كتبت - هدى عبدالحميد:دخلت وتيرة أعمال العنف في مملكة البحرين مرحلة جديدة، إذ تحولت أهداف الأعمال الإرهابية التي يرتكبها المخربون والإرهابيون المدفوعون بفتوى «اسحقوهم» لمرجعيتهم عيسى قاسم، من استهداف حياة رجال الأمن بإلقاء الزجاجات الحارقة «المولوتوف» والأسياخ الحديدية، إلى الاعتداء على العمالة الأجنبية بهدف شل الحركة التجارية في البلاد وتعطيل وضرب مقومات الاقتصاد الوطني. وتثبت الأحداث الإجرامية والإرهابية التي تشهدها بعض مناطق المملكة، أن ظاهرة الاعتداء على رجال الأمن لم تكن عرضية أو غير مقصودة، بل هي خطط مدروسة ومقصودة وموجهة بشكل مباشر لإحداث إصابات بليغة برجال الأمن وإزهاق أرواحهم، وحدث معظمها بعد فتوى عيسى قاسم (اسحقوهم).كما بات معروفاً لدى الجميع أن عدد رجال الأمن الذين تعرضوا لإصابات اقتضت علاجهم في المستشفيات خلال الفترة الأخيرة بلغ 91 رجل أمن ليرتفع عدد المصابين من رجال الأمن في هذه السنة إلى 456 بينهم 52 فرداً أدت إصابتهم إلى الإعاقة عن العمل، ورجل أمن يصارع البقاء على قيد الحياة نتيجة حروق شديدة تعرض لها خلال عمل إرهابي فيما كان يمارس واجبه الوطني في الحفاظ على الأمن والنظام العام، إضافة إلى هجوم 150 ملثماً على مركز شرطة سترة بسيل من زجاجات «المولوتوف» الحارقة.وأكد مراقبون قانونيون أن استهداف العمالة الوافدة حالياً يأتي في إطار العنف الممنهج الذي تنتهجه جمعية الوفاق وجمعيات المعارضة التي تتبعها، وأن الهدف من ذلك هو تعطيل الحركة التجارية وإلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني الذي تعد العمالة الوافدة أحد ركائزه الرئيسة، لما لهم من دور كبير يلعبونه في جميع المجالات لتحريك عجلة الاقتصاد. وأشاروا إلى أن ما يقوم به المخربون والإرهابيون من استهداف للمقيمين والأجانب يعتبر منافياً للدستور البحريني وكل التشريعات الخاصة بالمقيمين والتي تكفل لهم الحماية.وتوضح البيانات الصادرة من الجهات المختصة أنه في يوم 28 يناير 2012 تعرض طاقم قناة «العربية» للسب والشتم من قبل مجموعة من المتجمهرين، كما تعرض أحد أفراد الطاقم للاعتداء عندما فوجئ بمجموعة تسحبه من الخلف وتعتدي عليه بالضرب المبرح.كما تم يوم 3 فبراير 2012 الاعتداء بسيف على شخص بريطاني الجنسية من قبل مجهولين في منطقة كرانة، وأدى الهجوم إلى قطع أحد أصابع يد المجني عليه وسرقة سيارته. ولم يسلم حتى الأطفال من هجمات المخربين، ففي يوم 19 ديسمبر 2011 أصيبت طفلة أجنبية بعدما أقدم مخربون على مهاجمة سيارات مدنية في منطقة سار بالحجارة.الجدير بالذكر أن العمالة الآسيوية هي أكثر من تعرض من المقيمين على أرض المملكة لأعمال العنف والإرهاب على مدار عام ونصف منذ بداية الأحداث المؤسف في عام 2011، ولم يسلم اللسان العطر بذكر الله من أيدي المخربين والإرهابيين، إذ هاجموا في 13 مارس 2011 مؤذناً بنغالي الجنسية وأصابوه في جسده وقطعوا لسانه بسكين، كما شهدت البحرين مؤخراً حالات اعتداء على مساكن للعمال في كل من النويدرات وبني جمرة، بعضها كان باستخدام الزجاجات الحارقة «المولوتوف»، وذلك إلى جانب الاعتداء على عمال النظافة في عدد من المناطق بالمحافظة الشمالية.وتقدر أعداد ضحايا حالات الاعتداء على العمال الآسيويين منذ بداية الأحداث المؤسفة في عام 2011، بأربعة قتلى هم هندي واحد، وبنغاليين وباكستاني، إضافة إلى إصابة نحو 58 باكستانياً، و18 بنغالياً، و11 هندياً، وتايلندياً واحداً على الأقل.