كتب - طارق مصباح:نبّه رجال دين إلى أمور كثيرة تجب مراعاتها في حقل الدعوة إلى الله، ومنها تربية كوادر وأجيال دعوية مؤهلة، والاهتمام بدراسة الواقع الدعوي والتكيف معه، ومراعاة الوسائل العصرية في الدعوة والاستفادة من التقنية الحديثة، وتطوير أساليب المحاضرات للحوار والنقاش وليس التلقين فقط، واستحداث موضوعات تناسب العصر، واستمزاج آراء الناس قبل العمل الدعوي لمعرفة ميولهم وما يحتاجونه، واستكشاف العيوب وتقويمها والأخذ بالمقترحات.التنظيم والتخطيطوقال خطيب جامع فاطمة بمدينة عيسى الشيخ فايز الصلاح، إن الدعوة إلى الله هي وظيفة الأنبياء وسبيل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه مصداقاً لقوله تعالى (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، مشيراً إلى أنها من أحسن الأقوال والأفعال كما قال سبحانه (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).وبين أن هدف الدعوة هداية الخلق إلى الحق وإخراجهم من الظلمات إلى النور لينجوا من عذاب الجحيم ويدخلوا جنات النعيم، مضيفاً أن الدعوة في البحرين خطت خطوات كبيرة وجادة، ومازالت تحتاج إلى كثير من الجهود في التنظيم والتنفيذ.ودعا الصلاح للالتزام بسلسلة أمور للقفز بالدعوة إلى الله في البحرين إلى درجات مرضية، منها تشكيل لجنة علمية دعوية من أهل العلم وطلبته في البحرين، تضع خطة دعوية متكاملة في جميع الجوانب التي يحتاجها المسلم في عقيدته وعبادته وتعامله، ودراسة واقعية استقرائية للانحرافات العقدية والمخالفات الشرعية المنتشرة في المجتمع، ومعالجتها من خلال دورات علمية وتدريبية ومحاضرات في المساجد وطباعة كتب وتسجيل أشرطة وتوزيعها على الناس، والعناية بالتأصيل والتقعيد قبل التفصيل والتفنيد.وطالب بالاهتمام بجميع طبقات المجتمع رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً دون إهمال أحد في الدعوة إلى الله، وتنظيم دورات علمية تدريبية في جميع المجالات في كيفية التعامل بين الزوجين بين الآباء والأبناء، وكيفية التعامل مع الأخطاء إلى غير ذلك مما فيه نفع للمجتمع بجميع طبقاته، والعناية بالأذكياء من الصغار وتبنيهم مبكراً مادياً ومعنوياً، ووضع برنامج علمي لإعداد طلبة علم أقوياء في جميع المجالات الدينية والدنيوية، واستضافة العلماء من البلدان الأخرى ممن هم على منهج الحق والاستقامة وفق برنامج مخطط له ومعد مسبقاً، والعناية بالمعاهد الشرعية العلمية تأصيلاً وتأهيلاً، وتشكيل رابطة العلماء والدعاة في البحرين ممن ليس له توجه سياسي معين وظيفتها الأساسية الدعوة إلى الله وجمع القلوب على الحق.ضوابط في مفاهيم الدعوةوتحدث الخطيب بإدارة الأوقاف السنية الشيخ محمود آدم، حول بعض الضوابط والمفاهيم في العمل الدعوي، وقال إنه لا يخفى على أحد من العاملين في الحقل الدعوي أهمية تدبر قوله عز وجل (قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)، مضيفاً أن تلك الآية تعد نبراساً للدعوة لله على جميع أحوالها، فكل نشاط دعوي مهما دق ولطف يحتاج لتبصر من جميع العاملين فيه، حتى يؤتي ثماره، وواضح أن الدعوة هي سبيل ومنهج حياة ولا ينبغي وهكذا أهميتها أن يقوم بها الداعون كأنها فضل أعمالهم ويهبوها فضل أوقاتهم، فإنها سبيل الرسل والمؤمنين ووظيفة عباد الله الصالحين.وذهب آدم أن المتأمل للواقع الدعوي وما آل إليه حال المسلمين ينبغي عليه أن يتأمل ويتدبر لم تبذل كل هذه الجهود ولا نرى الثمار واضحة في كثير من الأحيان؟ وأين يكمن الخلل؟ إن رجلاً واحداً هو محمد صلى الله عليه وسلم غير تاريخ العالم بالدعوة لله. وزاد "نحن أتباعه أكثر من مليار ولا نستطيع إبراز صورتنا ونقل حضارتنا ونشر ديننا بالصورة اللائقة به كونه الشرع المنزل من الله، ولأن الدين النصيحة، قدم بعضاً من النصائح والخبرات التي ينبغي أن يلتزم بها كل من نصب من نفسه داعية لله جماعة أو جمعية أو فرداً”.وعرج الشيخ محمود آدم في ذكر تلك الضوابط في العمل الدعوي وهي الإخلاص لله، مؤكداً أنه بالإخلاص يبارك الله في الجهود ويبلغ به المدعوين.وذهب للأمر الثاني وهو تحديد الهدف والرؤية والرسالة، لأننا إذا لم نحدد ما نريد ستذهب جهودنا سدى، ولن ننجز عملاً ذا بال، فتحديد الهدف العام ثم صياغة الأهداف الجزئية يعين على تحقيقها وتقويمها ويطرح أساليب مختلفة في الوصول إليها، أما من يمشي على غير هدى دون تحديد وجهة فقد يصل لكن ليس يدري أين وصل، وربما يدور ويرجع للنقطة الأولى.وثالث هذه الأمور هي التخطيط الجيد وفسر معناها "لا بد من تنظيم العمل فيضع استراتيجيات وخططاً لكل هدف يريد الوصول إليه مع سقف زمني محدد، يستطيع أن يقف عنده ليرى ما الذي تحقق، ليعيد العمل أو يكمل بعده، وناتج مأمول يتوقع تنفيذه، وفئة مستهدفة يتناغم معها العمل، فالعمل للمرأة يختلف عن الرجل عنه عن الشاب أو الطفل، إن من يفشل في التخطيط إنما يخطط للفشل”.رابع هذه الأمور هي التنسيق الجماعي بين العاملين في الحقل الدعوي، وشدد فيها آدم أنه لا ينبغي أن تتضارب جهودنا، ومواعيد محاضراتنا وأنشطتنا ومعسكراتنا مع بعضها، ولا ينبغي أن يكون العمل مكرراً دون فائدة ، بل لا بد من وضع خطة عامة للعمل الدعوي لكل منطقة والتنسيق بين كل العاملين فيها، فتستطيع الفئة المستهدفة الفوز بكل هذه الجهود وحضور كل هذه الأنشطة، أما أن يعمل كل على هواه، وتغلب علينا النزعة الفردية والاستئثار بالرأي، ولا نستفيد من خبرات بعضنا البعض فهذا يقدح في الإخلاص ويذهب بالجهود العظيمة سدى، وتضيع معه الأعمار دون جدوى، كل هذا لا ينفي التنافس الشريف والسبق للخير.ثم انتقل الشيخ إلى خامس هذه الأمور وهو مراعاة العمل وتجويده، وأضاف أن بذل الفكر والجهد في تقديمه على أحسن ما ينبغي والتيقن أنه ليست العبرة بكثرة الدروس والخطب والمحاضرات، بل بما تقدمه وما تغيره من مفاهيم إذ العبرة بالكيف لا بالكم.