 15 و49 عاماً يعانين من «سوء تغذية حاد».كما إن «استمرار الاضطرابات في مناطق كثيرة من البلاد يعرض النساء إلى العنف ويقوض أمنهن».وتشير التقارير إلى أن النساء والأطفال هم الأكثر تأثراً نتيجة سوء الأوضاع. وبحسب تقرير اوكسفام فإن «النساء يلجأن إلى وسائل يائسة ومدمرة للتأقلم، إنهن يقللن من الطعام الذي يتناولنه أو يأكلن أطعمة أفقر من حيث القيمة الغذائية، وذلك من أجل توفير المزيد من الطعام لعائلاتهن». وتضع التقارير الخاصة باختلال المساواة بين الجنسين الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، النساء اليمنيات في أسفل الترتيب للدول، خصوصاً في مجال «توفر الرعاية الطبية والتعليم والفرص الاقتصادية وصناعة القرار على مختلف المستويات».وتعهدت الدول المانحة في وقت سابق الشهر الماضي خلال اجتماع في الرياض بتقديم دعم بـ6.4 مليار دولار لليمن، وهو نصف ما كانت تطلبه الحكومة اليمنية.