^  مع مطلع هذا الأسبوع بدأ البحرينيون يستذكرون أحداث مارس في العام الماضي بأسلوب توثيقي، وانقسم البحرينيون فريقين لكل روايته، فريق يتحدث عن اعتداء الإرهابيين على طلبة جامعة البحرين وحرقها، واحتلال المرفأ المالي وبدء عمليات دهس شهداء الواجب، وفريق آخر وهو قلة داعمة للانقلابيين يتحدث عن اعتداء البلطجية والمرتزقة على طلبة الجامعة، واحتلال الجيش السعودي للبحرين، وبدء عمليات مداهمة القرى واعتقال الرموز، ....، وشعار الجميع “حتى لا ننسى”!! أحد أسباب استدعاء الذاكرة مزدوجة الوجهين أن الذكرى السنوية الأولى افتقدت للأحداث المثيرة التي اعتادها البحرينيون في العام الماضي، والسبب الثاني أن القضاء لم يحسم إلى الأن الكثير من الملفات التي بيدها أن تفصل بين الروايتين، وتظهر الحق من الباطل خصوصاً في مسألة احتلال السلمانية، وقتل رجال الأمن والتخابر مع جهات خارجية، سبب ثالث هو تسريب الناس فيما بينهم لمعلومات حول الوضع الاقتصادي المترف لبعض رموز حركة 14 فبراير، وكشف معلومات عن علاقاتهم مع بعض المسؤولين في بعض الجهات الحكومية، وتسريب علاقاتهم الخارجية وبعض تفاصيل رحلاتهم إلى بيروت وبغداد وغيرها من المناطق التي يرجح أن يكون لها دور في إعطاء توجيهات لاضطرابات البحرين وتقديم الدعم لمنفذيها، هذه الأسباب جعلت الأزمة شبه حاضرة بين الناس ومستمرة حتى تحسم ملفاتها. ما حدث في البحرين لا ينسى على مستوى الحدث، ومن أوقد الفتنة النائمة لن ينساه الشعب، ما حدث في البحرين أصبح تاريخاً وجزءاً من حياة عشناها وعاصرناها وعانينا آلامها، وهناك عبارة مأثورة تقول “التاريخ يكتبه القلم وليس الممحاة”، ولكن علينا تجاوز هيمنة الأحداث وسيطرتها على سلوكنا اليومي كي تعود الحياة إلى طبيعتها، وكي لا تتعمق الأحداث التاريخية إلى أغوار أنفسنا فنظل ننزف خوفاً وتخويناً وكراهية تتجاوز الذين خططوا للأحداث إلى الذين كانوا ضحيته مثلنا. المسؤولية تتحملها الدولة في الدرجة الأولى، بالكشف الصريح عن حقيقة الأحداث، وبتطبيق القانون على كل من ثبت تورطه في الأزمة البحرينية، كي تعود هيبة، وكي تعود ثقة المواطنين ببعضهم وبعض الجهات التي رسم عليها علامة استفهام، وبالعمل على بعث اللحمة الوطنية من جديد عن طريق فعاليات تساعد على الاندماج وليس نشاطات شكلية ومهرجانات خطابية. لن ننسى التاريخ، وثمة فرق بين التوثيق، وهو الجزء الذي مازلنا مقصرين فيه، وبين الشحن، وهو الذي صرنا نمارسه، وعلينا أن نتذكر أننا لا نستطيع أن نعيش ونتعايش بنصف ذاكرة، وبالجزء القاسي من هذه الذاكرة، فالذاكرة البحرينية تحمل الكثير من قصص التعايش والتزاوج والمشاركة، ونحن حين نخرج من منازلنا للعمل أو التسوق أو قضاء بعض الخدمات فإننا نتعامل مع جميع فئات المجتمع، ونحتاج للثقة ببعضنا والاعتماد على بعضنا، وفي النهاية لسنا جميعاً نتحمل مسؤولية ما حدث. ربما لن ننسى... ولكننا سنتجاوز لتسير مراكبنا نحو مرافئها الآمنة.