^ موقف المجلس الأوروبي صدم طهران بعد مراهنتها على مؤازرته ^ استهتار إيران بقرارات الوكالة الدولية للطاقة جعل مجلس الأمن يوجه تحذيراً إليها ^ بوصول خاتمي إلى الرئاسة سمحت واشنطن باستيراد بعض المنتجات الإيرانية ^ رفض البنوك التعاون مع إيران أدى إلى أضرار كبيرة بتجارتها الخارجية بقلم - د. عبدالستار الراوي: العقوبات الاقتصادية مرحلة مديدة من مراحل النزاع، تحولت بمرور الزمن إلى ما يشبه الظاهرة في تكرارها وتواليها، وهي بمنزلة حرب استنزاف متعددة الجوانب تمهد الطريق للحرب المسلحة.. ويعتمد المنطق الداخلي للعقوبات على استخدام قوانين الاقتصاد السياسي من أجل ثني الدولة المعاقبة عن مواقف بعينها، وبالتالي فإن العقوبات الاقتصادية المفترضة على إيران ستكون مجرد مرحلة جديدة من مراحل إدارة الصراع، ولكن بوسائل غير عسكرية. و«العقوبات الاقتصادية” ليست مجموعة مصمتة من الإجراءات التي يجرى اعتمادها بصفة عامة للدول كافة المراد معاقبتها، يمكن إجمالها بثلاثة أنواع من العقوبات: (تجارية، مالية، ذكية)، ولكل نوع منها تأثيره وشروطه المختلفة عن غيرها. وأعقبها أو ألحق بها حرب البنوك وحصار التحويلات المصرفية، وكان البنك المركزي الإيراني أحد أهم أهدافها. وبعكس ما هو شائع، لم يتم فرض هذه العقوبات بسبب انتصار الثورة الخمينية أو استبدال النظام الملكي الإمبراطوري “الصديق” بنظام ثوري “عدو”. إذ بقيت السفارة الأمريكية في طهران مشرعة الأبواب حتى بعد تحول السلطة لصالح رجال الدين، بل إن عملية أخذ الرهائن في نوفمبر 1979م لم تؤد إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بل جاء الإجراء تالياً، أي بعد مضي سبعة أشهر، وتحديداً في أبريل من العام 1980م عندما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع طهران من دون أن تطرح مسألة العقوبات الاقتصادية. العقوبات الأمريكية عقب مرور نحو خمس سنوات على حادثة الرهائن، بادرت واشنطن في العام 1984م، ولأول مرة إصدار حزمة من العقوبات، عندما كان السيد علي خامنئي رئيساً للجمهورية (1981 -1988م) وتم ذلك إثر الهجمات ضد القوات الأمريكية في لبنان، وتضمنت هذه العقوبات: تجميد بعض الأرصدة الإيرانية في البنوك الأمريكية، ومنع المعاملات التجارية بين البلدين، حظر تعامل الشركات الأمريكية من الاستثمار في إيران، بل فرضت حكومة الولايات المتحدة غرامات على الشركات الأمريكية التي تخالف قانون حظر التعامل مع إيران. إلا إن الواقع شهد تضرر الشركات الأمريكية من هذه العقوبات، إذ حلت مكانها شركات أوروبية وصينية وماليزية واستفادت من الاستثمار في قطاع النفط الإيراني بوجه خاص. وفي 29 نوفمبر 1987م أصدر الرئيس رونالد ريغان أمراً يقضي بفرض حظر على بعض المواد المستوردة من إيران ومنها البترول، عقب الاتهامات الموجهة إلى الجمهورية الإسلامية بدعم الإرهاب الدولي. فيما بقي مستوى العقوبات منخفضاً خلال ثماني سنوات، وتم تخفيفها بعد نهاية الحرب العراقية – الإيرانية في العام 1988م، كما تمت إعادة 600 مليون دولار من الأموال الإيرانية المجمدة وسمح من جديد باستيراد البترول الإيراني. بعد مرور ثلاث سنوات على الانفتاح النسبي المتبادل أصبحت