يتضايق المنطلقون من منازلهم إلى أعمالهم أو عند قضاء حاجاتهم من الانتظار الطويل في الطرق لا لسبب إلا أن مجموعة من الشباب الذين نعرف انتمائهم وأهدافهم ومخططاتهم ومن يحركهم أرادوا ذلك فوضعوا العوائق بطريقة منظمة على أهداف مدروسة قصدوا منها التخويف وإثارة نوع من الضجر عند الناس.وهم يردون بذلك أن يتوصلوا إلى مطالبهم الخاصة والفئوية لا مصلحة الجماعة فإن يد الحوار مدت أكثر من مرة كي يخرج الجميع برؤية وطنية مشتركة إلا أنهم أبوا إلا الانفراد بالرأي والاستحواذ على الجميع فيما ظنوا بأنه استحقاق ومطالب مشروعة، وليس هنا مجال التوسع في ذلك فقد عجز المصلحون المخلصون وهم ينصحون في المجالس العامة والخاصة ألا أنك أسمعت لو ناديت حيّا ولكن لا حياة لمن تنادي.والذي يهم هنا ردود فعل مع هذه التصرفات رغم شناعتها وعدم موافقتها للأخلاق ومصادماتها لمبادئ الشريعة إلا أن بعض الناس وقد سمعت بعض المداخلات في الإذاعة أو الحديث في المجالس كلام فيه نوع من العاطفية والتضجر من الواقع وشكوى الحال، وسؤالهم إلى متى سيستمر ذلك؟! ولماذا لا يتم معاقبة المخطئين؟!كل ذلك أسئلة مشروعة لكن لا نريد أن نحمل الأمور أكثر مما تحتمل ونضخم الأشياء، فساعة أو ساعتين يُنتظر فيها خير من الاستعجال في القرارات أو تقديم تنازلات، وكم من أحداث أكبر ومصائب أعظم تمر بالأمة من حولنا لا يمكننا أن نقارنها بما يحدث لدينا.المقصود إننا نحتاج إلى مزيد من الحلم والتجمل بالصبر، فمن مرتكزات الأخلاق وقوائم التدبير، ومن حصل عليه فكأنما حصل على جوامع الخير وباب واسع في فنون التعامل مع الغير الصبر عباد الله تلك الفضيلة التي يحتاج إليها كل مسلم فالحياة صراع بين الحق والباطل والخير والشر، والصبر المطية التي لا تكبوا، والوسيلة التي بها صاحبها ينجوا. إن الصبر ضرورة حياتية قبل أن يكون فريضة دينية شرعية، فلا نجاح في الدنيا ولا فلاح في الآخرة إلا بالصبر.الصبر حمل النفس وحبسها على أداء الطاعات واجتناب المنهيات، وقبول البلاء برضا وتسليم، وأعلى منه الصبر الجميل وهو تحمل الآلام والمكاره بثبات وقوة ومداومة.فهذا ما نستفيده من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعلٌ لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً)) أخرجه أحمد، وفي حديثه صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عباس قال: ((وأن النصر مع الصبر))، وفي ختام عدد من السور المكية أوصى الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر: (وَ?تَّبِعْ مَا يُوحَى? إِلَيْكَ وَ?صْبِرْ حَتَّى? يَحْكُمَ ?للَّهُ وَهُوَ خَيْرُ ?لْحَـ?كِمِين) [يونس:109]، وكما قيل: النصر صبر ساعة.