لعبة الصراع السياسي في البحرين واضحة الآن، وهي تنطلق نحو مسار جديد بين أطراف الصراع الثلاثة الرئيسة (السُنة، والشيعة، والنخبة الحاكمة)، وسبب ذلك تبدل الأجندة المرحلية مع ثبات الأهداف. نقصد بذلك دخول قضية الاتحاد الخليجي ضمن دائرة الصراع السياسي، ويمكن التعرف على ذلك من خلال مواقف أطراف الصراع، وهي كالآتي: السنة: مؤيدين لمشروع الاتحاد الخليجي ولديهم مرونة عالية تجاه آلية إقراره وشكله. الشيعة: منقسمين تجاه مشروع الاتحاد الخليجي، فمنهم مؤيد، ومنهم معارض، والاتجاه المعارض تقوده المعارضة الراديكالية التي تطالب بشرطين للقبول بمشروع الاتحاد، وهما: الإصلاح أولاً قبل الاتحاد، وطرح مشروع الاتحاد في استفتاء شعبي عام. النخبة الحاكمة: مؤيدة لمشروع الاتحاد الخليجي، وترى فيه امتداداً وبعداً مستقبلياً للدولة البحرينية يضمن لها الأمن والاستقرار، وأداة فعّالة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية في ظل التحولات الإقليمية الخطرة. ثلاثة مواقف متباينة، ومن خلالها يمكن التعرف على حجم الاتفاق والتأييد الذي يحظى به مشروع الاتحاد الخليجي بين كافة مكونات المجتمع، وتحديداً أطراف الصراع السياسي. ويلاحظ أيضاً أن الطرف المتحفظ على المشروع هو المعارضة الراديكالية التي تحاول فرض شروطاً جديدة للقبول بالمشروع بما يحقق أجندتها. اللافت هنا التوافق الكبير بين الموقف الرسمي الإيراني تجاه مشروع الاتحاد مع موقف المعارضة الراديكالية في البحرين، فهو موقف متحفظ، ويرى ضرورة تفعيل الإرادة الشعبية من خلال الاستفتاء الشعبي العام حول مشروع الاتحاد. وخلال الفترة المقبلة سنرى كافة الأخبار التي تنقل أحداث الصراع السياسي في المنامة تتحدث عن تحفظ (الأغلبية) على مشروع الاتحاد ومطالبتهم بطرحه في استفتاء شعبي عام. آليات خلق القضية عبر وسائل الإعلام معروفة، وهي لعبة اليوم، ولذلك هناك حاجة كبيرة لتحويل قضية الاتحاد من قضية محلية إلى قضية خليجية بمعنى «أقلمة» فكرة الاتحاد الخليجي حتى يصبح الاتجاه السائد لدى الرأي العام الخليجي هو دعم الاتحاد، وهذا لا يكون إلا من خلال حملة شعبية واسعة النطاق، وليست حملة رسمية تنفذها الحكومات بسبب القدرة على التأثير. ننتقل لبعد آخر في قضية مطالبة المعارضة الراديكالية بالاستفتاء على مشروع الاتحاد الخليجي قبل الدخول فيه، فليس الهدف هنا إكساب المشروع ثقة وموافقة الإرادة الشعبية، بل المسألة أكبر من ذلك بكثير، إذ تحاول المعارضة الراديكالية تحويل قضية الاتحاد الخليجي إلى قضية أخرى جديدة يمكن من خلالها إدخال مشروع الاستفتاء على نظام الحكم ضمن الموضوع. بمعنى إذا تمكنت المعارضة الراديكالية من إقرار مبدأ الاستفتاء على الاتحاد الخليجي، فإنها ستكون سابقة، وستطرح بعدها فكرة إقامة استفتاء على نظام الحكم في البحرين، وذلك امتداداً للمشروع الفاشل الذي نفذته قبل سنوات قليلة عندما طلبت من هيئة الأمم المتحدة منح شعب البحرين حق تقرير المصير، ولكن المطلب لم يحظ بأدنى اهتمام من المنظومة الدولية آنذاك. نخرج من قصة الصراع السياسي المقبلة بأنها ستكون معركة جديدة من معارك الصراع السياسي الداخلي، ولكن اللافت فيها أنها لن تكون معركة محلية الأطراف بل ستكون معركة ذات أطراف إقليمية، ونتائجها شبه محسومة من الآن.
الاستفتـاء والصــراع السياســـــــي المقــــبــــل
28 مايو 2012