اللورد ايفبوري وجماعته في لندن وهنا قصتهم هذه الأيام ضرورة الاستفتاء على اتحاد يجمع البحرين والسعودية وأياً من دول الخليج، ويجب أن يطرح الموضوع أمام الشعب ولو الشعب رفض الاتحاد، فالصواب أن نتجاوز الموضوع ونظل كما نحن ريشة في مهب الرياح الشرقية، يوم يقولون لنا أنتم محافظة تتبعنا ويوم يهددون باجتياحنا وحرق الأخضر واليابس وخذ من ذلك التصريحات التي تؤرق كل مواطن بحريني، واحسب كل مواطن خليجي يطل على هذا البحر الذي يحمل لنا كل صباح نسمات معطرة بالزعفران ونوايا لا تسر الخاطر. هل الصواب أن يكون قرار اتحاد استراتيجي هدفه الأساسي وقاية للأمن والسيادة الوطنية محل استفتاء؟ هل الديمقراطية تتعارض مع المنطق ومع مصلحة بديهية جداً، عندما يباغتنا عدو من أي نوع هل نطرح مسألة رفع سلاحنا في وجهه للاستفتاء؟ لا أظن. تذكرون لعبة المونوبولي وكيف نجمع الأراضي لنبني فوقها ونتفوق “اقتصادياً”، لا نحتاج لاستفتاء لنعرف من سيفوز باللعبة، فهو طبعاً الذي يملك التفوق الجغرافي والاقتصادي، الصغير الذي لا يملك مقومات الاستمرار يخرج من اللعبة، ونحن بحاجة أن نكون جزءاً من منظومة أكبر ونبدو أكبر وهذه فكرة الاتحاد؛ فلماذا يرفض البعض أبسط أسس اللعب؟ العالم كله يلعب بهذه الطريقة، الولايات الأمريكية اتحدت، الدول الأوروبية اتحدت، الشرق اتحد بطريقته، حتى إيران والعراق على ما يبدو ماضيتان في الطريق ذاته، الاتحاد هناك موضوعي جداً لكن عندنا مرفوض مرفوض!. لا داعي للقول إن الاتحاد بين دول الخليج هو ترف، أسبابه السعي لمزيد من الرخاء والنماء وازدهار اقتصاد الدول الصغيرة وإنعاش الأسواق وتشجيع السياحة البينية وكل هذا الكلام، كلنا نعلم الهدف الأول من الاتحاد وكيف وصلنا لمرحلة لابد لنا فيها من الاتحاد، نحن نعاني من تهديد وجود قبل هذا كله ولا يمكن لعاقل أن ينكر ذلك، الضفة الشرقية التي ابتلعت في القرن الماضي أراضي عربية بلا حساب وجندت قوتها لسحق الهوية العربية فيها، هي ذاتها التي تحتل الجزر الإماراتية، وتدعي أن البحرين محافظة تتبعها تاريخياً وتبدأ الآن منها متجهة بكل قوتها إلى عمق دول الخليج وتمول وتدعم تغيير الأنظمة على طريقتها وبأدواتها وبأجندتها، هذا الهاجس المقلق تعيشه الشعوب قبل الحكومات كل يوم. لا أدري ما الذي يمكن أن يشكل خطراً أكبر على البحرين؛ هل هي السعودية؟ هل التبعية لمنظومة دول؟ ماذا عن مجلس التعاون الموجود أصلاً هل يشكل تبعية؟ عموماً حتى عند قيام الاتحاد الأوروبي كانت هناك اعتراضات في بعض الأوساط ولا يدعي أحد أن كل أوروبا قالت بصوت واحد نعم للاتحاد، لكن أوروبا لم تكن واقعة تحت تهديد مباشر، لم تكن روسيا أو أمريكا تتحدث عن مستقبل أوروبا وكأنها ولاية أو محافظة تابعة لها، الأمر الذي نحن على يقين به أن الوحدة مسألة طبيعية كانت لتأخذ عقوداً لكنها ستأتي عاجلاً أم آجلاً لأن الشعوب والحكومات مترابطة ومتكاملة لحد بعيد، انتفاء التهديد الإيراني لا يعني أن مجلس التعاون يجب أن يبقى عند مستواه الحالي ولا يرتقي بدوله وشعوبه. منظومات الاتحاد لم تضر دولة أبداً ولم تلزمها بترك هويتها وتغيير جلدها، والعجيب هو من يرفض الاتحاد بدعوى أنه احتلال رسمي للبحرين، هل أي من دول أوروبا محتلة؟ هل الإمارات العربية محتلة -عدا الجزر-؟ ولم نرَ في أوروبا من يتكلم بهذه التراجيديا عن كون بلده جزءاً من منظومة دول تتكامل اقتصادياً وتدافع عن بعضها عسكرياً وتدعم بعضها وقت الأزمات، هل هناك تبعية في علاقة الدول الأوروبية ببعضها؟ دول الخليج تحتاج لبعضها أكثر مما تحتاج دول أوروبا لبعضها، ومن حق دول الخليج أن تستغل العوامل التي حبتها بها الطبيعة وجمدتها ظروف الاستعمار والتحولات المختلفة، ومن حق الشعوب أن تستفيد من أي فرص متاحة لتحقيق رفاه أكثر وأمن أكبر. نبارك هذا الاتحاد والاتحاد الأشمل مع بقية الدول والواقع يقول نعم للاتحاد، فلا يمكن أن تستقيم أمورنا مع الشرق أو الغرب ونمتلك زمام أمرنا ومنطق القوة الذي يحكم العالم ونحن فتات دول على ضفة الخليج.
الاتحاد واللورد ايفبوري!
28 مايو 2012