قد تكون الامارات أكثر دول الخليج انفتاحا، إلا ان مشاهد أجنبيات يرتدين سراويل قصيرة وقمصانا شفافة أو عشاق يتبادلون القبل في المراكز التجارية، دفعت بفتاتين إماراتيتين إلى إطلاق حملة عبر تويتر للدفاع عن الحشمة والتقاليد في بلادهم.في ممرات المراكز التجارية الفارهة في دبي، تتجاور زائرات سعوديات منقبات واماراتيات يلبسن العباءات السوداء الانيقة المطرزة، مع مقيمات اجنبيات وسائحات ثريات من شرق اوروبا او القوقاز يلبسن ثيابا لا تغطي في بعض الاحيان الا القليل من الجسد.وامام هذا الواقع الذي لم تمنعه بعض لافتات عند مداخل المراكز التجارية تشير الى حظر الثياب غير المحتشمة، اطلقت اسماء المهيري وحنان الريس حملة لتفعيل قانون الحشمة عبر موقع تويتر وانضمت اليهما شخصيات عامة واعلاميون وناشطون.وعبر تويتر، يتبادل الجميع التعليقات بالانكليزية والعربية على "تجاوزات" بعض الاجانب في مظهرهم وسلوكياتهم في الاماكن العامة، وخصوصا في المراكز التجارية.ويعيش في الامارات وافدون من حوالى مئتي جنسية يشكلون في الواقع الغالبية العظمى من السكان.وظاهرة الثياب "الفاضحة" موجودة الا انها ليست معممة، فقسم كبير من الاجانب في الامارات يلبسون بحرية تامة وانما لا يتجاوزون "الخطوط الحمراء".والمجتمع الاماراتي محافظ يتمسك الجميع فيه تقريبا باللبس التقليدي المتمثل في الثوب العربي الابيض مع الغترة والعقال للرجال، والعباءة السوداء و"الشيلة"، غطاء الرأس، للنساء.وبالرغم من مشاركة الاماراتيات بنسبة جيدة في سوق العمل وفي المناصب الادارية والحكومية، لم تتخل عن العباءة الا نساء قليلات جدا.وقالت أسماء، وهي من سكان أبوظبي وتعمل في مجال التسويق، لوكالة فرانس برس "رأيت سيدة في مركز تجاري في أبوظبي ترتدي شورتا قصيرا جدا، وكان منظرها شاذا فأخبرت ادارة المركز التي اكتفت بالقول ان هناك اعلانا عند المدخل بخصوص الملبس وأنهم لا يستطيعون عمل أكثر من ذلك".واضافت "كتبت تغريدة على تويتر تصف الأمر، وجاءتني ردود كثيرة تؤيد ملاحظتي وسرد لي كثيرون مواقف مشابهة تجاوز فيها أجانب العرف العام".وتحدثت أسماء عن بعض الأماكن التي ترفض استقبال الزبائن الا بالزي الرسمي، وتساءلت "لماذا لا تفرض غرامات على من يتجاوز القواعد المعلنة بوضوح على مداخل المراكز التجارية؟"تهدف الحملة بحسب أسماء الى توعية الاجانب لضرورة "احترام ثقافة البلد الذي يعيشون فيه"، مشيرة الى ان الحكومة ليست راعية للحملة كما ان اجانب كثرا يؤيدونها.اما حنان الريس التي تسكن في العين (شرق) وتعمل في مجال اداري، فقالت "تفجعني انا المرأة، مناظر بعض الأجنبيات في مراكز دبي وأبوظبي، فما بال الرجال؟ بعضهن يأتين بقميص فقط او ميني شورت يكشف الملابس الداخلية. يفترض أن لا يسمح لهن بدخول الأماكن العامة".واعتبرت حنان هذه السلوكيات بأنها "غير حضارية" حتى "بالنسبة لغير المسلم وغير العربي"، مضيفة "كاماراتية ومسلمة، لا اقبل هذا ولن أسكت عنه".