حاوره – إيهاب أحمد وأحمد عبدالله: طالب النائب محمود المحمود الحكومة بـ«إيقاف المنابر التحريضية المؤججة، من الطرفين، لفتح المجال للمصالحة الوطنية، لاسيما أن المجتمع يعيش انقساماً كبيراًً”، داعياً “المعارضة لتحكيم العقل ووقف أعمال العنف التخريب”، مؤكد أنه “لا مكان للتحريض وحمل المؤزمين مسؤولية ما يرتكب في الشارع”. وكشف المحمود، في حوار لـ “الوطن”، أن “بعض الوزارات أصبح من سمتها الأساسية المخالفات والتجاوزات”، مطالباً النواب بـ “اتخاذ إجراءات رادعة للحفاظ على المال العام”، لافتاً إلى أن “وزارة المالية تتحمل مسؤولية إهدار المال العام في مشروع مستشفى الملك حمد الجامعي لتجاوز الوزارة الميزانية المقررة”. وأكد المحمود “التمسك باستجواب وزيرة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي، واعتبر إسقاط المجلس له مخالفة وجريمة في حق المجلس”، مهدداً باللجوء للقضاء لإثبات قانونية الاستجواب. واعتبر أن “سحب الحكومة قانون الصحافة خطوة غير موفقة، إذ إنه من المفترض تمرير القانون ثم تعديله بدل من أن يبقى “محلك سر”. وفيما يتعلق بتمديد اليوم الدراسي، أوضح المحمود أنه “صاعقة من السماء نزلت على الطلبة، وأنه أربك الطلاب كونه لم يتم بالتدريج، وأن ما قامت به التربية “عمل ترقيعي”، مشيراً إلى أن “تشكيل المجلس لجنة للتحقيق غير مجدٍ، وأن المفترض استجواب الوزير”....وفيما يلي نص الحوار: فلسفة الاستجواب وأكد النائب محمود المحمود “التمسك باستجواب وزيرة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي، وأن الاستجواب لايزال قائماً، وأن مجلس النواب لم يسقطه، كما إنه لا يحق له إسقاط حق كفله الدستور، وأنه وعدداً من النواب بصدد إعادة طرح الموضوع، خاصة أن الأمر لا يمكن أن يترك حتى يتفاقم، مشيراً إلى أن “ما حدث ليس تراجعاً، وإنما لأخذ مهلة للتشاور وتبادل الآراء حول موضوع الاستجواب”. واعتبر أن “ما قام به المجلس مخالف للدستور وللائحة الداخلية، وأنه جريمة في حق المجلس، لأنه وقف ضد الاستجواب”، مبيناً “إمكانية الاختلاف حول لجنة الاستجواب، لا على ذات الاستجواب”، مشدداً على أنه “ليس من حق النواب تقرير ما إذا كانت دواعي الاستجواب وجيهة أو لا ترقى للمستوى اللازم لذلك، وبيني وبينهم القضاء لإثبات الحق”. وأضاف أن “المجلس سيد قراره، وأي مخالفة أو تجاوز أو إهدار يجب أن يتعامل معه وتحديد ضعف وقوة المحاور ليس من شأن أحد بالمجلس”، مشدداً على أن “الهدف من الاستجواب حفظ حقوق المواطن والإصلاح والوقوف على مكامن الخلل لتحديد المسؤول عنها، وليس استهداف الوزيرة أو خلافات شخصية، وأنه ليس اتهاماً ولا تشكيكاً”. محاور الاستجواب وكشف المحمود أن “محاور الاستجواب تنحصر في قيام الوزارة بشراء مبنى بـ 1.180 مليون دينار، وصرف أكثر من نصف مليون دينار لترميمه، في حين تحدّد المكاتب الاستشارية أعلى قيمة للعقار بـ300 ألف دينار”، معتبراً أن “الأمر يعد هدراً للمال العام”. واتهم المحمود الوزيرة بـ«التلاعب في موضوع علاوة الغلاء التي أقرها المجلس للمواطنين، وحاولت الإتيان بمعايير جديدة لإجهاض المعايير القديمة”، لافتاً إلى أن “العلاوة المقرة من المجلس تمنح رب الأسرة الذي لا يتجاوز راتبه الشهري 300 دينار 100 دينار، في حين تعطي الذي يكون راتبه بين 301 - 700 دينار 70 ديناراً، وتمنح أرباب الأسر الذين تزيد رواتبهم على 700- 1000 مبلغ 50 يناراً، مع مراعاة عدم وجود أكثر من فاتورة كهرباء وسجل تجاري لرب الأسرة”. وتطرق المحمود إلى “ما وصفه بالعراقيل وضعتها الوزارة للحصول على العلاوة من شأنها أن تحرم عددا كبيراًً من المستحقين”، مشيراً إلى أن “من محاور الاستجواب تجميد حسابات بعض الجمعيات الخيرية، نتيجة تغير القوانين المنظمة لها، وتحولها من صناديق إلى جمعيات، مستغربا من تطبيق القانون