إعداد - وليد صبري: يحيي الفلسطينيون على مدى أيام شهر مايو الذكرى الـ64 للنكبة الفلسطينية التي بدأت فصولها وتداعياتها في 15 مايو 1948، وهى المأساة التي شردت الشعب الفلسطيني خارج دياره لصالح إقامة دولة إسرائيل. وفي المقابل يحتفل الكيان الإسرائيلي المحتل بإعلان قيام "دولة إسرائيل” المزعومة والتي قامت على اغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه التي احتلها الكيان المجرم.. و«النكبة” مصطلح فلسطيني يعني "الكارثة” أو "المصيبة” ويبحث في المأساة الإنسانية المتعلقة بتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج دياره، وهو الاسم الذي يطلقه الفلسطينيون على تهجيرهم وإبعادهم قصرياً وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسية والاقتصادية والحضارية عام 1948، وهي السنة التي طرد فيها الشعب الفلسطيني من بيته وأرضه وخسر وطنه لصالح إقامة الدولة اليهودية "إسرائيل”، وتشمل أحداث النكبة، احتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد 850 ألف فلسطيني من أراضيهم ومنازلهم وتحويلهم إلى لاجئين.وأصبح عدد هؤلاء اللاجئين وأولادهم وأحفادهم بعد 64 عاماً من النكبة أكثر من 5 ملايين لاجئ، ولايزال معظم هؤلاء يعيشون في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي البلدان العربية المجاورة مثل الأردن وسوريا والعراق ولبنان ومصر.وتضمنت أحداث النكبة عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسة وتحويلها إلى مدن يهودية. وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء يهودية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي أوروبي. ورغم أن السياسيين اختاروا 15 مايو 1948 لتأريخ بداية النكبة الفلسطينية، إلا أن المأساة الإنسانية بدأت قبل ذلك عندما هاجمت عصابات صهيونية إرهابية قرى وبلدات فلسطينية بهدف إبادتها أو دب الذعر في سكان المناطق المجاورة بهدف تسهيل تهجير سكانها لاحقاً.وشهد عام 1948 الذي يكرهه الفلسطينيون بشدة، احتلال معظم أراضي فلسطين من الحركة الصهيونية، وطرد ما يربو على 850 ألف فلسطيني تحولوا إلى لاجئين، بخلاف قيام العصابات الصهيونية بارتكاب 70 مجزرة استشهد على إثرها ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني بخلاف أعمال سلب ونهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من 774 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسة وتحويلها إلى مدن يهودية إضافة إلى تغيير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء العربية وتبديلها بأسماء إسرائيلية.800 ألف حالة اعتقالمن جهته، قال مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين الفلسطينيين عبدالناصر فروانة، إن "أكثر من 800 ألف حالة اعتقال سُجلت منذ عام 1948، طالت كافة شرائح وفئات المجتمع الفلسطيني بينها الأطفال”، معتبراً أن "الفترة الممتدة من نكبة الشعب الفلسطيني سنة 1948 وحتى استكمال الاحتلال الإسرائيلي سنة 1967 الأكثر فظاعةً وإجراماً بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب كونها اتسمت باعتقالات عشوائية واحتجاز جماعي في معتقلات مؤقتة أعدت وأقيمت خصيصاً لذلك بالقرى العربية التي تم طرد السكان منها واحتلالها”.