عواصم - (وكالات): أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 9113 شخصاً في سوريا غالبيتهم من المدنيين خلال عام من انتفاضة شعبية تدخل عامها الثاني وتواجه بحملة قمع شديدة، مع ارتفاع وتيرة العنف وارتكاب المجازر بحق المتظاهرين الذين أعلنوا أنه لا بديل عن إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، في وقت قام النظام بعرض قوة عبر تجمعات ضمت عشرات الآلاف في مناطق عدة “من أجل سوريا” ودعماً لنظام الرئيس بشار الأسد. كما كثفت الدعوات من منظمات ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان لوقف القتل في سوريا. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن “قتل 9113 شخصاً، بينهم 6645 مدنياً و2468 عسكرياً بينهم 471 منشقاً”. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” “في مشهد وطني يحمل رسالة للعالم أجمع بأن الشعب السوري اختار وحدته الوطنية واستقراره بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية، وتوافد ملايين المواطنين السوريين منذ الصباح إلى ساحات وشوارع الوطن في المحافظات للمشاركة في المسيرة العالمية من أجل سوريا”. وبث التلفزيون السوري لقطات ظهرت فيها حشود ضخمة في عدد من الساحات السورية منها ساحة الأمويين التي تقع وسط العاصمة وهم يرفعون الإعلام السورية. في المقابل، ذكرت مصادر معارضة أن 65 شخصاً قتلوا برصاص قوات الأمن السورية في مدن عدة. وفي الذكرى السنوية لاندلاع الحركة الاحتجاجية، شهد عدد من المناطق السورية تظاهرات تطالب بسقوط النظام، ووجه بعضها بإطلاق النار. وحضت 200 منظمة غير حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان مجلس الأمن على “أن يتحد ويتبنى قراراً يدعو الحكومة السورية إلى وقف القصف العشوائي للأحياء المدنية وانتهاك القانون الدولي ووضع حد للاعتقالات التعسفية والتعذيب وضمان دخول العاملين الإنسانيين والصحافيين ومراقبي حقوق الإنسان”. وقالت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية “هيومن رايتس ووتش” في تقرير “مدينة بعد مدينة وبلدة بعد بلدة تستخدم قوات الأمن السورية وسائلها للأرض المحروقة بينما تلجم الصين وروسيا مجلس الأمن الدولي”. وأعلنت الأمم المتحدة أن عدداً من خبرائها سينضمون إلى مهمة إنسانية تقودها الحكومة السورية في حمص وحماة وطرطوس واللاذقية وحلب ودير الزور ومناطق ريف دمشق ودرعا، ابتداء من عطلة نهاية الأسبوع. وتوقفت “قافلة الحرية” التي انطلقت من مدينة غازي عنتاب التركية جنوب شرق البلاد باتجاه الحدود السورية والتي نظمها ناشطون سوريون عند الحدود دون أن تتمكن من دخول الأراضي السورية. وتضم القافلة مساعدات متنوعة. وأعلن رئيس الهلال الأحمر التركي أحمد لطفي اكار أن تركيا تخشى تدفق نحو 500 ألف سوري إلى أراضيها هرباً من أعمال العنف في بلادهم، فيما لجأ ألف سوري بمن فيهم ضابط رفيع المستوى خلال الـ24 ساعة الأخيرة إلى تركيا التي اتهمت النظام السوري بزرع ألغام على الحدود المشتركة لمنع وصولهم. وفي الذكرى الأولى لانطلاق الانتفاضة، صرح مسؤول تركي أن “عدد اللاجئين السوريين ارتفع إلى 1000 في يوم واحد وبلغ 14700” لاجئ بصورة إجمالية. وفي وقت لاحق، ذكرت قناة “الجزيرة” أن الكويت قررت إغلاق سفارتها في دمشق وسحب دبلوماسييها بسبب تطور الأوضاع في البلاد. كما أعلنت وزارة الخارجية الهولندية