الولايات المتحدة في العام 1991م أول مستورد للبترول الإيراني، واستمرت المبادلات بين البلدين، لكن الواردات الأمريكية من البترول الإيراني وصادراتها من السلع إلى إيران تمت عبر وساطة الفروع الأوروبية للشركات الأمريكية. فاجأ الرئيس بيل كلنتون الرأي العام الدولي، حين رفع مستوى العقوبات في 6 مايو 1995م (تحت بند الدفاع عن الأمن القومي)، إذ تم منع الشركات الأمريكية من التعامل أو الشراكة في عقود مالية تتعلق بصناعة البترول أو الغاز في إيران، حسب القانون الجديد، مجبرة الشركة الأمريكية Conoco على إلغاء عقد بقيمة 550 مليون دولار لتطوير الحقل البترولي “سيري” حيث أخذت مكانها شركة توتال الفرنسية. تم ذلك في الفترة الرئاسية للشيخ هاشمي رفسنجاني (1989 -1997م). قانون داماتو وإنزل بيل كلينتون ضربة موجعة بقطاعي التجارة والمال الإيرانيين، ففي الخامس من أغسطس عام 1995م وقع الرئيس الأمريكي الأسبق على القانون المسمى قانون “داماتو”، نسبة إلى السناتور الجمهوري، الفوتسي داماتو، من ولاية نيويورك، الذي تبنى مشروع هذا القانون، وأقره الكونغرس الأمريكي في صيغته النهائية في العام 1996م ويفرض هذا القانون عقوبات على الشركات الأجنبية التي تتعامل مع كل من ليبيا وإيران في مجال النفط والغاز وتزيد استثماراتها على أربعين مليون دولار في العام. وتشمل العقوبات المنصوص عليها في القانون سبعة أنماط مختلفة من العقوبات هي: - حرمان الشركة المخالفة من الحصول على تسهيلات من مصرف الاستيراد والتصدير. - حرمان الشركة المخالفة من الحصول على تراخيص التصدير إلى الولايات المتحدة الأمريكية. - منع الشركة من الحصول على قروض أو اعتمادات مالية من مؤسسات مصرفية أمريكية تزيد على عشرة ملايين دولار خلال العام الواحد. - منع اختيار الشركة المخالفة من أن تكون عميلاً أولياً في التعامل بديون الحكومة الأمريكية. - منع الشركة المخالفة من العمل وسيطاً للولايات المتحدة كمودع لأموال حكومة الولايات المتحدة الأمريكية. - حرمان الشركة المخالفة من فرص مشتريات الحكومة الأمريكية، تماشياً مع التزامات منظمة التجارة العالمية. - فرض حظر على جميع واردات الشركة المخالفة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وبموجب قانون داماتو تم منع الاستثمارات التي تتجاوز 40 مليون دولار في قطاعي النفط والغاز في إيران وليبيا. لكن بعد عام واحد من صدور القانون تم تقليص المبلغ إلى 20 مليون دولار. وقوبل القانون الأمريكي برفض دولي كامل، سواء على المستوى الرسمي أو على المستويات الأخرى، وأثار انتقادات شديدة للسياسة الأمريكية خاصة في أوروبا. ورأى بعض المحللين أن إصدار هذا القانون في ذلك الوقت بالذات ما هو إلا لعبة انتخابية في المقام الأول، فالإرهاب موضوع ساخن في الانتخابات الأمريكية ومطلب مثير للناخب الأمريكي، ويلاحظ أن القانون دعّم موقف كلينتون. انتقلت العقوبات في العام 1997م إلى مستوى استراتيجي ولون خطر، إذ عارضت الحكومة الأمريكية مشروعات نقل البترول والغاز من آسيا الوسطى عبر إيران لتستبدلها في العام 2007م بأنبوب البترول “باكو- تبليسي - سيحان”، الموضوع في الخدمة في العام 2007م، والذي يربط آسيا