من جانبه، أعلن مركز الإحصاء الفلسطيني أن ‏«11.7‏ مليون نسمة يعيشون في فلسطين التاريخية حتى نهاية العام الماضي، والتي تبلغ مساحتها ‏270‏ ألف كيلومتر‏، مشيراً إلى أن "اليهود يشكلون 52% من مجموع السكان ويستغلون أكثر من 85% من المساحة الكلية للأراضي الفلسطينية”. وأوضح المركز، في تقرير له بمناسبة ذكرى النكبة، أن "نسبة الفلسطينيين تبلغ 84% من مجموع السكان ويستغلون أقل من 15% من مساحة الأرض، ونتيجة ذلك أن الفرد الفلسطيني يتمتع بأقل من ربع المساحة التي يستحوذ عليه الفرد الإسرائيلي من الأرض، ووفق المعطيات الإحصائية للمركز فإن عدد الفلسطينيين عام 1948 بلغ 1.37 مليون نسمة، في حين قدر عدد الفلسطينيين في العالم نهاية عام 2011 بنحو 11.2 مليون نسمة، وهذا يعني أن عدد الفلسطينيين في العالم تضاعف أكثر من 8 مرات منذ أحداث نكبة 1948”، مشيراً إلى أن "البيانات الموثقة تدلل على أن الإسرائيليين سيطروا خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة، وقاموا بتدمير531 قرية ومدينة فلسطينية، كما اقترفت القوات الإسرائيلية أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين أدت إلى استشهاد 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة.وفيما يتعلق بعدد الفلسطينيين المقيمين حالياً في فلسطين التاريخية، أشار إلى أن البيانات تؤكد أن عددهم بلغ في نهاية عام 2011 نحو 5.6 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يبلغ عددهم نحو 7.2 مليون بحلول نهاية عام 2020، وذلك فيما لو بقيت معدلات النمو.جرائم ومذابح إسرائيليةوتتعدد المذابح والجرائم التي قامت بها إسرائيل خلال النكبة كانت أبرزها مذبحة دير ياسين في 9 أبريل 1948، وبدأت المرحلة الثانية لطرد الفلسطينيين من القرى المجاورة للقدس والواقعة خارج حدود الدولة اليهودية حسب قرار التقسيم، وهاجمت وحدة من عصابتي الإرجون وشتيرن بالتعاون مع الهاجانا قرية دير ياسين فجراً، وذبح الصهاينة حتى الظهر 100 فلسطيني، وكانت قرية دير ياسين تبعد 3 كم عن مكتب مدير البوليس البريطاني في القدس المحتلة وعندما أخبروه أن هناك مذبحة تدور في دير ياسين، لم يتحرك وقال هذا ليس من شأني، وقامت القوات البريطانية بالانسحاب قبل شهر من موعد انسحابها، ودخل اليهود مباشرة مكانهم، واستلموا 2700 مبنى حكومي، و50 محطة قطار، و3000 كم من الطرق المعبدة، وعدة موانئ، و37 معسكراً للجيش مليئة بالأسحلة وقطع الغيار، كما استكمل الجيش البريطاني انسحابه من طبرية في 18 أبريل بعد أن طرد 5 آلاف من سكانها العرب فاحتلها الصهاينة في اليوم ذاته، وفي حيفا استكمل الجيش البريطاني انسحابه ظهر 21 أبريل فاقتحمها 5000 مسلح من الهاجانا، وكانت يافا آخر مدينة يجري احتلالها، وحدث ذلك في 13 مايو، قبل يومين من انتهاء الانتداب، وهاجم 5000 جندي تابعين للهاغاناه والأرغون المدينة.ويقول المؤرخ الإسرائيلي والباحث في المذابح الصهيونية ثيودور كاتس "حدث مرات عديدة أن الجنود الإسرائيليين، الجنود المختارين، أخذوا 10 من الشباب إلى وسط القرية وأطلقوا النار عليهم وقتلوهم كي يرى كل الناس ذلك فيهربون، وإذا لم يكن هذا كافياً كانوا يأخذون آخرين لقتلهم أيضاً”خطط ترحيل الفلسطينيينخطة الترانسفير "Transfer” وتعني "ترحيل” أو خطط ترحيل الفلسطينيين، وهي مجموعة من العمليات والإجراءات التي قامت بها الميليشيات الصهيونية، ومن بعدها حكومة إسرائيل ومازالت لترحيل أكبر عدد ممكن من السكان غير اليهود في أراضٍ تريد أن تضمها إلى الدولة الإسرائيلية أو مضمومة سابقاً، بهدف الحفاظ على يهودية الدولة الإسرائيلية.5 ملايين لاجئ فلسطينيوتعد قضية اللاجئين الفلسطينيين إشكالية كبرى أمام الجهود الساعية لإقرار حل يعتمد مبدأ تقاسم فلسطين على أساس حل الدولتين، خصوصاً وأن العدو الصهيوني يرى في العنصر الديمغرافي الفلسطيني تهديداً لنقائه وبقائه بالمنطقة.