^ بعد دقائق قليلة من قيام بعض الشباب المغرر به بإشعال النار في إطارات السيارات وحجز بعض الشوارع بتلك الطريقة غير الحضارية والبعيدة عن السلمية تبادر جهات إعلامية معروفة بموقفها السالب من البحرين تتقدمها السوسة الإيرانية (فضائية العالم) ببث الخبر بطريقة استفزازية تشعر المشاهد بتشفيها وتوحي بأنها تمتلك تفاصيل تلك العمليات، ما يعني أنها على علم مسبق بها وبطريقة وتوقيت تنفيذها. أما ما يجعل المرء متأكداً من هذه المعلومة فهو أنها تبث الخبر بتفاصيل غير مطابقة للواقع، ففي صباح الأربعاء الماضي جاء في الخبر الذي بثته بطريقة لم تستطع معها إخفاء فرحتها بما حدث محتويًا معلومة غير صحيحة بالمرة حيث قالت «إنه تم حجز أكثر من ستين طريقًا حيويًا في البحرين في وقت واحد وتم شل الحركة المرورية (بشكل كامل) خصوصًا تلك المؤدية إلى العاصمة المنامة والمطار ومنفذ جسر البحرين السعودية»، وغير ذلك من معلومات تم عرضها بشكل مبالغ فيه بغية تضخيم الحدث وإعطاء صورة سلبية عن البحرين، وحيث إن جزءاً من هذه المعلومات غير مطابق للواقع فإن التفسير المنطقي لها هو أن السوسة كانت على علم بتفاصيل العملية قبل أن تتم لكنها لم تتيقن من أنها تمت بالتفاصيل المتوفرة لديها واعتقدت أن كل شيء تم بالكيفية التي تم التخطيط لها وتصورها وأن كل شيء كان على ما يرام. هذه المعلومة تؤدي إلى استنتاج أن العملية التي تمت -وغيرها من عمليات- كان التخطيط لها على مستوى أعلى من مستوى الشباب الذي نفذها، وأن منفذيها ليسوا الوحيدين الذين كانوا على علم بتفاصيل العملية من حيث الأماكن والتوقيت؛ إنما أشخاص وجهات أخرى في الخارج وفي الداخل، الأمر الذي يعني أن هذه العمليات تتم بناء على توجيهات وتخطيط دقيق يشكل الإعلام جزءاً أساساً فيه سواء بتصوير تلك العمليات أو ببث الأخبار المصورة عنها والمبالغ فيها في التو والحال. ورغم أن بعض المعلومات في ذلك الخبر الذي تم بثه عن عملية الأربعاء التي اتخذ لها عنوان (غيرة الأحرار) لم تكن دقيقة، إلا أن ما حدث أمر ينبغي ألا يمر مرور الكرام وأن تتم مواجهته من الجميع، ذلك أن العملية لم تكن عادية سواء في حجمها أو توقيتها أو إعلامها أو في سريتها، وهذا أمر خطير بل خطير جداً، وهو يبين تحول هذه الجماعات إلى العمل السري، فالعملية التي تمت صباح الأربعاء وأكملت في مسائه (على طريقة الأفلام التي تنتج في جزءين) وبغض النظر عما اكتنفها من هنات، فالأخطر فيها أنها كانت مفاجئة، وهذا يعني أن جانب السرية كان هو الأساس، ويعني أيضاً أن التنسيق بين تلك الجماعات وداعميهم ومناصريهم يعتبر عالياً مما يبشر بالأخطر. في اعتقادي أن هذه المرة بالتحديد لم تكن العملية مجرد «تصنيفة» شباب أو شطانة مراهقين اقتادهم الحماس أو الرغبة في الانتقام، فالعملية كانت بمثابة إعلان أنهم مقبلون على مرحلة جديدة تعتمد العمل المنظم والسري، وأن تلك العمليات ليس أساسها الشباب الصغير الذي قد لا يدرك طريقه ولكن رؤوس كبيرة في الداخل والخارج وارتباطات لم يعد بالإمكان نفيها بتصريح هنا وبكلام هناك. ما حدث الأربعاء الماضي أمر خطير، والتغطية غير المحدودة التي حظيت بها تلك العمليات من السوسة الإيرانية وما حولها من فضائيات ومواقع إلكترونية يتطلب التوقف عنده وتحليله بشكل علمي لاتخاذ المناسب من قرارات وطرق لمواجهته. ويش؟
فضيحة العمليات المفاجئة!
28 مايو 2012