^  أزعجهم كثيراً تحول بعض التغطيات الإعلامية إلى تشجيع الإصلاح السياسي ومساندة الموقف الرسمي إزاء تصاعد العنف، ولا يفتأون يزيدون من تأجيج الصورة وتهويل الأمور أمام الإعلام، وقنوات الإعلام الغربية وبعض القنوات العربية ترى بعدساتهم وتنقل كلامهم بالنص، قنوات لا تدري ما مساحة قرية بني جمرة التي تتكلم عنها وكأنها بحجم القاهرة أو دمشق، وتتكلم عن سترة كضاحية كبرى للمنامة، وخذ من المغالطات في المواقع والأزمنة والأحداث ولا نلومهم فهم ينقلون، لكن على الطرف الآخر هناك إعلام نزيه وبرامج كثيرة عربية وأجنبية ساهمت في فضح حقيقة ما يحدث وتجريد الصورة من الرتوش والهالات المصطنعة التي أضفتها عليها مكائن الدعاية والإعلام التي نعرفها جيداً. في بداية أزمة العام الماضي كانت التغطيات المنحازة تثير حنقنا لأننا نعيش على الأرض ونراهم ونسمعهم ينقلون ما يحدث من زاوية أحادية ضيقة تهمل حقائق وتدفع الأكاذيب للضوء، وربما تلك التغطية قد أججت الأمر أكثر مما كان سيكون عليه، وشجعت استمرار مسلسل العنف والكذب الإعلامي الذي نعيشه حتى اللحظة، الإعلام أسهم في تمادي جماعات العنف وفرض حصاراً على الأصوات التي تعرف ما يحدث وتريد أن تعلنه، إلا أننا لم نعد نغضب بل تعلمنا أن هذا جزء من واقع المنظومة الدولية التي نحيا وسطها، هذا جزء من التحديات التي إما أن تتعامل معها الدول أو تسقط، في نهاية الأمر تعلمنا أن نتصالح نفسياً مع التغطيات والكتابات التي لا تعجبنا. لكن من لم يستطع أن يتعامل مع الآخر ومع نظرة إعلامية مختلفة هو بعض الكتاب الذين إصابتهم بالجنون بعض الكتابات والتغطيات لكتاب وإعلاميين عرب وأجانب أدانوا العنف ضد رجال الأمن في البحرين، وكتبوا وبثوا ملاحظاتهم عن مدى “سلمية” الوفاق ومن معها عن “الأسلوب” غير السوي والعنيف والإجرامي أحياناً الذي تنتهجه باسم المعارضة، البعض لا يريد حتى أن يسمع لمن يقول لهم إن المطالب عادلة ومحقة لكن الأسلوب العنيف خطأ، فهو مجرم بحق الكلمة ومرتشٍ، جيبه ملآن دنانير ودولارات وسيارات وعقارات، كل هذا لأنه يقول الأسلوب خطأ، الحرق والقتل والعدوان خطأ، شيّ البشر أحياء بنيران المولوتوف وبالقنابل الغادرة خطأ، التحول إلى ميليشيات إرهاب خطأ، يعني إذا تكلمت نصف كلمة ولم تعجبهم صرت بلمح البصر مرتزقاً من الكتابة مهما كان تاريخك. وهذا نوع آخر من الإرهاب، غير الإرهاب الميداني الذي يتعرض له الوطن كله، إنه إرهاب لا يقل خطراً، إرهاب الكلمة والأقلام والإعلام، رفض أي رأي سوى رأي الجمعية والمرجعية وأتباعهم، في عرف الديمقراطية أنت جماعة ضمن جماعات عديدة تشكل هذا الوطن ومن حق الآخرين أن يختلفوا معك، يمكن أن تعتبروا الناس رجعيين موالين مدفوعين ومرتزقة -وهذا ينطبق على الشارع السني بنظركم وجزء لا بأس به من الشارع الشيعي- لكن لا يمكن أن تخرسوا ألسنة الناس وأقلام الكتاب فيما يرونه حاصلاً أمامهم، الإرهاب لا يمكن تسميته بغير الإرهاب. إن هؤلاء الكتاب والإعلاميين الذين يفضحون حقيقة ما يجري في البحرين يستحقون كل احترام وشكر وتقدير فهم يسبحون عكس التيار، المؤسسات الإعلامية تسعى وراء أخبار الثورات والنكبات وسقوط الحكومات، وحين يجرؤ قلم أن يسطر حقيقة ما يحدث وأن ما يسقط في البحرين هو سمعة المعارضة بسبب ممارساتها، وأن هناك إمكانية لتحقيق إنجازات سياسية وطفرات معيشية في وطننا دون الوقوع في فخ تغيير سياسي غير محسوب تحاول جماعات مؤدلجة جرنا إليه، عندما يبث الإعلام أنباء وصور التعدي على أرواح أفراد الأمن والمدنيين لمكايدة وإحراج الحكومة إلى جانب صور إصابات ووفيات المحتجين بعدالة ونزاهة، وحين يتعامل الإعلام بهذه المسؤولية تجاه مصير شعب لا يستحق إلا كل خير كشعبنا فهذا -وإن كان مصدر ازعاج للبعض- فهو محل تقدير من كل بحريني.