كتب ـ عبدالله إلهامي:قال سياسيون واقتصاديون إن قواسم التاريخ والجغرافيا تجعل من الاتحاد الخليجي قوة تضاهي مثيلاتها في العالم، داعين إلى الاهتداء بالتجربة الأوروبية في إطلاق الاتحاد بين الدول المستعدة على أن تتبعها باقي الدول.وأضافوا أن الكيان الخليجي يملك قوة تفاوضية تعزز وجوده على الساحة الدولية، عادين إياه قوة إنتاجية أكبر تنافس التكتلات الاقتصادية على مستوى العالم.ودعا السياسيون والاقتصاديون إلى بلورة رؤية استراتيجية مشتركة للدفاع عن أمن الخليج وتوحيد نظم التسلح ورفع كفاءة القوات المسلحة وزيادة مهاراتها التدريبية.ولفتوا إلى أن اللجنة المختصة بدراسة الاتحاد أنهت تقريرها وسترفعه للقمة التشاروية الإثنين المقبل، موضحين أن الوحدة السعودية البحرينية تشبه تجربة الاتحاد الأوربي ولكنها ليست نسخة عنها.خطوات الوحدةوقالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب، إن الهيئة الخليجية المعنية بدراسة صيغة الاتحاد الخليجي أنهت تقريرها، وسترفعه إلى القادة الخليجيين خلال قمتهم المرتقبة الإثنين المقبل.وأضافت في تصريحات لقناة الجزيرة أمس، أن الهيئة الخليجية المشكلة عقب إطلاق مبادرة خادم الحرمين الشريفين للتحول من التعاون إلى الاتحاد وتتضمن 18 عضواً "3 أعضاء من كل دولة”، أنهت تقريرها بخصوص المشروع وسيتم رفعه إلى القادة في اجتماعهم الإثنين، للنظر فيه واتخاذ ما يلزم من قرارات وإجراءات، مشيرة إلى أن مناقشة صيغة الاتحاد البحريني السعودي ستكون على أجندة القمة التشاورية.ونبّهت رجب إلى أن الاتحاد بين السعودية والبحرين خطوة متقدمة على مسار الاندماج بين دول الخليج، وأن الوحدة بين الرياض والمنامة تشبه تجربة الاتحاد الأوروبي لكنها لن تكون نسخة عنها، وأن صيغة هذا الاتحاد تُطرح في الاجتماع التحضيري لوزراء خارجية دول التعاون الذي يسبق القمة التشاورية.امتيازات متعددةمن جانبه أوضح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء عبدالله حسن سيف، أن الاتحاد الخليجي يملك قوة تفاوضية في القضايا الدولية والسياسة الخارجية والجوانب الاقتصادية التي تميزه على الساحة الدولية، إضافة إلى أن مردوده بالغ الأهمية على المواطن الخليجي والهوية الخليجية.وأضاف أنه من الطبيعي أن تندمج دول مجلس التعاون، لتمثل اتحاداً شاملاً يعزز كل ما يمس المواطن الخليجي من أمور معيشية واقتصادية، علاوة على التحالفات الدولية، مشيراً إلى أن كافة دول مجلس التعاون لديها خصوصيات، سواء في المراكز المالية والموارد البشرية كالبحرين، والكيان الموحد يشكل قوة إنتاجية أكبر، وكتلة قوية تنافس التكتلات الاقتصادية العالمية، مثل الاتحاد الأوروبي أو الأمريكتين.ولفت إلى أن الكتلة الخليجية الموحدة تملك امتيازات متعددة، في مقدمتها الإنتاج النفطي الذي يعتبر قوة مشتركة، إضافة إلى خدمات مالية تعزز مركزها من خلال عملة موحدة تضفي الكثير على مستوى معايير التبادل التجاري والسوق النقدي.وأشار سيف إلى أن الاتحاد الخليجي يؤدي إلى إيجاد قوة استهلاكية مشتركة، تسعى للحفاظ على الأمن الغذائي، من خلال الدفع بالمخزون المحلي إلى اقتناء مناطق زراعية يمكن شراؤها وتطويرها لسد احتياجات المواطن الخليجي.وأوضح أن العوامل المشتركة كالترابط الأسري والعادات والتقاليد المشتركة بين دول مجلس التعاون، تسهل تكوين هذا الاتحاد الذي يعزز بروز الهوية الخليجية الموحدة، والارتقاء بالنواحي الاجتماعية والاقتصادية التي تمس المواطن الخليجي.التجربة الأوروبيةوعدّ خبير الشؤون الاستراتيجية الدولية وقضايا الخليج د.