عواصم - (وكالات): فشلت السلطات الإيرانية في وقف تدهور سعر التومان "الريال” الذي فقد خلال أسبوع 40% من قيمته، ففرضت على محلات الصرافة الرسمية سعراً محدداً للدولار، دون أن تتمكن من تهدئة الأسواق التي لا تزال تشهد اضطراباً كبيراً. ورفض الصيارفة في طهران اعتماد السعر المفروض الذي اعتبروا أنه غير واقعي. وقال أحد الصيارفة "تلقينا أوامر من جمعية الصيارفة التي تعمل بإشراف البنك المركزي الإيراني لشراء الدولار بـ 25 ألف ريال وبيعه بـ 26 ألف ريال، إلا أن أحداً لم يقبل بالعمل على أساس هذين السعرين، ونحن لم نقم بأي عمليات صرف”. وكانت العملة الإيرانية فقدت نحو 40% من قيمتها مقارنة بالدولار والعملات الأجنبية الأخرى خلال أسبوع، ووصل سعر الدولار الأربعاء الماضي إلى 36 ألف ريال ما أدى إلى اضطراب في السوق، حيث قام الصيارفة والتجار في البازار بإقفال محلاتهم طوال يومين. وفتحت محلات الصرافة أبوابها أمس إلا أنها رفضت إجراء عمليات بيع أو شراء للدولار. كما إن سوق بيع الذهب توقفت عن العمل. وحددت جمعية الصيارفة على موقعها على الإنترنت سعر الدولار بنحو 28 ألف ريال، في حين لم تقدم مواقع أخرى متخصصة أي سعر للعملات الأجنبية. وفي الشارع كان عدد من الصيارفة غير المرخص لهم يعرضون بيع الدولار بـ 30 ألف ريال. ولا يزال السعر الرسمي للدولار 12600 ريال، إلا أن هذا السعر الذي لم يتغير طوال الأشهر الماضية لا يعمل به إلا في بعض الإدارات الرسمية التي يعتبر نشاطها حيوياً للاقتصاد الإيراني. أما الشركات الأخرى والأشخاص العاديون فلا بد لهم من شراء الدولار من السوق الموازية. وتعاني إيران منذ أشهر عدة من نقص متفاقم في العملات الصعبة ما يمنع البنك المركزي الإيراني من التدخل لدعم الريال في السوق الحرة، وسبب النقص يعود إلى العقوبات المصرفية والنفطية التي تفرضها الدول الغربية بسبب الخلاف حول الملف النووي الإيراني. وأدى تدهور سعر صرف الريال إلى تظاهرات احتجاج عفوية في حي الصيارفة وسط طهران ما أدى إلى شجارات مع قوات الأمن التي أعلنت اعتقال 16 شخصاً. وكان الوضع هادئاً أمس، إلا أن الانهيار الكبير لسعر الريال خلال الأيام القليلة الماضية تسبب بارتفاع كبير في أسعار المواد المستوردة وحتى المواد المصنعة محلياً. وأدى الارتفاع الكبير في الأسعار إلى تغذية أجواء الاستياء بين السكان الذين باتوا يشعرون فعلاً بوطأة العقوبات الدولية على إيران، كما يحملون السلطات مسؤولية العجز عن مواجهة هذا الواقع. وإذا كانت أسعار المواد المستوردة قد تضاعفت مرتين أو ثلاث منذ مطلع العام الحالي بسبب انهيار الريال الذي فقد 60% من قيمته خلال عام، فإن المواد المصنعة محلياً والتي تستخدم في الاستهلاك اليومي سجلت أيضاً ارتفاعات ضخمة في أسعارها.وحمل عدد من المسؤولين الإيرانيين حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد مسؤولية التقصير في إدارة الأزمة الحالية، إلا أن الأخير دافع عن نفسه مؤكداً أن العقوبات الغربية هي السبب الأساسي لهذا الغلاء، كما حمل البرلمان أيضاً جزءاً من المسؤولية. وقال محلل الشؤون الإيرانية في "مجموعة اوراسيا” الأمريكية للتحليل كليف كوبشان إن قمع الحركة الاحتجاجية وتدخل الدولة أكثر فأكثر للسيطرة على الاقتصاد هما عاملان قد يهددان الاستقرار في إيران على المدى الطويل. وقال محللون إن "انهيار التومان يعود لسببين هما السياسة الخاطئة لحكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد، والثاني هو دعم إيران المادي اللامحدود لنظام الرئيس السوري بشار الأسد دون الاهتمام بمشاكل الإيرانيين أولاً”.في الوقت ذاته، يبحث مشرعون أمريكيون عن سبل لتشديد العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران وهي إجراءات ساعدت في انهيار عملتها لكنها لم تدفع طهران بعد للتخلي عن برنامجها النووي. وتهدف الاقتراحات التي لاتزال في مراحل أولية من التطور إلى معاقبة البنوك الأجنبية التي لديها تعاملات كبيرة مع البنك المركزي الإيراني. وتشمل العقوبات الحالية التعاملات المرتبطة بالنفط فقط.من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تقرير للجمعية العامة للمنظمة الدولية كشف النقاب عنه إن العقوبات الدولية على إيران لها تأثير "كبير” على الشعب الإيراني وتضر فيما يبدو بالعمليات الإنسانية في البلاد. من ناحية أخرى، وصفت إيران، التهديد الأوروبي بفرض حظر غازي عليها بـ "الحرب الدعائية”. وفي سياق آخر، نفت إيران تقرير نشرته وسائل إعلام أمريكية بأنها قدمت "خطة من 9 خطوات” تهدف إلى حل أزمتها مع الغرب بشأن برنامجها النووي المثير للجدل. ونقلت وكالة مهر الإيرانية للأنباء عن كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين سعيد جليلي قوله "لم يقدم أي عرض جديد خارج إطار مفاوضات خمسة زائد واحد أثناء الاجتماع الأخير في الأمم المتحدة ولا أساس لمزاعم بعض المنظمات الإخبارية الأمريكية في هذا الصدد”.