إقفال سفارتها في دمشق “بسبب تدهور الظروف الأمنية على الأرض ولتوجيه إشارة سياسية إلى سوريا”. وسبق لدول غربية عدة بينها أمريكا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا أن أقدمت على الخطوة نفسها. وحذر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه من مخاطر نشوب حرب أهلية في سوريا في حال تسليم أسلحة إلى المعارضة. وفي جنيف، أعلن الناطق باسم مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي عنان عشية مؤتمر بالدائرة التلفزيونية المغلقة مع مجلس الأمن الدولي، أن عنان “يواصل اتصالاته مع السلطات السورية والحوار مستمر”. وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية أن ميليشيات موالية للنظام السوري سلمت الصحافيين التركيين المفقودين في سوريا إلى جهاز الاستخبارات السورية. من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن “تضامنه مع الشعب السوري وتطلعاته المشروعة نحو الكرامة والحرية والعدالة”، وذلك في الذكرى الأولى للانتفاضة الشعبية في سوريا. وقال المعارض السوري البارز نجاتي طيارة إن سوريا تنزلق إلى حرب أهلية وأن رحيل الرئيس بشار الأسد فقط هو الذي يحول دون تمزيق البلاد. في المقابل، دعا الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله جميع الأطراف في سوريا إلى إلقاء السلاح والدخول في حل سياسي. ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية رسائل إلكترونية قالت إن الرئيس السوري بشار الأسد أرسلها أو تلقاها ثم رصدها معارضون ويفترض بموجبها أن الرئيس السوري “يتلقى النصائح من إيران” لجهة قمع حركة الاحتجاج في بلاده. وأقرت الصحيفة على موقعها الإلكتروني “بأنه يستحيل أن نستبعد تماماً إمكانية الخطأ” بين هذه الرسائل الثلاثة آلاف، لكنها أوضحت أنها عمدت إلى عمليات تحقق تدفعها إلى أن تصدق صحتها. وتشير رسالة قدمت على أنها مرسلة من ابنة أمير قطر مياسة آل ثاني، إلى عرض باللجوء على الرئيس السوري وزوجته. وجاء في الرسالة التي يفترض أنها مرسلة إلى أسماء الأسد “أعتقد بصدق أنه وقت مناسب للذهاب والبدء بحياة طبيعية جديدة. أنا متأكدة أن لديكم الكثير من الأماكن التي يمكنكم الذهاب إليها خصوصاً الدوحة”. وقال ناشطون سوريون إنهم أصيبوا “بالاشمئزاز” من رسائل البريد الإلكتروني التي أظهرت الرئيس الأسد وزوجته يتسوقان لشراء موسيقى بوب وسلع فاخرة في الوقت الذي انزلقت فيه البلاد إلى أعمال عنف دامية. وتدخل الانتفاضة عامها الثاني متمسكة بمطلبها بإسقاط النظام، في وقت تحمل السلطات مسؤولية كل أعمال العنف في البلاد لـ«مجموعات إرهابية مسلحة” مدعومة من الخارج. ونزح أكثر من 30 ألف شخص إلى دول مجاورة لسوريا خلال السنة الماضية، بحسب الأمم المتحدة، فيما نزح 200 ألف شخص إلى داخل سوريا. ومنذ أشهر، بدا الطابع العسكري يطغى على التظاهرات السلمية مع اشتداد القمع، واتساع حجم الاشتباكات بين القوات النظامية والمنشقين بالآلاف من المؤسسة العسكرية. ويرى محللون أن النظام السوري سيمضي في استراتيجيته الهادفة إلى إخضاع “جيوب المقاومة” واحداً بعد الآخر، ليثبت للمجتمع الدولي أنه وحده يملك مفتاح حل أزمة بلاده، فيما ذكر خبراء أن الاضطرابات تبدد الثقة والمدخرات، بعد انخفاض قيمة العملة السورية مقابل الدولار حيث بلغ سعر الدولار 95 ليرة بفعل الاضطرابات السياسية التي تعيشها البلاد.