^ قالت: السعادة هي أن تحب نفسك، أن تحب جوهرك الإنساني، ومن خلاله تحب الناس من خلال نفسك، إنَّك تستحق أن تحب نفسك بكلِّ ما فيها، ما لها وما عليها، ودونما تأخير أو تأجيل. قلت: هذا الموضوع يستفزّني إلى الحد الذي أصبحت فيه أرى الحديث عن”السعادة” نوعاً من الخرافة. فالمسألة ليست إرادية، بل تبدو كسلسلة طويلة نرتبط بها بلا فكاك نحو مصائرنا مهما فعلنا، خرائطنا ساذجة في إراديتها، ونحن مأخوذون بالحياة إلى العدم، بحثاً في كل يوم عن سعادة أخرى لا نقوى على القرع على أبوابها المغلقة والمغلّفة، لكي تكون سعيداً ولكي تكوني سعيدة، يتوجب أن نصل إلى محطة الجنة مخفورين بالورود والكلمات. قالت: إذا كنت تعتقد أنَّك ستكون أفضل مما أنت عليه اليوم، حتى تكون سعيداً، فلن تكون كذلك، بل عليك أولاً أن تحب نفسك وتؤمن بأن ما توفره اللحظة من الممكنات نعمة، أنت تفرض شروطاً مستحيلة على نفسك وتحرمها من نعمة اللحظة ومن قطف ثمار الممكن الذي قدر لك، فتؤجل فرصة أن تأخذ نفساً من سعادة الأرض الفانية، إنَّك الوحيد الذي تعرّف نفسك بالطريقة التي ترغب أن تعرفها بها، وعندما لا تتقبّل ذاتك كما هي، فإنَّك تضيّع الوقت باحثاً عن رضا الآخرين حتى تصبح كاملاً في نظرهم، ولكن الحقيقة أنَّك عندما لا تقبل ذاتك كما هي بأخطائها ونزعاتها وأهوائها وضعفها، فإنَّك ستشعر دائماً بالوحدة وتستولي عليك الكآبة، وقد تشعر أنَّ وجودك مع الآخرين لا جدوى منه، أما إذا تقبّلت حياتك بكلِّ ما فيها، فلن تهدر أيَّ جزء منها. قلت: بهذا المعنى الإرادي، فنحن الذين نصنع سعادتنا، ونحن الذين نصنع تعاستنا وكآبتنا، وبهذا المعنى فرحلة الحياة “سهلة طيّعة” وإنّي لا أراها كذلك، ولن أقدّم المثال عن الواقع، الأرض والسماء والناس من حولنا والتاريخ والروابط والسلاسل ومفاجآت الإرادة الكونية، وبعض من إرادتنا الصغيرة والكبيرة، هي من تشكل وجودنا، نزرع ونغرس الحلم ونمضي في حال سبيلنا وننتظر المطر وفعل الأرض والهواء وكيمياء الوجود الخارجة من العدم. قالت: مع الفصول يتناغم الشجر، يتلوَّن الحقل، تتلاحق الطير، ونحن؟ بين الوجود واللاوجود في الحناجر شعلة السؤال، لمحة من جبل الزمان والبريق الحالم، يُومئ بنار الرحلة القصيرة تدب في أرواحنا، فيبرد الجرح، قدرنا أن نزرع، أن نحلم، وأن ننتظر طيران فراشة الربيع فوق الحقول اليانعة. قلت: موجوع أنا في الحلم لأنَّني لا أنام، ترحلين دون سلام، هل مللتِ - مثلي- من عبث الأقدار؟ كابوس أن تمتطي نمراً وتهرول بين أزقة مظلمة، وسط حصارات القبيلة، لنبحث عن حلم في غفلة من المستحيل؟ قالت: السعادة هي ما تجعلي أشعر بطعم الحياة الجميلة فهي كالماء والهواء تزيد من خفقان قلبي لا تعرف معنى للطلاسم والأسرار تقفز من نظراتي كالنجم المتلألئ، بريقها جميل ونورها جذاب وساحر، ليس لها تعريف أو حدود بسيطة مثيرة، سعادتي تبدأ عندما تشرق الشمس داخل عيني وأصبح بين يدي الدنيا فراشة صغيرة ترفرف بين نبضات القلب، تنثر عقود الورد فوق موج البحر وتدخلني موانئ العشق، تحملني مع طيور النورس، وتلبسني تاجاً من شعاع الشمس. قلت: لايزال حلمي يذكِّرني بالأمان بالحب وبالأمنيات، حلمنا يقود إلى حافة النار، وتغريدة هذين العصفورين: قلبي وصلوات يحرسها عبقُ الذكريات. ^ همس.. أيتها الأرض في فِراشك الوردي تسكبين الطِّيْب، تُسامِرين الحلم، ترشفين ماء الحياة في صلاة الفجر، وعند استفاقتي تحرقينه، ومع غبطة أول الربيع أحمل زينة الأعراس، سفينة مسحورة بالأفق، فنغفو على الحلم من جديد! وفي أماني اللحظة نفترش الأقدار، بالشموس تلتصق عيوننا الكسولة! نسكن البيوت، نفتح النوافذ، وفي الأبعاد أن نُرافق السحب العابرة للأحلام، يكفي أن نحلم، أن نبقى كأطلال قديمة شاهدة على الذكرى.
من خرافات السعادة
15 أبريل 2012