كتبت - عايدة البلوشي: تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت بشكل عام، إلى محطّات يتسابق إليها الشباب والشابات لتكوين علاقات الصداقة، فهي لا تكلّف أي جهد سوى التسجيل، ليتصل الإنسان بالعدد الأكبر من الناس.هذه الصداقة عبر الإنترنت” تبهر وتشوّق الشباب، مقابل من يشير إلى مساوئ عدة تتسبب بها، فما هي حقيقة هذه العلاقات؟ وهل يمكن قياس صدقها من كذبها؟ وهل يكتب لها النجاح دائماً؟.تعتقد الشابة منى عبدالله أن الصداقة الإلكترونية أفضل من الصداقة التقليدية الواقعية من نواحٍ عدّة أهمها أنها لا تقوم على أساس المصلحة، فهي نوع من العلاقات الودية والأخوية تتم عن طريق الإنترنت، تختلف عن الصداقة التقليدية في كونها تنشأ وفق تقارب حسي ودون مشاهدة، بينما تتميز الصداقة التقليدية بأنها تقوم على الثقة المتبادلة بين الأصدقاء. وتشير عبدالله إلى أن من إيجابيات الصداقة الإلكترونية أنها تتيح الاطلاع على ثقافات مختلفة ناتجة عن اختلاف التخصصات والأعمار، وتمنح مساحات واسعة من المرح والضحك أكثر من ما تنتجه الصداقات التقليدية. وتستدرك عبدالله: لكني شخصياً لا أؤيد أن تتعمّق العلاقة بين الذكر والأنثى، وحتى بين الأنثى والأنثى لا أؤيد ذلك إلا بنسبة محدودة جداً مع شرط رؤية الصديقة على أرض الواقع وبعد انقضاء مدة طويلة من معرفتها. ضرر مجهولي الهوية من جانبها تؤكد ريم سلمان أن الصداقة الإلكترونية صداقة خيالية وغير واقعية، لأنها تتمّ خلف الشاشة دون معرفة الأشخاص، بالتالي تترتب عليها عديد من المشكلات اجتماعية. وتنصح سلمان باختيار الصداقات بحذر ووعي عبر هذه المواقع، مبينة أنه لا يمكن اختيار أصدقاء مجهولين "مجرد اسم وصورة في الفيسبوك”، بل على الشخص اختيار الأصدقاء الذين يمثلون أنفسهم بأسمائهم الحقيقية. وترفض سلمان إقامة صداقة مع شخصيات مجهولة، لكن لا تنفي أن لها صداقات كبيرة من خلال شبكات التواصل، أغلبهم من الإعلاميين المعروفين، غير أن جميعهم يتواجدون بأسمائهم الحقيقية.صداقات تنتهي بالزواجومن جهتها ترى مروة علي أن من أسوء أنواع الصداقات تلك التي تبدأ عبر هذه الشبكة، وتنتهي بالزواج، معبرة عن رأيها بأنه من الصعب الارتباط بشخص كانت وسيلة التعرف عليه إحدى مواقع التواصل الاجتماعي. ولا تنفي علي أن الصداقة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أمر جيد، لكن بشرط أن تظلّ في إطار المبادئ والقيم والأخلاق، لأن الحديث هنا عن فضاء افتراضي غير حقيقي، من الصعب ترجمته على أرض الواقع. بدوره لا يحبّذ سمير إسماعيل، الدخول في صداقات من هذا النوع، معلّلاً ذلك بأنها قد تنقل صورة غير حقيقية للواقع، كما حدث في الأزمة الأخيرة التي مرت بها مملكة البحرين، حين عمدت هذه الوسائل إلى ترجمة الجانب السلبي، ما يؤكد أهمية أن نأخذ المعلومات الصحيحة من مصادرها.ويؤكد إسماعيل أن الصداقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي خيالية في مجملها، لكن الإنترنت فضاء واسع يمكن أن تجد فيه صداقات كثيرة من جميع دول العالم تتعرف من خلالها على ثقافات وأخبار دول أخرى. إعادة تقييم أصدقاء الإنترنت من ناحيتها تشدّد الباحثة الاجتماعية هدى المحمود، على إعادة تقييم الشخص الذي نتعرف عليه من خلف شاشة أجهزة الحاسب الآلي، مبينة أن الصورة التي تنشأ من أي علاقة على الفيسبوك تكون غير واقعية وأحياناً لا تقترب من الحقيقة. وتشير المحمود إلى إيجابية مهمة للصداقة عبر الإنترنت، فهي تتيح للمستخدمين تكوين علاقات اجتماعية ربما لا تتوافر على أرض الواقع. وأنّ هناك من هذه الصداقات ما يكون واضح الهوية حين يضع صاحب الصفحة اسمه الحقيقي وصورته، ما يرجّح أن تتوسع دائرة المعرفة التي تبدأ خلف الشاشة إلى الواقع. كما إنّ هذه الصداقة تحمل وجهاً إيجابياً آخر يتمثل فيما تؤديه من معارف وثقافات. لكن المحمود تشير أيضاً إلى سلبية الإدمان على صداقات الإنترنت، ما يؤدي بهم وبهنّ إلى الانطوائية والعزلة وعدم التفاعل الحقيقي مع المجتمع.