الوسطى بالمتوسط (يربط بحر قزوين بالمتوسط ويمر عبر أذربيجان وجورجيا وتركيا). وأفضى القرار إلى ضياع فرصة ثنائية الأبعاد، فالقرار لم يضع فقط في خطر الوضع الاستراتيجي لإيران من خلال خسارة مشروعات استراتيجية كهذه، لكن أدى أيضاً إلى خسارة حقوق الترانزيت التي قدرت بمليار دولار في العام الواحد. وبارتقاء السيد محمد خاتمي مقاليد الرئاسة (1997 -2005م)، خفف الرئيس كلينتون من العقوبات بعد وصول الرئيس خاتمي إلى الرئاسة، إذ سمح باستيراد بعض المنتجات الإيرانية كالسجاد والمنتجات الزراعية والفواكه المجففة والكافيار. وفي عهد بوش الصغير ومجيء أحمدي نجاد، دخلت العلاقة بين البلدين طوراً جديداً من التوتر فتم تشديد الحصار الاقتصادي الأمريكي على طهران. في البداية كان للعقوبات التي يفرضها بلد غني وقوي كالولايات المتحدة الأمريكية نتائج قاسية على إيران، لكنها مفروضة من بلد واحد ولم يكن لها طابع دولي. سمح هذا في أحيان كثيرة للجمهورية الإسلامية أن تجد وسائل أخرى للالتفاف عليها. حسب التقرير الصادر عن مركز الأبحاث التابع للكونغرس الأمريكي؛ إذ بلغت استثمارات شركات مثل “توتال” و«رويال دوتش شل” و«إني” الإيطالية و«أنبيكس” اليابانية أكثر من مليار دولار بين عامي 1999 -2007م. من الأمركة إلى التدويل تغير الوضع في العام 2003م انطلاقاً من اللحظة التي أعلنت فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الجمهورية الإسلامية حاولت بنحو خفي تصنيع الوقود الذي يمكن استخدامه في صناعة السلاح النووي. هنا وابتداء من هذا التاريخ نفذت الولايات المتحدة الأمريكية تدريجياً إلى المجتمع الدولي وتمكنت من التأثير عليه للمشاركة في وضع العقوبات على إيران، وبالتوازي فإن السلوك الثوري والاستفزازي للرئيس الإيراني أحمدي نجاة زرع القلق والحذر في قلب العالم الغربي فيما يتعلق بسياسات الجمهورية الإسلامية. ومن هنا بدأت سلسلة العقوبات تأخذ صفتها الدولية بعد أن وضعت على مائدة مجلس الأمن الدولي. نجاد فوّت الفرصة كانت هناك فرص إيجابية في إمكانية إيجاد حل لملف إيران النووي في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، بما يضمن مصلحة الطرفين، لكن وصول الرئيس نجاد ومعه النزعة المحافظة أدى إلى إعادة تجديد للأزمة. فبعد وصوله إلى الرئاسة تم عقد اجتماع الفرصة الأخيرة بين رؤساء دول عدة لإيجاد حل دبلوماسي، في الرابع من فبراير 2006م. منح هذا الاجتماع مهلة شهر واحد للجمهورية الإسلامية للرد على القلق الناجم عن أنشطتها النووية، مع إعلامها أنه في حال عدم الانصياع سيتم رفع ملفها النووي إلى مجلس الأمن الدولي. لكن حكومة الرئيس أحمدي نجاد فوتت هذه الفرصة، ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة. وما أن صدر قرار رؤساء الدول حتى سارعت روسيا إلى تقديم اقتراح بأن تخصب إيران اليورانيوم بنحو مستقل على الأراضي الروسية، غير أن الجانب الإيراني رفض الاقتراح الروسي كما حزمة الاقتراحات الأوروبية في يوليو 2006م من دون الأخذ بالاعتبار المهلة الممنوحة من الأمم المتحدة حول تعليق تخصيب اليورانيوم والتي تم تحديد أجلها بنهاية شهر أغسطس 2006. وابتداء من هذا التاريخ وخاصة