بأثر رجعي، ومن المحاور وضع موظفات دار الأمان اللاتي يعملن بعقود مؤقتة مدتها 3 أشهر”، مبينا أن “وضعيتهن الوظيفية صعبة جداً وغير مستقرة وأنهن حرمن من حقوقهن”. وأعرب المحمود عن “استغرابه الشديد مما قال عنه “اختراع” هذا النوع من العقود التي لا تتجاوز 3 أشهر وتجدد بشكل دوري، واعتبره مخالفة صريحة لقانون وزارة العمل الذي يؤكد أن كل مواطن تعاقد مع مؤسسة وأمضى معها 5 سنوات يلزم تثبيته بحكم القانون”. وحمل وزارة العمل جزءاً من المسؤولية عن موظفات دار الأمان، مستنكراً “صمتها تجاه الموضوع”. وانتقد المحمود قطع وزارة التنمية الاجتماعية لعلاوة السكن عن مجموعة من الشباب، مشيراً إلى أن ذلك أحد الأسباب التي جعلته يصر على مساءلة الوزيرة. المصالحة الوطنية وفيما يتعلق بدور الوزارة في المصالحة الوطنية، أكد المحمود أن “المجتمع يعيش انشقاقاً وانقساماً كبيرين أكبر من تحلهما الوزارة بمشروع لا تتجاوز ميزانيته 200 ألف دينار”، لافتاً إلى “كونه استفسر وزيرة التنمية الاجتماعية عن خطة وزارتها للمّ الشمل المجتمعي والمصالحة، معتبرة أنها لم تقدم خطوات ملموسة في هذا المجال”. وعن رفض البعض استهداف الوزيرة في وقت تحارب فيه في الساحة الخارجية لبيان الأكاذيب التي تقال عن انتهاك حقوق الإنسان، عبر المحمود عن استغرابه من حديث البعض عن كون الوقت ليس مناسبا لاستجواب الوزيرة، معتبرا أن “الأوضاع السياسية لا يمكن أن تجعل النواب يسكتون على التجاوزات”، مؤكداً أن “الاستجواب لم يتطرق إلى حقوق الإنسان، ونحن ندافع عن حقوق المواطنين ونرفض الالتفاف حولها، وأنا نائب أمثل الشعب وسأستجوب أكبر عدد من الوزراء متى كان ذلك لمصلحة المواطن”. وردّ المحمود على الذين يرون أن الوقت ليس مناسباً لاستجواب الوزيرة، قائلاً “الاستجواب ليس له وقت مناسب وآخر غير مناسب، وكلما دعت الحاجة إليه أصبح مقبولاً بل مطلوباً”. وأكد المحمود للوزيرة قيامها “بأعمال لا يستهان بها خلال أزمة 2011”، مستدركاً “لكنها التفّت على بعض الحقوق والمطالب الشعبية”. وقال المحمود إن “استجواب الوزيرة ليس في مواضيع لها صلة بحقوق الإنسان، حتى نفوت الفرصة على الذي يروجون أننا اخترنا الوقت غير المناسب للاستجواب”. قانون الصحافة وحول وجهة نظره، في سحب الحكومة لقانون الصحافة، أوضح المحمود، الذي شغل منصب وكيل وزارة الإعلام، ورئيساً لتحرير جريدة البحرين تريبيون، أنه “كان من المفترض تمرير قانون الصحافة ثم تعديله عقب تشكيل المجلس الأعلى للإعلام بدل أن يبقى “محلك سر”. وقال المحمود إن “بقاء قانون الصحافة منذ 8 سنوات بين المطرقة والسندان يعيق وجود قانون عصري يحمي الصحافيين أصحاب الرأي من الجررة في المحاكم”، مشيراً إلى أن “نسبة البلاغات ضد الصحف مقارنة بعمر الصحافة في البحرين لا تتجاوز النسب المعتادة”. ربيع الثقافة وعن موقفه من دعوات النواب لإلغاء فعاليات ربيع الثقافة، قال المحمود إنه “مع قرار المجلس من حيث المبدأ متى رأى إيقافه أم استمراره، إلا أنه عاد ليبين تأيده الشخصي لاستمرار فعاليات ربيع الثقافة، وأنه انحرف عن موضوعه قليلاً -على حد قوله-. وفسر المحمود موقفه بأن “ما تواجهه البحرين من حملة إعلامية تظهر المملكة في صورة غير حقيقية ستساعد أنشطة وبرامج ربيع الثقافة في إرسال صورة للعالم الخارجي بأن البحرينيين مستمرون في حياتهم بشكل طبيعي بخلاف ما يتم تناوله وبثه عن البحرين”. ورأى المحمود أن “زج موضوع الأزمة السورية مع ربيع الثقافة غير سليم، فالحديث عن ربيع الثقافة شأن داخلي لا علاقة له بالأحداث في دول أخرى”. الدوام المدرسي وعن تحفظه من تمديد اليوم الدراسي رغم أنه دعا في برنامجه الانتخابي لتطوير التعليم، أكد المحمود “مازلت متمسكاً بموقفي من تطوير التعليم، إلا أن تمديد الدوام لم يقع بالشكل الصحيح”، مضيفاً أن “التمديد