^  ماذا تفعل إيران في مصر؟ سؤال يطل برأسه في الفترة الراهنة، وسأشير إلى مشهدين: الأول: الكل يعلم أن العلاقة بين المصريين والشعب السعودي علاقة يملؤها الود والاحترام المتبادل، فكم من أزمة مرت على البلدين من الأزمات التي تحدث بين الأشقاء، والخلافات التي تحدث بين الإخوة، ولم يخرج الشعب المصري في أي واقعة سببت خلافاً بين البلدين ليتظاهروا أمام السفارة السعودية ويقوم بعضهم بتصرفات لا نقبلها على أي مسلم، فضلاً عن قادة المملكة العربية السعودية، فلماذا حدث هذا الآن؟، إن موقف الشعب المصري الحقيقي ظهر في مناقشات شبابها وتدويناتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي رافضين هذه الممارسات الفردية، بنفس الوقت الذي رفضوا فيه مظاهرات حدثت بالقطيف بشرق المملكة العربية السعودية دفاعاً عن الشاب المصري أحمد الجيزاوي. الثاني: كانت مصر ومازالت رمزاً للفهم الوسطي للإسلام، الكل ينتمي لهذا الدين العظيم تحت مظلة واحدة، وراية واحدة، دون تقسيم بين أبنائه، ودون معرفة لمعنى المذاهب العقائدية التي تفرق الصف، يتعاملون مع كافة المذاهب الفقهية باحترام وتقدير، تنوع في المدارس الفقهية لا يدعو إلى الفرقة، لكن حين يؤذن المؤذن للصلاة، يهرع كل الناس إلى مسجد واحد، ليقفوا في صف واحد، ليعبدوا الإله الواحد، هكذا دون انقسام وفرقة، بل حتى لا يعرف كثير من المصريين ما معنى سني وشيعي، فإذا بالأخبار تطير لنا خبر افتتاح الشيخ علي الكوراني القادم من قم لإحدى الحسينيات في مصر بشكل سري، وهو ما أثار حفيظة المصريين، ودفع بالأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية ووزارة الأوقاف ونقابة الأشراف لإصدار بيانات إدانة لهذه الزيارة السرية. ذكر علماء الأزهر الشريف أن هذا السلوك وهذا التدخل مرفوض، وصدر عن مكتب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بياناً ذكر فيه أنه قد سبق لمجمع البحوث الإسلامية أن أصدر بياناً أكد فيه أنه لا يجوز لأهل السنة أن ينشروا مذهبهم بين أهل الشيعة، ولا يجوز لأهل الشيعة أن ينشروا مذهبهم بين أهل السنة تجنباً للفتنة والتناحر، مصداقاً لقول الله تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا، وتذهب ريحكم)، وقوله (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، فلا يجوز أن يكون نشر المذاهب مدعاة للاختلاف ونشر العصبية بين أبناء الأمة الواحدة، وقال البيان، إنه لا يليق بمصر الأزهر أن يحدث في رحابها مثل هذا السلوك، مناشداً أولي الأمر أن يأخذوا على أيدي من تسول له نفسه العبث بالأمور الدينية، والسؤال: لماذا يحدث هذا في مصر الآن، ولماذا تترك إيران أربعة أخماس العالم من غير المسلمين الذين ينبغي أن توجه إليهم الجهود لدعوتهم إلى الإسلام وتحاول تغيير مذاهب المصريين؟ إننا نحترم كل إخواننا الشيعة لا شك في ذلك، لكننا ننظر بريبة إلى استغلال الدين للترويج لمشاريع سياسية، المصريون ليسوا بحاجة إلى حسينيات ليحبوا سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين والحسن، كما يحبون كل أصحاب رسول الله الأخيار وزوجاته الأطهار، فلماذا ينشغل البعض منا بالعمل على تفتيت هذه الأمة وإضعافها من الداخل؟ إنها تساؤلات للأسف ليس لها أية إجابات مقنعة.