ولاقت الدعوة تجاوبا من قبل بعض الشخصيات المؤثرة، وتبادل البعض عبر تويتر مقالا للسفير البريطاني في الامارات دومينيك جيرمي دعا فيه رعايا بلاده الى مراعاة التقاليد المحلية في الامارات.ونشر هذا المقال في موقع صحيفة 24/7 الذي كشف ايضا ان استطلاعا للرأي اجرته مجلة تابعة لوزارة الداخلية اظهر ان 72% من الأجانب المقيمين في دولة الإمارات يجهلون عادات وتقاليد البلد.كذلك يتداول "المغردون" النصوص القانونية الخاصة بالاحتشام والتي تغرم "اللباس الفاضح".احد الداعمين للحملة شاب اماراتي من دبي يعرف عن نفسه باسم "ابن ثالث"، وهو تساءل عبر تويتر عن مدى تفعيل قانون الحشمة وتطبيقه في الأماكن العامة، فتواصلت معه أسماء وحنان وتم تفعيل الهاشتاغ "يو ايه اي دريسكود" الذي تداوله اكثر من 1000 مستخدم في غضون ساعتين.وقال "ابن ثالث" لوكالة فرانس برس "الأمر لا يتعلق باللبس الفاضح في الأماكن العامة فقط بل بالسلوكيات العامة أيضا، فغير مقبولة التصرفات الحميمة والقبل في الشارع".واعتبر أن الحملة ليست موجهة ضد الأجانب، وقال "نريدهم فقط ان يحترموا ثقافتنا ومشاعرنا في الأماكن العامة".واضاف "ان الأجانب غير ممنوعين من ممارسة أشياء كثيرة لا نوافق عليها"، في اشارة على ما يبدو الى السماح بالخمور ولحم الخنزير في اماكن محددة، فضلا عن السماح للمسيحيين والهندوس بممارسة شعائرهم الدينية.من جهتها قالت الاعلامية ميرة القاسم ان "الكثير من الأجانب يتجنبون الظهور بمظهر فاضح غير أن البعض لا يراعي خصوصية المجتمع الذي يعيش فيه فيستفز الأهالي المحافظين بتصرفه".واضافت "دولة الامارات رغم انها منفتحة وتتوجه أكثر للحداثة عبر تقبلها لثقافات متعددة على ارضها الا ان ذلك لا يعني قبول العري في الأماكن العامة". من جهتها اعتبرت نادية بوهناد الاستشارية النفسية في مركز سايكولوجيا للاستشارات في دبي ان "الخطر" على الاجيال الاماراتية لا يأتي من الاجانب المقيمين في البلاد، بل من غزو الثقافة المعولمة للمجتمع الاماراتي الغني والمنفتح والذي يتمتع باحدث التقنيات.وقالت لوكالة فرانس برس "تصلني العديد من الحالات لمراهقين يودون العيش على الطريقة الغربية مثل أن تستقل فتاة بحياتها وهي في الثامنة عشرة أو تريد الزواج بشخص أحبته منذ ثلاثة أشهر فقط، وهناك من يتشبه بغير جنسه بدعوى حرية الاختيار مثل ما يحدث في الغرب".واعتبرت أن هذه الحملة "قد تعبر عن تخوف الإماراتيين من ضياع القيم المجتمعية في السلوكيات العامة"، غير أن الأخطر بنظرها هو ما يؤثر على الفكر، كما تخوفت من اختراق هكذا حملات من قبل متشددين لهم مفهوم آخر للحشمة.وقالت "إذا كانت الحملة موجهة من قبل أشخاص وسطيين في تفكيرهم ويعبرون عن تحسسهم من السلوكيات الشاذة فأنا معها، اما ان تعبر عن تزمت او تشدد ديني فهي غير مقبولة، فلا يحق لأي فرد أن يتقدم من أجنبي لينصحه بل هي مهمة الجهات الرسمية".
International
إماراتيون يتحركون عبر تويتر لحماية الحشمة والتقاليد في بلادهم
٢٨ مايو ٢٠١٢