بعد تقرير محمد البرادعي، مدير الوكالة الدولية آنذاك، بدأت قرارات مجلس الأمن العقابية تتوالى عاماً في إثر عام، وبمعدل قرار واحد على الأقل كل عام. وفي إعلانه في 29 مارس 2006، طلب رئيس مجلس الأمن من إيران القبول بقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن في ظل عدم الاكتراث الإيراني تم التصويت في مجلس الأمن على القرار الأول الذي حمل الرقم (1696) في 31 يوليو 2006، ولم يفرض هذا القرار عقوبات على إيران، بل كان تحذيراً لها. من أجل مواجهة تهديدات دولة ما، تطلب المادة 40 من الفصل السابع من هذه الدولة أن تغيّر سلوكها. المادة 41 تنص على عقوبات غير عسكرية، وعندما تكون هذه العقوبات غير فعالة، تنص المادة 42 على اتخاذ إجراءات عسكرية. أخيراً، وحسب المادة 41 من الفصل السابع صوّت مجلس الأمن على ثلاثة قرارات: القرار الأول في ديسمبر 2006: حمّل هذا القرار إيران المسؤولية بما تشكله من خطر على المجتمع الدولي، لكن القرار نفسه لم ينص على فرض حصار على المواد الغذائية، بل طلب فقط من الدول عدم شحن أي مواد أو تقنيات يمكن أن تسهم في البرنامج النووي الإيراني أو في صناعة صواريخها، وقيد هذا القرار، وبصفة محددة بعض المؤسسات المالية والصناعية وكذلك الأشخاص الذين لديهم صلة بالبرنامج النووي الإيراني، ونتيجة لهذا القرار فرضت بعض البنوك الأوروبية قيوداً على التعاملات بالدولار مع إيران. القرار الثاني: بسبب عدم مبالاة الجمهورية الإيرانية تبنى مجلس الأمن القرار(1747) الثاني في 24 مارس 2007م، الذي وسع من القيود المفروضة على الشركات والمسؤولين تحت بند صلة هذه الأطراف بالبرنامج النووي وصناعة الصواريخ، وكذلك على مسؤولين رفيعي المستوى في صفوف الحرس الثوري الإيراني. وشمل القرار بنكي سيباه Sefah وسيباه إنترناشينال لمشاركتهما في البرنامج الإيراني لتطوير الصواريخ. القرار الثالث: حمل الرقم (1803) اتخذه مجلس الأمن في 3 مارس 2008م، الذي شدد العقوبات التجارية على طهران، طالباً من الدول أن تكون أكثر يقظة فيما يتعلق بعوائد الأرصدة الإيرانية وبالتسهيلات التجارية التي يقدمها القطاع الخاص في كل منها في إطار العلاقات التجارية مع إيران، خاصة المنتجات والسلع والتجهيزات التي يمكن أن يكون لها استخدام مزدوج أو يمكن استخدامها في البرنامج النووي وبرنامج صناعة الصواريخ. أما فيما يتعلق بالتعاون بين المؤسسات المالية لهذه البلدان مع البنوك الإيرانية، وخاصة بنكي صادرات Saderat وملي Melli وفروعهما في الخارج، فإن هذه البلدان مدعوة إلى مراقبة تنقلات المواطنين الإيرانيين في الخارج وفرض قيود عليها وعلى التعاملات والصفقات التي ينفذونها مع الشركات في إيران، بالإضافة إلى ذلك، سمح القرار للدول، ولأول مرة، بإجراء تفتيش في موانئها ومطاراتها للسفن والطائرات الإيرانية التي يشتبه بأنها تنقل منتجات أو تجهيزات محظورة، كما أوكل القرار إلى مدير المنظمة الدولية للطاقة الذرية إعداد تقرير وتقديمه إلى مجلس الأمن الدولي حول الإجراءات التي اتخذتها إيران بقصد تعليق عملية تخصيب اليورانيوم. أما المهلة لتقديم التقرير فهي تسعون يوماً. العقوبات الأوروبية يعد الاتحاد الأوروبي الشريك