حوار - هشام الشيخ: قال رئيس وفد جمعية التربية الإسلامية إلى اللاجئين السوريين في تركيا والأردن ولبنان ناصر لوري إن شهود عيان أكدوا وجود عناصر إيرانية وآخرين تابعين لحزب الله اللبناني يشاركون في الجرائم التي ترتكب في حق المدنيين السوريين العزل، وأن الثوار السوريين تمكنوا من أسر عدد منهم، وأن هناك عناصر من الإيرانيين يعتقد أن بينهم أطباء يقطعون أعضاء من أجساد السوريين الجرحى والمعتقلين أحياء. وناشد ناصر لوري، في حوار مع “الوطن”، أصحاب الضمائر الحية الالتفات إلى معاناة الآلاف من إخوانهم الجرحى واللاجئين والمبادرة بالقيام بالواجب الشرعي والإنساني نصرة لإخوانهم السوريين الذين يتعرضون لأقسى أنواع المعاناة والتنكيل، حيث يفتقرون إلى مستشفيات ميدانية كافية والمعونات الإغاثية والمواد الغذائية والمعدات الطبية. وأوضح أن اللاجئين والجرحى السوريين رغم حجم المعاناة التي يعيشونها يحملون هم البحرين ويسألون عن الأوضاع فيها ويتلهفون للاطمئنان على البحرين وشعبها، مشيراً إلى تأكيداتهم بوجود قوى طائفية وراء معاناة كلا البلدين، مثمنين الدعم الرسمي والشعبي البحريني ووقوفهم إلى جانب الشعب السوري في محنته. الوطن حاورت رئيس الوفد ناصر لوري الذي نقل شهادات مباشرة عن أحوال اللاجئين هناك على أرض الواقع، وفيما يلي نص الحوار: ^ صف لنا مشاهداتكم في مخيمات الحدود السورية التركية؟ اللاجئون على الحدود التركية يعيشون الحالة الأكثر صعوبة بين مناطق النزوح خارج سوريا من الناحية الطبية والمعيشية، وهناك حوالي 30 ألف لاجئ يعيشون في خيام مساحة الواحدة لا تزيد عن 5 أمتار مربعة تعيش فيها أسر كاملة، ولا يوجد فيها أبسط مقومات الحياة من فرش وتدفئة في الجو البارد وغيرها، وشرح لنا الكثير منهم قصته قبل نزوحه إلى مخيم اللاجئين، وقد التقينا في المخيم بـ«خنساء سوريا” وهي امرأة تبلغ من العمر 70 عاماً مطلوبة للنظام السوري قتلوا زوجها البالغ من العمر 80 عاماً بهدم البيت عليه وأخويها وثلاثة من أبنائها وحفيدها. كما قابلنا أسراً فقدت عائلها ولا تعلم أين هو حتى اللحظة، وأطفالا في عمر الزهور حرموا من طفولتهم، كما زرنا المشفى الذي يعالج الجرحى وكان عددهم كبيرا حيث تتراوح إصاباتهم من عميقة إلى قاتلة بسبب الشظايا والتسمم الذي تعرض له الجرحى، علماً بأن الحكومة التركية وفرت العلاج المجاني لكن كثيراً من الحالات تحتاج إلى علاج متقدم. العالم كله شاهد فظائع ووحشية النظام السوري من خلال الفضائيات ووسائل الإعلام، إلا أننا سمعنا مباشرة من شهود عيان أكدوا وجود عناصر إيرانية وآخرين تابعين لحزب الله اللبناني يشاركون في الجرائم التي ترتكب في حق المدنيين السوريين العزل، وقالوا: إن الثوار السوريين تمكنوا من أسر عدد منهم.. آخرون أكدوا لنا أن هناك عناصر من الإيرانيين يعتقد أن بينهم أطباء يقطعون أعضاء من أجساد السوريين الجرحى والمعتقلين أحياء. أحد الناجين روى لنا كيف أن قوات الأمن السورية اختطفت زوجته وطلبت مبلغا ماليا كبيراً لإطلاق سراحها، وحين ذهب إليهم بالمال دخل المكان الذي تحتجز فيه زوجته ليجدها عارية تماماً وسط العديد من النساء المعتقلات في الحال نفسه.. بعض النازحين رأيناهم وقد خيطت جروحهم بخيوط وإبر حياكة الملابس بسبب نقص الأدوية والمعدات الطبية.. وغير ذلك من المآسي كثير يصعب حصره. ^ ما هي أهم احتياجات اللاجئين في تركيا؟ مع أن الحكومة التركية خصصت مناطق خاصة للاجئين وزودتها بالخيام والأمور الأساسية، إلا أنهم في حاجة إلى الدعم المالي لتوفير العلاج المتقدم بالمشافي الخاصة لكثير من الحالات الصعبة التي لم يقدم لها العلاج المناسب، كما يحتاجون إلى كفالة لفترة متابعة العلاج بعد الجراحة والتي تمتد من شهر إلى شهرين، كما يحتاج اللاجئون إلى مساعدتهم في توفير مواد غذائية وصحية وحليب أطفال ومثل هذه الأمور المهمة التي لا توفرها الحكومة التركية ولا يستطيع اللاجئون توفيرها لعدم توفر المال لديهم. كما إن الحكومة التركية تمنع إقامة مستشفيات ميدانية داخل المخيمات، ولا تقدم العلاج لهم إلا من خلال المستشفيات الحكومية محدودة الإمكانات، وهناك مفاوضات تجري حالياً مع السلطات التركية لإقناعها بالسماح لجهات الإغاثة بتقديم العناية الطبية المتقدمة الضرورية للجرحى السوريين في المستشفيات الخاصة، وكذلك مفاوضات مع عمدة أنطاكية لتجهيز سيارات إسعاف ومستشفى على الحدود حيث أن أعداد الجرحى الذين يصلون إلى تلك المخيمات في تزايد مستمر. ^ حدثنا عن أوضاع اللاجئين السوريين في كل من الأردن ولبنان، وهل تختلف عن مثيلتها على الحدود التركية؟ اللاجئون في الأردن ولبنان تختلف ظروفهم تماماً حيث احتضنت الحكومة الأردنية اللاجئين وسمحت لهم بالعيش مع الشعب الأردني الذي فتح أبوابه لأشقائه السوريين واستقبلهم في بيوتهم، وتقاسموا معهم لقمة العيش وساعدوهم وسمحوا لهم بالعمل ووفروا لهم العلاج الجيد ولله الحمد، كما قامت مؤسسات المجتمع المدني بتقديم يد العون والمساعدة للاجئين لكنهم في حاجة أكبر للمساعدات لتسديد الإيجارات المرهقة لكثير من الأسر النازحة والذين لم يجدوا من يؤويهم، حيث يبلغ عددهم في الأردن حوالي 130 ألف لاجئ ونازح، هم في حاجة أيضا المساعدات الطبية لفترة ما بعد العلاج. أما في لبنان فيوجد فيها حوالي 40 ألف نازح معظمهم في وادي خالد وعمار وطرابلس، ويسكنون في بيوت بالإيجار وفي المدارس القديمة في أوضاع صعبة جداً بحيث تعيش كل أسرة بغرفة ويستخدمون زاوية كمطبخ وزاوية أخرى كحمام. ^ في ظل كل هذه الأوضاع المأساوية هل تصلهم مساعدات دولية؟ وما هي ردود فعل اللاجئين تجاه زيارتكم؟ أخبرنا ماذا قالوا لكم. الواقع أننا لم نشاهد أي شيء من مساعدات دولية تذكر في الأماكن العديدة التي زرناها في الدول المذكورة، وحتى لو وجدت فإنها قليلة، وهناك فقط كلام ومواقف سياسية تصرح بها هذه الدول الغربية ومن في فلكها، لكن على أرض الواقع لم يقدموا المأمول منهم مع أنه يوجد لديهم الموازنات المخصصة للإغاثة والإمكانات الهائلة ولهم وجود في دول كثيرة أقل بكثير من مأساة سوريا، وهذا يعكس نوايا هذه الدول وأن مواقفها الغرض منها الاستهلاك الإعلامي، لكن لله الحمد فإن الدول الخليجية لها بصمات كبيرة وفي مقدمتها مملكة البحرين التي كانت من أول الدول تحركاً. ومن اللافت