هذه بعض الخواطر الخاصة بالحالة البحرينية التي عدت بها للتو من منتدى دبي للإعلام العربي بدعوة كريمة من نادي الصحافة لتوزيع جائزة الصحافة العربية وقد كنت عضوة لإحدى اللجان.غالبية عظمى من الإعلاميين العرب الموجودين في المنتدى سمعوا لأول مرة من خلال أجوبتي في الجلسة الأولى أن دخل الفرد البحريني 40 ألف دولار في السنة، وأن البطالة في البحرين لا تتجاوز 4%، وأن في البحرين 26 حزباً سياسياً وأنها أحزاب ممولة من موازنة الدولة، وأن في البحرين 600 منظمة مدنية، وأن في البحرين نقابات واتحادات عملية ومهنية ونوعية!!بعد الجلسة سمعت هذا التعليق المشترك من غالبية الحضور، هذه صورة لم نسمعها من البحرينيين الذين يتحدثون باسم (المعارضة) ويحضرون كل المنتديات الإعلامية بكثافة، فهل هذه البحرين التي قامت بها ثورة؟! أجبت بنعم، فقالوا أين إعلامكم إذاً؟!! سكت!عديد من الإعلاميين العرب سمعوا لأول مرة أن لدينا مجلساً نيابياً منتخباً له كامل الصلاحيات الرقابية من سؤال واستجواب وطرح ثقة في الوزراء أو حتى في رئيس الوزراء، ولا يصدقون أن لمجلسنا النيابي صلاحية تشكيل لجان تحقيق وتمرير الموازنة بقانون واختصاص رد المراسيم الملكية والاعتراض على البرنامج الحكومي وإسقاط الحكومة إن اعترض الثلثان على البرنامج. رأيت وسمعت علامات التعجب من العديد من المشاركين إن كان هذا الواقع السياسي البحريني فعلامَ الثورة؟«انعصر” قلبي وأنا أسمع وأرى صورة مشوهة عن البحرين ومن نقلها؟ نقلت من بحرينيين من أبناء هذا الوطن يجوبون شرق الأرض وغربها وبتمويل مشبوه لا أحد يدري من يدفع تكاليف تنقلاتهم فقط ليخفي هذه الحقائق.سألني أحد المشاركين بعد انتهاء الجلسة هل تنكرين الاعتقالات والملاحقات وفصل الإعلاميين؟قلت له قبل أن أجيبك على سؤالك؛ هل الصورة التي سمعتها عن البحرين سمعتها من الذين حكوا لك عن الاعتقالات والفصل و.. و.. و..، قال: لا إنها صورة جديدة بالنسبة لي عن البحرين تستحق أن تعرف، قلت له هل ما سمعته يستدعي قيام (ثورة)؟ قال لي: لو أن لدينا نصف ما لديكم لما قامت لدينا ثورة.إذاً الإجابة على سؤالك بأن السلطات البحرينية لم تتعامل مع حرية تعبير ورغبات إصلاحية ومحاربة فساد و.. و.. و..، وإلا لكنا وقفنا كلنا معها، البحرين انقسمت نصفين والسلطة تعاملت مع مجموعة حاولت الانقلاب على الدستور وعلى هذه المنجزات، مجموعة استخدمت العنف والإرهاب ومازالت إلى هذه اللحظة تستخدمه، ويذهب ضحيته أبرياء من المدنيين، السلطات تعاملت مع مجموعة من الأطباء والإعلاميين والناشطين السياسيين قاموا بعمل مسرحية إعلامية عبر قنوات فضائية شاهدناها بأم أعيننا على قنوات فضائية كذبوا على العالم وقالوا يوم 17 مارس إن هناك مئات الجثث في الشارع والدم في كل مكان، وأن القوات الخليجية تقتل البحرينيين على الهوية، وبكوا أمام الكاميرات.. فماذا تسمي هذا؟ ماذا تقول عن أربعين قناة شيعية عراقية إيرانية ممولة بأموال الخُمس قادت الحراك في الشارع البحريني، وأدار من خلالها آيات الله مدرسي وآصفي وغيرهم تحرك الجماعات الإرهابية بشكل تفصيلي ويومي وكلها مسجلة وموثقة ورآها البحرينيون بأم أعينهم، هل تتجاهل أي سلطة في العالم ما تراه من تآمر واستعداد مسبق وتخطيط؟ وكيف تتوقع من أي سلطة في أي دولة في العالم، ولن أقول لك أي دولة عربية أن تواجه هذه المحاولة؟ نعم جرت تجاوزات أثناء منع هذه المحاولة، وحدثت أخطاء نعم، وبعضها ارتقى إلى جرائم ويجب تصحيحها ومعالجتها وتعويض من تعرض للظلم منها، لذلك جاءت السلطات في البحرين بلجنة دولية وأقرت بأخطائها أثناء المعالجة أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، إنما في النهاية لابد أن نعود لأصل المشكلة، ولا نقف فقط عند أسلوب المعالجة، ما جرى في البحرين هو تآمر على الشعب البحريني وإقصاء لغالبيته العظمى وتقرير مصير بشكل منفرد، الشعب البحريني الآن من يدافع عن عروبة البحرين واستقلالها ويجوب الأرض شرقها وغربها لتصحيح هذه الصورة المشوهة عن إنجازاته وعن عروبته، فهل ما جرى في البحرين ثورة وحرية تعبير؟ هل الأوضاع في البحرين كما سمعتها قبل 14 فبراير 2011 تدعو لقيام ثورة؟ ليس هذا فحسب هل تبرأ إيران من أحداث البحرين وهي التي تجوب الأرض قاطبة إلى هذه اللحظة وترفع الملف البحريني، وكأن البحرين ولاية من ولاياتها؟!مع الأسف ومما يحز في النفس أن من يخفي هذه الحقائق ومن يشوه صورة البحرين هم جزء من أبنائها، وبعضهم كان مسؤولاً في الدولة وأصيب بداء المراهقة السياسية في أرذل عمره، ما يقوم به أصحاب المحاولة الانقلابية أنهم لا يتركون منتدى أو مؤتمراً إلا ويتحدثون عن سلوك السلطة أثناء منعهم من محاولتهم، ولا يتحدثون عن البحرين قبل ذلك التاريخ، وما هي عليه، ولا يتحدثون عن منجزات الشعب البحريني والواقع السياسي التشريعي للبحرين، لأن ذلك سيفضحهم وسينهي قضيتهم.كم تمنيت أن تدعو البحرين قائمة المدعوين الذين استضافتهم دبي وتقوم بعمل جولة لهم في المجلس النيابي وتطلعهم على التشريعات بدءاً من الدستور إلى قانون الجمعيات السياسية وقانون الاتحادات العمالية، وتدعو الهيئات مثل تنظيم سوق العمل وضمان جودة التعليم لتتحدث عن الإنجازات البحرينية للشعب البحريني ليروا البحرين بعيونهم مباشرة.ليسألوا هم من يعرفون من المقيمين العرب في البحرين كيف يرون البحرين، ليسألوا المصريين، العراقيين، السوريين، الأردنيين، السودانيين الذين يعيشون في البحرين كيف هي البحرين، دعوهم يرون البحرين بعيون غير تلك العيون الجاحدة الناكرة الخائنة.