المالي الأكبر مع الدولة الإيرانية؛ إذ بلغ معدل التبادل التجاري والسلعي أكثر من (25) مليار دولار، وعلى الرغم من المصالح التجارية المتشابكة، فإن أوروبا تحت ضغط الولايات المتحدة تخلت عن الأرباح الاقتصادية لصالح الأهداف السياسية، وكان موقف المجلس الأوروبي صادماً للقيادة الإيرانية التي كثيراً ما راهنت على مؤازرته لها، في تخفيف عبء العقوبات الأمريكية عليها، وحاولت البنوك الإيرانية الالتفاف على العقوبات الأمريكية بتنفيذ تعاملاتها عبر وساطة نظيراتها من بيوت المال الأوروبية، لكن التوتر الناتج عن سياسات الرئيس أحمدي نجاد لم يؤد فقط إلى برود في العلاقات بين إيران والاتحاد الأوروبي، بل نجم عنه أيضاً إسهام الأوروبيين أنفسهم في العقوبات الاقتصادية ضد إيران، واتجهت العقوبات الأوروبية إلى القطاع المالي بتجميد أصول بعض البنوك الإيرانية (صادرات وميللي) وتعاملاتهما، ودعا الأوروبيون المصارف إلى “مزيد من الحيطة عندما توقع على التزامات جديدة بتقديم دعم مالي عام للمبادلات التجارية مع إيران” وخاصة في مجال تقديم الضمانات وعمليات التأمين على التعاملات التجارية.. وأجبر الاتحاد الأوروبي، البنوك الأوروبية (تحت ضغط العقوبات الأمريكية) على خفض مستوى تعاملاتها مع البنوك الإيرانية، وتم تطبيق هذه السياسة بفعالية فأوقف عدد من البنوك الأوروبية التعامل مع إيران كالبنك السويسري UBS الذي قطع علاقاته معها في يونيو 2006م وتبعه بنك سويسري آخر هو Crédit Suisse ثم خفضت مؤسسات أوروبية عالمية أخرى، كالبنك البريطاني HSBC والبنك الهولندي ABN AMRO تعاملاتها وخاصة بالدولار إلى الحدود الدنيا. وهكذا بدأ يتصاعد الخناق الأوروبي، إذ وضع البنك الألماني الرئيس Deutsche bank نهاية لتعاملاته مع إيران تحت بند قصور الجدوى، أي أن “تكاليف العمليات البنكية لا تتماشى أو لا تتوافق إلا قليلاً مع المداخيل الموجودة في إيران”. وفي الخامس من ديسمبر 2006م أوقف ثاني أكبر بنك في ألمانيا Commerzbank، وكان مكلفاً بتنظيم جميع المعاملات الدولية للبنوك العامة الإيرانية بالدولار وباليورو، التعاملات بالدولار بين الدولة الإيرانية وشركائها التجاريين. كان لهذه المؤسسة أهمية كبيرة لدى طهران لأنه كان من المتوقع في العام 2003م أن يرعى كونسورتيوم بنكي لهذه المؤسسة بجمع مبلغ 1,75 مليون دولار في العام من أجل تحقيق المرحلة التاسعة والعاشرة من مشروع الحقل البترولي “فارس الجنوبي” Pars Sud . واستمراراً لمسلسل العقوبات أعلن ثالث بنك ألماني خاص Dresdner bank في 21 مايو 2007م رغبته بإنهاء علاقاته البنكية الرئيسة مع إيران. إيطاليا أكبر أهم الشركاء التجاريين لإيران في أوروبا والعالم؛ إذ بلغ معدل التبادل بينهما ستة مليارات دولار، لكن روما تناست مصالحها الاقتصادية، عندما التحقت بالقافلة الأمريكية، فكان لها دور أيضاً في الحصار المالي، بعد أن قرر بنك San Paolo SPA في نهاية العام 2006م خفض حجم تعاملاته مع إيران. وكنتيجة للعقوبات الدولية أقدمت بنوك أوروبية أخرى ذات صلة وثيقة بالشبكة المالية الأمريكية على خفض تعاملاتها مع إيران، من هذه البنوك Crédit Lyonnais وSociété Générale الفرنسيين وكذلك