أوضح معهد البحرين للتنمية السياسية أنه "لفهم التعديلات الدستورية من المهم معرفة الأهداف، التي قامت عليها التعديلات، وهي زيادة مظاهر النظام البرلماني في نظام الحكم، إضافة لإعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية "الحكومة” والتشريعية "البرلمان”، بما يضمن مزيداً من التوازن فيما بينهما، وإعادة تنظيم كل من مجلسي الشورى والنواب، بما يعطي دوراً أكبر للمجلس النيابي ويضمن الاختيار الأنسب لأعضاء المجلسين”، لافتاً إلى أنَّ "التعديلات الدستورية التي تفضل جلالة الملك المفدى بالتصديق عليها، جاءت في ضوء ما تمَّ التوافق عليه في حوار التوافق الوطني خلال يوليو 2011، وتمت أيضاً بناءً على الرغبة الملكية السامية بتقديم جلالته الطلب بإجراء تعديلات دستورية، تفعيلاً لصلاحياته المنصوص عليها في الدستور في المادة 35 ـ أ«. وأشار المعهد إلى أنَّ "الهدف الأول من التعديلات جاء ليؤكد على زيادة مظاهر النظام البرلماني في نظام الحكم، حيث تتميّز معظم أنظمة الحكم في دول العالم بأنها تعتمد أحد نظامين دستوريين أساسيين وهما النظام البرلماني والنظام الرئاسي، ويختلف هذان النظامان بشكل رئيس في طبيعة العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويُعتبر النظام البريطاني الأنموذج الأساس للنظام البرلماني، في حين يعتبر النظام الأمريكي الأنموذج الأساس للنظام الرئاسي، أما في مملكة البحرين فإنَّ النظام الدستوري يعتمد على المزاوجة بين النظامين البرلماني والرئاسي بهدف الاستفادة من مزايا كل نظام، ولهذا يعتبر نظاماً مختلطاً ليتناسب مع خصوصية المجتمع البحريني. وفي هذا النظام، فإنَّ الشرعية تعتمد على الإرادة الدستورية المحددة في الدستور، بمعنى إرادة الشعب التي يتم التحقق منها في الانتخابات البرلمانية، التي تتم كل أربع سنوات، أو في الاستفتاءات العامة التي يمكن أنْ يدعو إليها جلالة الملك، وفي ضوء ذلك فإنَّ التعديلات الدستورية الجديدة، لا تسعى إلى أنْ يكون النظام في البحرين نظاماً برلمانياً بشكل كامل، وإنما تهدف إلى الاستفادة من المظاهر البرلمانية بما كان منصوصاً عليه من مبادئ في ميثاق العمل الوطني، خصوصاً فيما يتعلق بالصلاحيات الدستورية لجلالة الملك، بالتالي جاءت التعديلات الدستورية الجديدة لتحافظ على المكانة التي يتمتع بها جلالة الملك في النظام، كما هو منصوص عليها في الدستور والميثاق، وفي الوقت نفسه تعزيز مظاهر النظام البرلماني، بما يعزز الإرادة الشعبية”.وفيما يتعلق بالهدف الثاني من التعديلات، والمتمثل في إعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية "الحكومة” والتشريعية "البرلمان”، بما يضمن مزيداً من التوازن فيما بينهما، حسبما أوضح المعهد أنَّ "من أبرز الأهداف التي يجب تحقيقها والحفاظ عليها في جميع الأنظمة الدستورية التوازن بين السلطات الثلاث، وتحديداً البرلمان والحكومة، ولهذا فإنَّ التعديلات الدستورية الجديدة، جاءت لتعزز علاقة التوازن بين السلطتين، من خلال إعادة تنظيم هذه العلاقة، والتعديلات تتضمن إضافة ضمانات جديدة تطبق عند استخدام جلالة الملك لحقه في حلِّ مجلس النواب وتعيين أعضاء مجلس الشورى، وتعزيز دور السلطة التشريعية في منح الثقة للحكومة التي يختارها العاهل، إضافة لضمانات أخرى لاستجواب الوزراء، وتفعيل دور المجلس النيابي في تقرير عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وتحديد فترة زمنية لإبداء الحكومة أسباب تعذّر الأخذ بالرغبات التي يبديها مجلس النواب، ومنح مجلس النواب حق طلب المناقشة العامة، وتحديد مدة زمنية لإحالة مشروعات القوانين إلى المجلس الذي ورد منه الاقتراح، ووضع قواعد خاصة لإعداد الميزانية من المجلسين، بما يمكن من العمل بالميزانية الجديدة في بداية السنة المالية، وبما لا يسمح بإصدار الميزانية لأكثر من سنتين ماليتين”.أما الهدف الثالث من التعديلات، والمتمثّل في إعادة تنظيم مجلسي الشورى والنواب، بما يعطي دوراً أكبر للمجلس النيابي ويضمن الاختيار الأنسب لأعضاء المجلسين، فقد أوضح المعهد أن "التعديلات الدستورية تتضمن إعادة تنظيم صلاحيات مجلسي الشورى والنواب بما يعطي دوراً أكبر للمجلس النيابي، ومن مظاهر التنظيم انفراد المجلس المنتخب بالرقابة على الحكومة، وتغيير رئاسة المجلس الوطني "البرلمان بغرفتيه” من رئيس مجلس الشورى ليكون رئيس مجلس النواب لأنه الأكثر تمثيلاً للإرادة الشعبية، وبالتالي للرئيس المنتخب صلاحية إحالة مشروعات القوانين التي تمت الموافقة عليها من المجلسين للحكومة لاتخاذ إجراءات الإصدار، واللافت في التعديلات التي أجريت أنها منحت مجلس النواب الانفراد في صلاحية تقرير عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وحق توجيه الأسئلة إلى الوزراء، وحق مناقشة البرنامج الذي تقدمه الحكومة لمجلس النواب عقب أدائها اليمين الدستورية وإقرار البرنامج أو عدم إقراره، وفي حالة إقراره تكون الحكومة قد حازت على ثقة المجلس، وحق طرح موضوع عام للمناقشة، وهو ما يتوافق مع الاتجاهات الدستورية الحديثة التي تُقصِر ممارسة وسائل الرقابة على السلطة التنفيذية على المجلس المنتخب، إضافة إلى ذلك، فإنَّ التعديلات الدستورية تشتمل شرطين جديدين لعضوية البرلمان، وتتضمن مضي 10 سنوات على اكتساب الجنسية البحرينية، لمن يرغب في الترشح لعضوية المجلس النيابي أو التعيين في مجلس الشورى، وأنْ يكون غير حامل لجنسية دولة أخرى باستثناء مزدوجي الجنسية مع جنسيات دول مجلس التعاون الخليجي، على أنْ تكون جنسيته الأصلية بحرينية. كما تشتمل التعديلات الجديدة على تغيير في طريقة اختيار أعضاء مجلس الشورى، بحيث يصدر العاهل أمراً ملكياً سابقاً على أمر تعيين الأعضاء تحدد فيه الإجراءات والضوابط والطريقة، التي تحكم عملية الاختيار بما يضمن شفافيتها ولضمان تمثيل واسع لمختلف مكونات المجتمع”.