محمد نعمان جلال، الاتحاد نقلة نوعية في العمل الخليجي المشترك، مؤملاً أن يُتخذ قرار تنفيذه في القمة التشاورية المقبلة، وأن يقره القادة بعد أن رفعت اللجنة المخصصة تقريرها الذي توصلت فيه لبعض المرئيات المتعلقة بالعمل الخليجي المشترك والخطوات اللازمة لإقامته.وأشار إلى أن طرح المبادرة من قبل خادم الحرمين الشريفين يعد قراراً إيجابياً لوجود عوامل كثيرة مشتركة، إلا أنه يلزمه عدة خطوات من العمل المتأني الذي يعكس حكمة الوصول إلى أفضل النتائج، والبطء أكثر من اللازم لن يكون إيجابياً وأيضاً الإسراع المتعجل لن يحقق النتائج المرجوة.وقال "هناك طريقتان للاتحاد، إحداها يبدأ بالدول المستعدة ومن ثم يلحقها الباقون، والأخرى أن يصبح الجميع جاهز ويبدؤون معاً، ومن الأفضل أن يبدأ الاتحاد بالدول المستعدة، كما أثبتت التجربة الأوروبية”.ونوّه جلال إلى أن العلاقات الخارجية لدول مجلس التعاون تكاد تكون متشابهة وخاصة مع الدول الكبرى، إلا أن هناك اختلافات في النظرة وليس في جوهر العلاقات، إذ إن الجميع متفق على الأولويات، كالأمن المشترك وتعزيز التعاون مع دول الإقليم الذي يستدعي التجاوب بحسن نية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربي.ولفت إلى أن الأمن الخليجي المشترك يتطلب توافر رؤية استراتيجية دفاعية مشتركة للدفاع عن أمن الخليج، إضافة إلى رؤية أمنية موحدة، وتوحيد أنظمة التسلح وزيادة كفاءة القوات من ناحية التدريب المستمر والتنسيق في ما بين تلك القوى، مشيراً إلى أهمية وجود تدريبات مستمرة تعزز التعاون والتبادل العسكري.وأضاف أن السوق الخليجي المشترك تم تمثيله بالفعل، إلا أن وجود تحفظات واستثناءات من بعض الدول يوجب إعادة النظر، إذ إن العالم بأكمله يقوم على التكتلات الاقتصادية، ومن الضروري تكوين تكامل اقتصادي بين دول الخليج كافة.وتمنى أن تسفر القمة عن قرار يتجاوب مع طموحات شعوب مجلس التعاون، ومع التحديات التي تواجهها دول الخليج، والتقدم إلى الأمام في إطار مجلس التعاون الحالي، أو الانتقال مباشرة إلى الاتحاد إن كانت الظروف مؤاتية.توظيف الاتحادوفي ذات السياق أوضحت عضو معهد التنمية السياسية د.مي العتيبي أن الاتحاد الخليجي موجود أصلاً بفعل العادات والتقاليد المشتركة، إلا أنه من الضروري أيضاً إعلانه رسمياً ليصبح قوة دولية من خلال وضع استراتيجية تمثل وجهة نظر القادة.وأكدت أن الإعلان عن الاتحاد يؤدي إلى مضاهاتها للاتحاد الأوروبي، كونها الوحيدة التي ثبتت أمام التحولات السياسية التي مر بها الوطن العربي والعالم أجمع.ولفتت إلى أن توظيف هذا الاتحاد بالشكل الصحيح يوجد دفاعاً خليجياً مشتركاً يقف أمام أي إساءة أو تدخل خارجي، وتكوين ضغط اقتصادي يمكن أن يؤثر على الساحة الدولية من خلال الأنظمة الداخلية المشتركة، منوهة إلى أن مجلس التعاون الخليجي كان له دور بارز على الصعيد العالمي.وباركت لشعوب الخليج تلك الخطوة الموفقة، إذ إن جميعهم من أصل وهوية ودين واحد، لذلك يجب الإسراع في تكوين الاتحاد وتفعيله بمستوى التوقعات.آمال الوحدةوقال رئيس مجلس إدارة غرفة المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية عبدالرحمن بن راشد الراشد في تصريحات سابقة "إننا كقطاع خاص ورجال أعمال، وقبل ذلك كمواطنين خليجيين نطمح لمزيد من الخطوات الوحدوية، على الصعيد الاقتصادي بالتحديد، إذ إن التكامل الاقتصادي بين الأقطار الخليجية هو خيارنا الأمثل لمواجهة كل التحديات التي تفرضها علينا التغيرات والتقلبات الاقتصادية العالمية”.