^  ليسمح لي القارئ الكريم والذي أتشرف بمتابعته ورصده، أن أخصص مقالات عن التعليم أول أمس واليوم، ذلك أن نهضة الأمم تأتي من التعليم والتدريب النوعي المستمر والمتطور. حين نهضت سنغافورة وكوريا الجنوبية (والتي زارها مؤخراً سمو ولي العهد في لفتة رائعة منه للوقوف على التجربة الكورية) وحين نهضت الأردن على مستوى الطب وتقنية المعلومات، كان ذلك بسبب التعليم القوي المتطور، ليس لسنغافورة موارد طبيعة ولا لماليزيا، فقط يمتلكون طبيعة ساحرة وسياحة وصناعة خدمات، لكنهم استثمروا في التعليم، ووضعوا خططاً قصيرة وطويلة المدى لتنهض الدولة بعد الاستثمار في التعليم والعنصر البشري. ناشدت الدولة فيما يخص بسياسية الابتعاث، وبتعليم أبناء البحرين في الجامعات المحترمة من خلال مشروع بعثات وزارة التربية، هذا المشروع الذي تنفق عليه الدولة ملايين الدنانير منذ أن تأسس (لكن ذلك الوزير الذي أصبح منظراً لما يسمى بالمعارضة اليوم) هو من ضيع التعليم وضيع الابتعاث، حتى وصل بنا الأمر إلى أن يتحمل رب الأسرة الديون من أجل أن يدرس أحد أبنائه فقط، ابنه أو ابنته بينما الآخرين يدرسون في الخارج على نفقة الدولة. ومؤخراً أخذ المبتعثون يتظاهرون ضد الدولة التي أرسلتهم على نفقتها، إنها أم الكوارث. وزارة التربية والتعليم وشركة بابكو تملكان أكبر قائمة للبعثات، وبابكو ترسل بعثات نوعية على مستوى عال، لكن من الذي يستفيد منها؟.. هذا هو السؤال المر الذي يشبه العلقم في فم البحريني المخلص. فحين يتم الاستيلاء على الوظائف في أهم مرفق حيوي وشركة وطنية تعتبر شريان الحياة لاقتصاد البحرين، ذلك يعني نتيجة أخرى، النتيجة هي الاستيلاء أيضاً على البعثات، ذلك أن جزءاً كبيراً من البعثات تذهب لأبناء الموظفين (والحسبة عندكم)..! التعليم حجر زاوية، التعليم بوابة الاستيلاء على الوظائف، هكذا نسمع دوماً، كيف لا توفر لي الدولة وظيفة حكومية وهي التي أرسلتني على نفقتها، فتقوم الدولة بتوظيف من أرسلتهم، فتكتمل الدائرة! مستقبل البحرين مرتبط بالتعليم، وأقول لوزير التربية الذي نكن له الاحترام، لا ينبغي أن يوظف “زيد وعبيد” كمدرسين ومدرسات وهم لا يملكون الوطنية ولا الولاء والانتماء للبحرين ولجلالة الملك، هذه مهنة من أخطر المهن، فما يتم تغذية عقل الطفل به، يكبر عليه كحقيقة مسلم بها لأن المدرس رسخها في عقله. لا ينبغي أن يرتجف مسؤول في وزارة التربية لأن الصحيفة الصفراء الناطقة باسم الجمعية الإرهابية في البحرين تشن هجوماً من أجل توظيف من يتم إرسالهم عند بوابة الوزارة للضغط على الوزير من أجل أن يتم توظيفهم كمدرسات أو مدرسين، هذا خطأ تكرر كثيراً، ثم إنهم وجدوا أن الدولة تتراجع مع الاحتجاج عن بوابة الوزارة فتوظفهم، حتى راقت لهم اللعبة، وحتى تم تنفيذ وصايا الاستيلاء على التعليم حتى يتم الاستيلاء على الوزارات، وبالتالي النقابات، وبالتالي نشل البلد (كما فعلوا في اللحظة الحاسمة). يا سعادة الوزير.. في بريطانيا وهي نموذج ديمقراطي للبعض