Barclays LC وHSBC Holding PLC البريطانيين. وأدى رفض البنوك والمؤسسات المالية الدولية التعاون مع إيران كنتيجة للعقوبات إلى أضرار كبيرة بالتجارة الخارجية الإيرانية وخاصة بالاستثمارات الضرورية في مشاريع الغاز والبترول. فمثلاً كان من المنتظر أن يضمن بنك Société Générale مالياً المرحلتين 17 و18 من مشروع “فارس الجنوبي” ضمن صفقة قدرت بنحو 2,7 مليار دولار. وتضمنت الاتفاقية أن يدفع الجانب الإيراني الضمانات المالية للمشروع من خلال بيع منتجاته من الغاز في المرحلتين المذكورتين، ولكن رفض البنك القيام بالاستثمارات المتفق عليها أدى إلى تعليق هاتين المرحلتين. هكذا كان مصير المرحلتين 15 و16؛ إذ كان من المنتظر أن يشارك بنكان أوروبيان عملاقان، يعملان كمستشارين ماليين للشركة الوطنية للبترول في إيران، بالبحث عن تمويل وفي تأسيس كونسورتيوم مالي ضمن سوق الائتمان الأوروبية، ومقدار الائتمان الذي ليس له نظير في تاريخ العلاقات الاقتصادية مع إيران كان من المتوقع ليس فقط أن يقرّب اقتصادياً بين إيران وأوربا، لكن أيضاً كان سيسمح بتحقيق مشروع ضخم قابل لإنتاج 27 مليون متر مكعب من الغاز يومياً من أجل الاستهلاك المحلي، والتزمت الشركة الوطنية الإيرانية للبترول بدفع الاستحقاقات المالية المترتبة من خلال تصدير المنتجات الغازية والبترولية، ولكن نتيجة للعقوبات الدولية تم تعليق المشروع. وفي يوليو 2008م انسحبت شركات Shell و Repsol وTotal من المرحلة 11 من مشروع الاستثمار المذكور معللة ذلك بالأخطار السياسية المتنامية في الخليج العربي. وبحلول صيف 2008 قررت بلدان الاتحاد الأوروبي 2008م فرض عقوبات جديدة على إيران، وخاصة على التعاملات المنفذة من خلال ثلاثة فروع لبنك “ميللي” الإيراني في لندن وفرانكفورت وباريس، وتمت إضافة أسماء 20 شخصية و15 مؤسسة إلى قائمة غير المرغوب فيهم في الاتحاد الأوروبي والممنوعة من الحصول على تأشيرة الدخول إلى بلدانه. ووجه قرار منع نشاطات بنك “ميللي” في أوروبا ضربة جديدة للاقتصاد الإيراني. هذا البنك، الذي تم تأسيسه في العام 1923م، لديه 4500 موظف في 3100 فرعاً، 16 منها في الخارج، يعدّ من أهم البنوك الإيرانية برأسمال قدره 32 مليار دولار. بالإضافة إلى الحصار المباشر الذي فرضته المؤسسات الأوروبية على إيران، قرر ممثلو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في 8 أغسطس 2008 تجديد القيود المالية والتجارية عليها. وللحديث بقية المــــراجـــــع مصطفى اللباد. العقوبات الاقتصادية على إيران (المعرفة) 2006 يومية إيلاف الإلكترونية. لندن - الثلاثاء 24 يناير 2012 البروفيسور جامشيد أسدي - العقوبات الاقتصادية: هل يمكنها أن تغير الاستراتيجية النووية للجمهورية الإسلامية؟ ترجمة: الدكتور ممدوح نيوف. الحوار المتمدن - العدد: 3337 – في 15/4/2011 جريدة كيهان (الإيرانية) 12 مارس 2012 فايز العجرمي: قانون داماتو (لعبة انتخابية). جريدة الشرق الأوسط عدد الثلاثـاء 25 رجـب 1423 هـ 1 أكتوبر 2002 العدد 8708 الأرشيف: عقوبات أمريكية غير مسبوقة على المركزي 15 - 10 – 2011.
الاستنزاف الاقتصادي والخنق السياسي البطيء يحاصران إيران بالخسارات
15 أبريل 2012