ميدل ايست أونلاين: يعد حفل توقيع الكتب تقليداً أوروبياً نقلته إلى الواقع الثقافي العربي دور النشر الخاصة، لحفز مزيد من القراء في ظل التراجع الملحوظ في أعدادهم في عالمنا؛ وتستهدف هذه المكتبات تشغيل "آليات” تنشيط الحركة الثقافية التي كادت تتوقف، ومن هذه الآليات "حفل توقيع الكتب”. ويحضر "الحفل” مؤلف الكتاب ويوقع على نسخ كتابه للجمهور، وبمرور الوقت تحولت هذه الحفلات إلى عادة للعديد من دور النشر، خاصة المتخصصة في نشر الأعمال الأدبية. والسؤال: هل حفلات توقيع الكتب تأتي بثمارها المرجوة من حيث الإعلان عن صدور الكتاب والترويج له؟ يقول الروائي علاء الأسواني: حفلات توقيع الكتب تقليد عريق في الأدب الغربي، يسعى خلاله الجمهور للحصول على نسخة موقعة أو ممهورة بتوقيع المؤلف. ويعد "توقيع المؤلف” في حد ذاته يمثل قيمة كبيرة، وتخزن بعض دور النشر في الغرب مجموعات ضخمة من الكتب عليها توقيع المؤلف لتبيعها للجمهور في غياب الكاتب. لا يروج حفل التوقيع للعمل الأدبي، لكنه يدل على مدى إقبال الجمهور على الكتاب أو انصرافه عنه، ويعقب ذلك إقامة ندوة حول الكتاب بحضور الجمهور للمناقشة فيتم تقديم الكتاب للجمهور. ويضيف الأسواني: أسيئ فهم حفل التوقيع عندنا، وهو لا يتضمن توقيع الكتب للأصدقاء الذين أرسلت إليهم النسخة كهدية عن طريق البريد أو يداً بيد، لكنه يقام للقراء، وكان هذا التقليد موجوداً في مصر في فترة الثلاثينيات والأربعينيات، وكان عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد يقف أمام الناشر الخاص به "مكتبة الأنجلو”، ويقف الجمهور صفاً ليوقع له نسخته التي اشتراها، ولك أن تتخيل السعادة الغامرة، حينما تمتلك نسخة موقعة بخط يد العقاد. ويعترف الأسواني بأن روايته "شيكاغو” قد ارتفع توزيعها بشكل كبير بعد حفلات التوقيع، التي عقدت للرواية التي فاق عددها حتى الآن 4 حفلات ووزعت في الأربع أسابيع الأولى 25 ألف نسخة، وحالياً تم طبعها للمرة السادسة، فيما طبعت من رواية "عمارة يعقوبيان” تسع طبعات خلال أربع سنوات بينما "شيكاغو” طبعت خمس طبعات خلال شهور قليلة. إثارة الانتباهويرى الروائي ابراهيم عبدالمجيد أن حفل التوقيع تقليد أوروبي قديم انتقل إلينا مع انتشار دور النشر الخاصة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ولكن للأسف لم نلمس له حضوراً في حياتنا الثقافية، إلا مؤخراً لأن النشر في معظمه حكومي حيث صدر لي الكثير من الأعمال عن دور نشر ومؤسسات حكومية، ولم تفكر واحدة منها في إقامة حفل توقيع واحد منها. ويضيف: مع ظهور دور النشر الخاصة، بزغت فكرة حفلات التوقيع كنوع من الترويج للعمل ونوع من المساعدة في توزيع أكبر عدد من النسخ، كما فيها ترويج إخباري أيضاً. الروائية سلوي بكر حتى الآن لم تشارك في أي حفل لتوقيع رواياتها، وتقول: "لأنني لا أجيد فن العلاقات الشخصية و«التربيطات” والمعارف، فالمسألة لها حسابات أخرى، ولم تقم أية دار نشر بدعوتي لإقامة حفل توقيع، ولا أدري ما السبب في ذلك”. موت القارئالقاصة والروائية د. لنا عبدالرحمن تقول: لم يعد هناك قارئ بوجه عام وحفلات التوقيع ليست إلا دليلاً مؤكداً للكتاب على موت القارئ، لا سيما قارئ الأدب، ورغم ذلك فإن حفلات التوقيع تخلق جواً حميمياً بين الكتّاب بعضهم البعض بوصفهم منتجين للثقافة ومستهلكيها في الوقت نفسه، فأنا أكتب لكي يقرأ لي كاتب آخر لا أكثر، ثمة قارئ نشعر بوجوده ولا نراه إلا أننا نستشعره من خلال بعض الرسائل أو من خلال الندوات. ومن وجهة نظر صاحبة مؤسسة دار العين للنشر د. فاطمة البودي؛ فإن الأهم من ترويج الكتاب هو الاحتفاء بالكاتب وتسليط الضوء على عمله الإبداعي، مما يترتب عليه الترويج للإنتاج الأدبي. وتضيف: بدأت هذا التقليد منذ إعادة طبع رواية الكاتب السوداني الكبير الطيب صالح "موسم الهجرة إلى الشمال”، والتي وزعت ثمانية آلاف نسخة خلال عامين وبنسب متقاربة أيضاً الأعمال الكاملة للقاص يحيي الطاهر عبدالله. وفي رأي صاحب دار نشر "ميريت” محمد هاشم أن حفل التوقيع صار يلعب دوراً مهماً للدعاية للمؤلفات الجديدة، وأن له تأثيراً إيجابياً في إثارة الانتباه للكتاب وتعريف الناس به، والكلام حوله مفيد، كما يسهم في ترويج الكتاب لكن ليس بأرقام فلكية، فقد تعقب الحفل زيادة توزيع عشرات النسخ ترتفع تدريجياً بمرور الوقت. أما مصطفى الشيخ مدير دار آفاق للنشر فيقول: من المؤكد أن حفلات التوقيع تسهم في ترويج الكتاب، ولكن النتيجة لا تظهر سريعاً وتحتاج إلى وقت وبتكرار الاحتفالية يتم ترسيخ هذا التقليد على المدى الطويل ولا تتوقع أن جموع الشعب ستأتي، ولكن يكفيك أن تكسب قارئاً جديداً وسوف يزداد العدد المرة بعد الأخرى. وعن أكثر حفلات التوقيع التي ارتفع فيها توزيع الكتاب ارتفاعاً ملحوظاً، يقول الشيخ: كان حفل توقيع مختارات "سلوى يوسف” متميزاً وأحدث ضجة كبيرة في وسائل الإعلام وعلى شبكة الإنترنت خاصة أن الاحتفالية تزامنت مع مؤتمر الشعر العالمي بالقاهرة وقيل عنها إنها كانت مؤتمراً موازياً.
Variety
حفلات توقيع الكتب محاولة لإحياء القراءة من مواتها
28 مايو 2012