حجم الثبات والعزيمة لدى اللاجئين والجرحى السوريين الذين وجدناهم - رغم حجم المعاناة التي يعيشونها - يحملون هم البحرين ويسألون عن الأوضاع فيها ويتلهفون للاطمئنان على البحرين وشعبها، وفوجئنا أيضا بمدى الوعي لديهم بحقيقة الأوضاع في مملكة البحرين، حيث أكدوا أن هناك قوى طائفية وراء معاناة كلا البلدين، وثمّنوا الدعم الرسمي والشعبي البحريني ووقوفهم إلى جانب الشعب السوري في محنته. ^ ما هي نوعية المساعدات التي يحتاجها الشعب السوري بالداخل وهل يمكن أن تصل إليه؟ حاجة الشعب السوري بالداخل أضعاف حاجة اللاجئين بسبب الآلة العسكرية التي تبطش دون رحمة وتهدم عليهم البيوت وتقطع عنهم المياه والكهرباء والغاز وتدمر المستشفيات، النزوح داخل سوريا بالملايين ويحتاجون إلى كافة أنواع المساعدات وخاصة الإغاثية حيث تتقاسم الأسر الرغيف العفن ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلى جانب المساعدات الطبية من حقن وأكياس دم وشاش وغيرها من الأجهزة بسبب العدد الكبير المحصور في الداخل ولا يستطيع الخروج. ^ هل المشروعات التي طرحتها جمعية التربية لمساعدة الشعب السوري كافية؟ جمعية التربية قدمت مساعدات مختلفة ولله الحمد في كل زيارتها سواء للاجئين أو الجرحى، وكذلك من خلال اللجنة البحرينية المشتركة لإغاثة الشعب السوري بيننا وبين جمعية الإصلاح والجمعية الإسلامية، إلا أن كل ذلك ليس كافياً لأن الحاجة الإغاثية كما قلنا كبيرة جداً وتحتاج إلى مساعدات دول. من هذا المنطلق طرحت الجمعية عدة مشروعات لعلها تساعد في تخفيف المعاناة ، لدينا مشروع لكفالة الأيتام بمبلغ زهيد لا يتجاوز 15 ديناراً شهرياً، ومبلغ 50 ديناراً شهرياً لكفالة أسرة نازحة لمدة سنتين وذلك من أجل التخفيف عن الأسر كي تستطيع العيش ولو على الكفاف، والأهم تقديم المساعدة المادية لعلاج المرضى في الداخل والخارج، وتوفير المواد الطبية المهمة والتي لا تقل في أهميتها عن الغذاء، ولقد قدمنا أدوات طبية وأكياس الدم، ومساعدات إغاثية، واشترينا أجهزة طبية منها أجهزة للكشف عن المعادن بهدف إدخالها لسوريا، وهناك حاجة ماسة لمبلغ يقارب 100 ألف دينار لشراء معدات طبية عاجلة إدخالها إلى الأراضي السورية. ونؤكد أن المساعدات تصل إلى داخل سوريا ، ولا حجة لنا في التقاعس عن نصرتهم، ونحن نحث المحسنين على المسارعة في تقديم الدعم المالي لهؤلاء، ويكفي أن نعلم أن تجهيز مستشفى ميداني يكلف حوالي 40 ألف دولار، وأهمية هذا الأمر تكمن في أن جيش الأسد يستهدف تلك المستشفيات مما يجعل إقامة عدد أكبر منها أمراً في غاية الأهمية، وهناك أمثلة عديدة لفاعلي خير ضربوا أروع الأمثلة في تقديم العون لإخوانهم هناك، وعلى سبيل المثال هناك رجل لبناني تكفل بتكاليف عدد من العسكريين اللبنانيين المتقاعدين الخبراء في نزع الألغام لمساعدة النازحين على الحدود اللبنانية، وهناك أحد الإخوة في البحرين أعلم أنه اقترض حوالي 10 آلاف دينار لمساعدة إخواننا السوريين.. هذا الدعم الشعبي من الدول العربية والإسلامية هو الذي يعوّل عليه السوريون، حيث يرون أن التحركات الدولية وموضوع المراقبين ليست ذات جدوى.