في غضون ذلك، تتزايد التحديات التي يواجهها حق العودة لقيام تشكيلات سياسية لتبني الحق كهدف أساسي، وفي مسعى لإنفاذ القرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة والذي يقضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم المغتصبة. وقال مستشار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ‘’الاونروا’’ عدنان أبوحسنة، إن "إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين يزيد حالياً عن 5 ملايين لاجئ موزعين في قطاع غزة ورام الله والأردن وسوريا ولبنان والعراق ومصر، وتقوم ‘’الاونروا’’ بتقديم الخدمات لهم”.ونبه أبوحسنة إلى أن "نسبة اللاجئين في قطاع غزة تفوق عدد السكان الأصليين”، موضحاً أن "نسبتهم في القطاع تبلغ 72 % من إجمالي السكان ‘’يضم قطاع غزة الذي يبلع عدد سكانه 1.8 مليون نسمه 5 محافظات’’ ويضم أيضاً 8 مخيمات للاجئين أبرزها جباليا والشاطئ والبريج والمغازي والنصيرات ودير البلح، وتعد هذه المخيمات من أفقر المناطق في القطاع وأكثرها اكتظاظاً بالسكان.وقال جهاز الإحصاء الفلسطيني في تقرير إن "نسبة اللاجئين في الأراضي الفلسطينية شكلت ما نسبته 44% من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين في الأراضي الفلسطينية، ويشكل اللاجئون 59 % من مجمل السكان الفلسطينيين في العالم الذي يبلغ عددهم 11.2 مليون نسمة”. ويعيش حوالي 29% من اللاجئين الفلسطينيين في 58 مخيماً تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيماً في لبنان، و19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.شعب بلا أرضويعتبر الإسرائيلي موشي هس من أوائل من طرح فكرة إعادة انبعاث الأمة اليهودية، وبدأت فكرة الترحيل تظهر لحيز الوجود مع بداية الظهور الفعلي للحركة الصهيونية والتي تم إنشاؤها على يد ثيودور هرتزل، ولاتزال تجهد للحيلولة دون عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم رغم صدور قرار حق العودة للاجئين الفلسطينيين في الأمم المتحدة، كما قامت الحركة الصهيونية بالترويج إلى أن أرض فلسطين خالية خاوية، وتم الترويج بشدة لمقولة إسرائيل زانجويل وثيودور هرتزل "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، وكما قال حاييم وايزمان "هناك بلد صدف أن اسمه فلسطين، بلد بلا شعب، ومن ناحية أخرى يوجد هناك الشعب اليهودي وهو بلا أرض، أي شيء يبدو أكثر ضرورة من إيجاد الجوهرة المناسبة للخاتم المناسب لتوحيد هذا الشعب مع ذلك الوطن”. وصرح ديفيد بن غوريون "لو كنت رئيساً عربياً، لما وقعت على اتفاقية مع إسرائيل أبداً، إن هذا أمر طبيعي، لقد سلبناهم أرضهم، إنها حقيقة أن الرب وعدنا بها، لكن كيف لذلك أن يثير اهتمامهم؟ ربنا ليس ربهم، لقد كان هناك اللاسامية، والنازيون، وهتلر، لكن هل ذلك كان خطأهم؟، إنهم لا يرون إلا أمراً واحداً فقط، أننا جئنا وقمنا بسرقة بلادهم، لماذا يقبلون ذلك؟”.حرب 48ونشبت حرب 1948 في فلسطين بين كل من المملكة المصرية ومملكة الأردن ومملكة العراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية ضد الميليشيات الصهيونية المسلحة في فلسطين والتي تشكلت من البلماخ والإرجون والهاجاناه والشتيرن والمتطوعين اليهود من خارج حدود الانتداب البريطاني على فلسطين.وكانت المملكة المتحدة قد أعلنت إنهاء انتدابها على فلسطين وغادرت تبعاً لذلك القوات البريطانية من منطقة الانتداب، وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت قراراً بتقسيم فلسطين لدولتين يهودية وعربية الأمر الذي عارضته الدول العربية وشنت هجوماً عسكرياً من فلسطين في مايو 1948 استمرت حتى مارس 1949.