اعتبر المحللون أن المرشحين لانتخابات الرئاسة المصرية يخوضون سباقاً انتخابياً محموماً للفوز بمنصب الرئيس، لكنهم يواجهون في الوقت ذاته، مهمة انتحارية تتمثل في جملة من التحديات تواجه البلاد وتعصف باستقرارها منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير 2011، وأشاروا إلى أن المرشح الفائز سيواجه تجربة شبه مستحيلة من أجل النهوض سريعاً بمصر، نتيجة الإرث الثقيل الذي ورثه من سياسات النظام السابق، وربما لن يصبر الشعب كثيراً على إصلاحات الرئيس المقبل، وسيطالبون بإصلاحات جمة منذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الحكم، ولعل ابرز التحديات التي تواجه الفائز بالمهمة الانتحارية التالي:^ الاقتصاد: يمر الاقتصاد المصري بأزمة حقيقية حيث تراجع احتياطي مصر النقدي من 36 مليار دولار إلى 15 مليار خلال العام الماضي، وتضاعفت ديون البلاد في السنوات العشر الماضية 10 مرات، وبلغ أجمالي ديون مصر الداخلية والخارجية 240 مليار دولار، وتساوت مع ناتج البلاد السنوي، فيما بلغت نسبة الفقر 42% من سكان البلاد، أما الفقر المدقع فيرزح تحته 20%، كما تراجع مؤشري السياحة والإنتاج الصناعي نحو 30% وانخفض الاستثمار الأجنبي 50%. واحتلت كفاءة سوق العمل المصري المرتبة 141 أي قبل الأخيرة في مؤشر التنمية العالمي. ورغم ما سبق يعتبر الاقتصاد المصري الثالث عربيا بعد السعودية والإمارات من حيث التنوع والناتج المحلي، كما إن قيمة التحويلات المصريين في الخارج وعائدات قناة السويس تحافظان على ارتفاعهما رغم الأزمة الاقتصادية. ويطرح الخبراء أفكاراً لمشاريع عملاقة في خليج السويس والصحراء الغربية لتنمية الاقتصاد.^ الفساد والبطالة: بلغ حجم فساد نظام مبارك نحو 5 مليارات دولار في ظل غياب الرقابة، في الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة البطالة إلى 13%. وستكون من أولويات الرئيس المقبل سلسلة من الإجراءات لعودة الأموال التي هربها رموز النظام السابق للخارج، ومحاولة القضاء على البطالة بتوفير فرص عمل للشباب.^ الأمن: تعاني مصر منذ سقوط نظام مبارك من ضعف الأمن نتيجة هروب عشرات الآلاف من "البلطجية” والمسجلين خطر والمطلوبين في أعقاب اندلاع ثورة 25 يناير، كما انتشرت تجارة السلاح بشكل مكثف، وكثرت عمليات الخطف والسرقة والسطو المسلح في عدد من المحافظات. ويعتبر الملف الأمني أبرز التحديات التي تواجه الرئيس المقبل، فيما يتطلع الشعب إلى عودة الأمن والأمان مرة أخرى، ومن ثم تعود السياحة إلى سابق عهدها تدر دخلاً كبيراً على البلاد.^ مياه النيل: مصر تواجه تحديات داخلية وخارجية في ملف مياه النيل، ولم يقدر النظام السابق مدى أهمية القضية، مما أدى إلى قيام بعض الدول الأفريقية التي تشترك حدودها مع مصر في مياه النيل والمعروف بدول حوض النيل ببناء سدود، والمطالبة بزيادة حصتها من المياه. وسيكون مطلوبا من رئيس الجمهورية المقبل أن يعيد النظر في العلاقات المصرية الأفريقية، وأن يعمل على زيادة الاستثمار المصري في هذه الدول، مما سيعود بالكثير من المكاسب على مصر.^ الإسكان والعشوائيات: تعتبر مشكلة العشوائيات قنبلة موقوتة في مصر تهدد الأمن القومي، وسيكون مطلوباً من الرئيس المقبل توفير مسكن لمن لا مأوى لهم، ولسكان العشش والمقابر والعشوائيات، من خلال الاهتمام بتعمير المدن الجديدة.^ الصحة: يعتبر ملف الصحة من الملفات الشائكة، خاصة مع تدهور مشروع التأمين الصحي الذي يكفل العلاج المجاني للمواطن البسيط، والمطلوب من الرئيس المقبل إعادة هيكلة مشروع التأمين الصحي لجميع فئات المجتمع، وتوفير العلاج للفقراء والمهمشين.^ الأمية والتعليم: أكدت أحدث الإحصائيات أن 40% من سكان مصر أميون، فيما يعاني نظام التعليم في مصر من قصور كبير خاصة التعليم الجامعي. ومن أولويات الرئيس المقبل وضع خطط لسياسة تعليمية موحدة والاهتمام بالتعليم الجامعي ورفع قدراته لمواكبة التطورات وسوق العمل.^ الاحتقان الطائفي: ما بين فترة وأخرى تعاني البلاد من الاحتقان الطائفي بين المسلمين والمسيحيين الذي يمثلون من 6 إلى 10% من إجمالي سكان مصر البالغ عددهم 84 مليون نسمة. وسيكون مطلوباً من الرئيس المقبل القضاء على الاحتقان، من خلال سلسلة إجراءات أبرزها التأكيد على حق الأقليات في المواطنة في بلدهم، والتحرك بجدية في هذا الملف وعدم الاستهانة به، مثلما فعل نظام مبارك.^ السياسة الخارجية: اعتبر المحللون أن الدور المصري الرائد الذي اشتهرت به على مر عقود قد تراجع نتيجة السياسة التي اتبعها نظام الرئيس السابق، وتحول الموقف المصري من الدور القيادي إلى دور التابع، وأهملت في عهد النظام السابق قضايا رئيسة منها ملف مياه النيل، وانفصال جنوب السودان، والقضية الفلسطينية والفشل في المصالحة بين حركتي "حماس” و«فتح”، وغيرها من القضايا الرئيسة التي كان لمصر دور محوري وفاعل. وسيكون مطلوباً من الرئيس المقبل عودة مصر للساحة الدولية من جديد، باعتبارها قلب الأمة العربية النابض، وتعزيز العلاقات مع دول مجلس التعاون بشكل خاص والدول العربية بوجه عام.وتبقى مهمة الرئيس المقبل انتحارية.. فهل يستطيع المرشح الفائز تطبيق خططه وإخراج البلاد من عنق الزجاجة؟!