^ يخرج بعضهم في قنوات إعلامية بعينها ليقول “نحن نريد الحرية”، بل بعضهم يمتلك كل شيء ولا يستطيع أصلاً أن يعيش بنفس المستوى الذي يعيش فيه بسطاء الناس، لكنه أيضاً يقول “لست حراً”. الحرية التي ينشدونها ما هي إلا شعار، لأن الحقيقة خلاف ذلك، فهؤلاء حريتهم مقيدة أصلاً، ليس من قبل الدولة أو قوانينها، بل من قبل من يمسكون زمام أمورهم بأيديهم من خلال الفتاوى أو سطوة “ولاية الفقيه”. هؤلاء يحتاجون أولاً لامتلاك “الحرية الحقيقية” ليقرروا ما يريدون بأنفسهم وبملء إرادتهم، لا أن ينتظروا “آية الله” ليقرر لهم ماذا يفعلون، لا ليقرنوا أفعالهم بما يقوله “بشري” له سيئاته وحسناته باعتبار أن زمن “المعصومين” انتهى. الحرية أن تقوى على قول كلمة “لا” في وجه أيٍّ كان، لا أن “ينربط” لسانك عندما يأمرك الولي الفقيه فتقول له “لبيه”. هؤلاء ينعتون من يناهضونهم بأنهم “مقيدو الحرية” وأنهم “مأجورون للدولة” وأنهم “عبيد مسخرون”، بينما الحقيقة أنهم يطلقون أوصافهم على غيرهم. فمن عاش عقدة “المظلومية” سواهم؟! وهي أصلاً الخطة المحبوكة التي وضعت لأجل إيهام الناس بأنهم مظلومون مستحقرون ومأكولة حقوقهم، مهما فعلت الدولة لهم، ومهما تحصلوا على مكاسب ومزايا. هي أصلاً سياسة “التابع والمتبوع”، لكن في حالتنا البحرينية هي متدثرة برداء الدين، ومستغلة عبر خطاب من فوق المنابر، تزيد سطوتها وتعلو لهجتها كلما زاد اليقين بأن هذا الشارع بات مغيباً عقله، وبات مسلماً زمام أموره، فيسحق من يأمرهم وليهم الفقيه بسحقه، يحرق من يوجهه لحرقه، يخرب بلده، يشوه صورتها في الخارج. كلها عبر أوامر وتوجيهات صريحة نراها بكل وضوح. أكبر كذبة روجوها قولهم إنهم يريدون دولة مدنية قائمة على التعددية، هذه هي الكذبة الكبرى، إذ كيف ستكون دولة مدنية وأمركم في يد رجل واحد؟! كيف تكون تعددية وأنتم لا تقوون على قول “لا” لمن يوجهكم؟! لا يمكنكم انتخاب إلا من يحددون؟! ولا يمكنكم أصلاً أن تمتلكوا الشجاعة لتقولوا لهم في وجوههم بأن أبناءكم راحوا ضحية هذا التأجيج بينما هم سالمون ناؤون بأنفسهم عن الخطر؟! هؤلاء يتهمون غيرهم بالعبودية للغير وبالتبعية المطلقة، وهم مدركون أنهم يعيشون وضعاً أردأ من غيرهم، أقلها الأحرار غير التابعين للشخوص “المؤلهة” لديهم الحرية في قول كلمة الحق، وفي تحديد خياراتهم وأفعالهم. هناك كثير من المخلصين ينتقدون الدولة ويمارسون حريتهم بقول ما يريدون إزاء أية أخطاء، لكن في المقابل من يدعون البحث عن حريتهم هل يمتلكون الجرأة لانتقاد من يهتفون لهم “معكم.. معكم يا علماء” حتى لو ثبت لهم أن هؤلاء يستغلونهم كوقود محرقة؟! من يدعون البحث عن الحرية عليهم أن يبحثوا عنها أولا بين أنفسهم، عليهم أولا أن يتخلصوا من غسيل الأدمغة، عليها أن يستوعبوا أن هناك من بات يبيع دمهم وأرواحهم لأجل تحقيق مكاسبه، يرسلونهم للموت بينما هم يتنقلون بين دولة وأخرى، وبعضهم يبيع ويشتري في الأراضي والعقارات، وبعضهم تتضخم حساباته البنكية بشكل مخيف، ألم تسألوا أنفسكم مرة لماذا هذا حالهم ولماذا هذا حالكم وأنتم الأدوات الطيعة التي تنفذ؟! وأنتم أصحاب الحناجر التي يطالبونها بالهتاف لهم فتهتف؟! وأنتم المضحون بأنفسكم وأولادكم لتموتوا من أجلهم بينما هم وأبناؤهم بعيدون كل البعد عن نقاط التصادم؟! من يقول إنه يبحث عن الحرية ليثبت لنا قدرته أولاً على قول كلمة “لا” لممثل الولي الفقيه، ليثبت لنا أنه قادر على مناقشته وانتقاده، ليستعرض عضلاته عبر تخطئته إن وقع في خطأ. تحتاجون بالفعل للحصول على حريتكم، لكن ممن سلبها منكم فعلياً.
تحتاجون إلى استعادة حريتكم من «سارقها» الحقيقي!
28 مايو 2012