وتتجه جمعيات وقوى التأزيم، بعد أن فشلت محاولاتها المتعددة لإلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني عن طريق تنظيم الاعتصامات والتظاهرات غير المرخصة في الأماكن الحيوية، وقطع الطرق وتدمير وتخريب الشوارع والتي لم يسلم منها حتى حـــــــاويات النفايات، إلــــــــى ضرب الاقتصاد من خلال ترهيب العمالة الأجنبية التي تعتمد عليها قطاعات إنتاجية كبيرة وأهمها الإنشاءات. وتهدف الجمعيات المعارضة التي تعمل لصالح أجندات خارجية إلى طرد تلك العمالة من البحرين أو على الأقل هروبها لكي تتوقف عجلة الاقتصاد وتتأثر الإنشاءات وقطاعات الخدمات التي تعتمد اعتماد أساسياً على تلك العمالة الوافدة.لكن يجب التأكيد بأن هذه التصرفات والسلوكيات السلبية بعيدة كل البعد عن شيم وأخلاق أهل البحرين المعروفة منذ أزمنة بعيدة.وبالنسبة للجمعيات والمنظمات التي تدعي أنها حقوقية وترعى مصالح الأقليات والمستضعفين فإنها أهملت حقوق العمالة الوافدة في البحرين وهمت بمساعدة المتطرفين الذين يتعمدون الاعتداء على تلك العمالة سواء بالضرب المباشر أو بالحرق برمي «المولوتوف»، وعلى الطرف الآخر نجد أن حكومة البحرين ترعى وتحمي العمالة الوافدة وترعى مصالحهم وتوفر لهم الأمن اللازم وذلك من خلال آليات قانونية وأجهزة تنفيذية يعتد بها.وللتعليق على هذه التطورات المؤسفة، قال عضو مجلس الشورى الشيخ الدكتور خالد بن خليفة آل خليفة «إن التحريض غير المباشر للتخريب والعنف طال الأجنبي وغير الأجنبي والمقيم والمواطن، لأن فتوى (اسحقوهم) التي دعا لها عيسى قاسم و(الوفاق) لتصعيد وتيرة أعمال العنف والتخريب ضد الوطن بأكمله بما فيهم المقيمون الذين يعتبرون مكوناً أساسياً من مكونات المجتمع البحريني».وأضاف «لهذا فإن يدنا كبحرينيين تقف مع يد الأخوة المقيمين والذين لا نعتبرهم أجانب بل ضيوفاً لدينا في مجتمعنا المتسامح بغض النظر عن دياناتهم ومذاهبهم وجنسياتهم، فيجب أن تراعى ذلك الجمعيات التي تثير الكثير من الشكوك عند إغفالها هذا الجانب ولحقوق الآخرين في المجتمع».وأوضح خالد بن خليفة لـ «الوطن» أن البحرين قطعت شوطاً كبيراً في معالجة مسألة حقوق العمالة الوافدة، وأصدرت الحكومة الكثير من القوانين والأنظمة التي تراعي حقوق هؤلاء وفقاً للمعايير الدولية، ولذلك فإن الحكومة البحرينية في موقف أفضل بكثير من مواقف تلك المؤسسات التي تدعي الحقوقية، فالحكومة راعت كل حقوق وواجبات هؤلاء الذين لا حول لهم ولا قوة وحمتهم حالهم حال البحرينيين على مختلف المستويات، فيما يعتدي الإرهابيون عليهم دون جريرة ودون اعتبار للقوانين المحلية والدولية في هذا الشأن.ومن جانبه، قال المحامي فريد الديب «إن المقيمين يعتبرون مكوناً أساسياً من مكونات المجتمع البحريني»، وأوضح أن المعارضة ترمي من وراء استهدافهم لتحقيق هدف تدمير الاقتصاد، لما للمقيمين والوافدين من دور كبير في تحريك عجلة الإنتاج والعملية الاقتصادية.كما أكد الديب أن ما يقوم به المخربون من استهداف للمقيمين يعتبر منافياً لدستور البحرين وكل التشريعات الخاصة بالمقيمين والعمالة الوافدة، وأشار إلى أن ارتفاع وتيرة الاعتداءات على هذا المكون يهدف لشل الحركة التجارية وضرب اقتصاد المملكة تلبية لأوامر أصحاب الأجندات الخارجية، مطالباً كل الأفراد والجهات المتضررة بضرورة إرسال شكاوى إلى المنظمات الدولية التي لا تلتفت لحدوث مثل هذه الاعتداءات.