لا يحصل المدرس والمدرسة الوظيفة حتى يكون لديه ولاء للملكة، وحتى تكون ممارساته في تعليم الطلبة كذلك، وإلا لا يستحق الوظيفة. من لا يملك رؤية حقيقة ما جرى لنا وحقيقة الأمور في البحرين فإنه سوف يضيع مستقبل البحرين من خلال التعليم، ومن خلال التدريب، أما حكايات معهد التدريب وبوليتكنك فإنها حكايات أخرى، من الإدارة وحتى القبول والتسجيل، وحتى إقصاء القلة بحجة هبوط الدرجات، وهذه القضية خطيرة فقد مارسها أساتذة في جامعة البحرين لإقصاء مواطنين من الداخل وعبر تنزيل المعدل، ومن ثم إقصائهم من الجامعة بحجة أنهم فاشلون في الدراسة (أرجو أن تبحث الدولة عمن تم إقصائهم من جامعة البحرين بحجة هبوط المعدل في سنوات كثيرة طويلة وستعرفون الحقائق). ما حدث لنا كان بسبب خبث مريض وأحقاد في النفوس مورست ضد أهل البحرين في كل مكان من أماكن العمل والدراسة، وللأسف كان (بيدي لا بيد عمرو)! اليوم أتوجه بالمناشدة ونحن على أبواب نهاية العام الدراسي إلى تجار البحرين، إلى من يملكون الخير ويريدون فعل الخير، وهناك للأمانة تجار وطنيون نحترمهم يقدمون الدعم لأبناء البحرين من أجل الدراسة في الداخل والخارج، فلهم الاحترام والتقدير. لكن أسأل عن تجار آخرين لا يطلعون بمسؤولياتهم الوطنية كما يجب، صحيح نحتاج للتبرعات للمحتاجين، لكننا نحتاج إلى تدريس الأبناء والبنات أكثر، حين تدرس شاباً أو شابة في الخارج ويعود ويحصل على وظيفة محترمة، فإنك ساعدت أسرة بأكملها من أن تكون محتاجة، وساعدت شاباً ليفتح بيتاً وأسرة. لماذا لا يبني تجار البحرين تحالفات مع تجار في الكويت والسعودية والإمارات وقطر من أجل مشروع تدريس أبناء البحرين تدريساً نوعياً، الذي أعرفه أن تجار الكويت (مثلاً) يريدون ذلك، لكنهم يبحثون عن الثقات من الجمعيات والناس، فلا يريدون أن تستخدم أموالهم في أمور أخرى. نريد من تجار البحرين التفكير في مستقبل البحرين من خلال التعليم، هذا الذي يبني الوطن، وهذا الذي ينهض بالمجتمعات ويجعلها مجتمعات متطورة منتجة. وجهنا لومنا للدولة مراراً وتكراراً على “سنوات الضياع” لكني اليوم أوجه رسالة لتجار البحرين المخلصين من أجل أن يدعموا مستقبل البحرين. ^^ رذاذ كنت أود أن أسأل الوزير السابق والدكتور المنظر الذي كان أحد المتحدثين في الدوار، والذي تبدل لسانه من بعد أن خرج من الوزارة، وخرج من السلك الدبلوماسي؛ كيف كنت راضياً وصامتاً بل تمتدح سياسات الدولة، وتسبح في فلك الدولة حين كنت وزيراً، وفي ذلك الحين كان قانون أمن الدولة يطبق في البحرين، فلم تقل أي شيء عن الحريات، ولا عن الممارسة الديمقراطية ولا عن حرية الرأي، ولم نسمع خطابك الذي تقوله اليوم وتدندن عليه.. أين كنت من الحريات حين كنت وزيراً وقت قانون أمن الدولة؟ فقط سؤال متواضع من العبد لله للدكتور المنظر، الذي أعطانا أنموذجاً فريداً، هو تلاقي البعث بالصفوية في زواج لا أعرف ماذا أسميه؟ عموماً نشكرك على أنك أضعت التعليم والبعثات في عهدك، حتى جاءت النتائج في 2011..!