أثار استياء المدرسين والطلبة وأولياء الأمور لوقوعه في وقت غير مناسب، إذ ليس من المعقول أن يفعل التمديد في نهاية العام المقبل”، مؤكداً تأييده لقرار التمديد من مطلع العام. وطالب بإيقاف تمديه حالياً لتسببه في ربكة الطلاب، لافتاً إلى أن “التمديد نزل كالصاعقة من السماء على الطلاب، خاصة الذين هم في السنة الأخيرة”. وقال إن “تمديد الدوام المدرسي يفترض أن يؤدي لتحسين تحصيل الطلبة لا أن يربك اليوم الدراسي”، مضيفاً أنه “يفترض أن يطبق التمديد بالتدريج بداية من طلب الصف الأول ثانوي، ثم يطبق على الأول والثاني ثانوي، ثم الثلاثة صفوف”، منتقداً الاستعجال التي قامت به وزارة التربية والتعليم”. وعن إعلان وزارة التربية تطوير البنية التحتية في المدارس، وأثر ذلك في تغيير وجهة نظر النواب الذين اعترضوا على البنية التحتية، بين أن “القضية ليست في البنية التحتية فقط وإنما عدة أمور مجتمعة”. وقال المحمود “ما قامت به التربية عمل ترقيعي، ولابد من خطة مستقبلية لتطوير التعليم”. ورأى المحمود أن “تشكيل مجلس النواب لجنة للتحقيق في الدوام المدرسي غير مجدٍ، فوظيفة اللجنة كشف الحقائق، والحقائق واضحة لدى النواب لا تحتاج إلى بيان وماذا نريد أن نكشف”. وقال إنه “من المفترض استجواب الوزير، خاصة أنه تم تخصيص جلسة للنواب لبحث التمديد، والاستجواب هو الذي يحد ما إذا كان وزير التربية مقصراً أم لا”، لافتاً إلى أن مقولة الإنجليز “إذا أردت قتل موضوع ما فشكل له لجنة”. الحوار والتحريض وعلى صعيد مختلف، دعا المحمود المعارضة إلى “تحكيم العقل، ووقف العنف، وأعمال التخريب في الشارع”. وطالب الحكومة بـ«إيقاف المنابر التحريضية التي تؤجج الطائفية من الطرفين، لفتح المجال للمصالحة الوطنية”، قائلاً “لن تسمع أصوات دعاة التهدئة ما لم توقف تلك المنابر”. ورغم تأكيده على صعوبة إيقاف المؤزمين، فإنه اعتبرها خطوة هامة ورسالة يجب أن تصل للجميع بأنه لا مكان للتحريض، وأن المؤزمين مسؤولون عما يرتكب في الشارع”. وذكر أن شريحة كبيرة من الطائفتين ترفض العنف، إلا أن صوتها غير مسموع وضاع بين الطرفين”، مشيراً إلى أن “العنف مرفوض ورشق كل طرف للآخر غير مقبول، ولابد أن نمنع التأجيج والتحريض وإيقاف أساليب التهيج، كما إنه لابد من جلوس كل الأطراف على طاولة واحدة لتقريب وجهات النظر، وأن الابتعاد سيعمق المشكلة”، لافتاً إلى “ما حققه حوار التوافق الوطني من منجزات انعكست إيجاباً على المواطن”. التعديلات الدستورية ورغم موافقة المحمود على اشتراط حصول المترشح للمجلس النيابي على شهادة جامعية، فإنه يرى أن البرلمانات العالمية لا تشترط مثل هذا الشرط، إذ هي تمنح الثقة الشعبية لمن يستطيع أن يحوز ثقتها بصرف النظر عن مؤهله. وأيد المحمود المؤهل الجماعي باعتباره يرفع مستوى أعضاء المجلس، ويتماشى مع نسبة المخرجات التعليمية المرتفعة بالمملكة. ملفات الفساد وفي حديثه عن الفساد، قال المحمود إن “بعض الوزارات أصبحت من سمتها الأساسية المخالفات والتجاوزات، وهي مستمرة في المخالفة”، لافتاً إلى أن “ديوان الرقابة المالية والإدارية كشف تجاوزات دون أن تقلع تلك المؤسسات عن الاستمرار في المخالفة ودون وجود رادع”. وأضاف أن “مجلس النواب لم يتخذ إجراءات رادعة خلال 8 سنوات على خلفية توصيات تقرير الرقابة، وحان الوقت لاتخاذ إجراءات رادعة قد تكون مؤلمة لبعض الوزارات”، مشيراً إلى أن “التجاوزات طالت مبالغ مالية ضخمة جداً، ولا يمكن السكوت عنها”. وحمل المحمود وزارة المالية “مسؤولية هدر المال العام في مشروع إنشاء مستشفى الملك حمد الجامعي، كونها صرفت أكثر من الميزانية المقررة، ولم تمتنع عن دفع التمويلات الزائدة”، موضحاً أنه “مادامت المالية فاتحة جيوبها للوزراء فهي تتحمل المسؤولية، وأنا لا أرى مبرراً للصرف فوق الميزانية”. أداء مجلس النواب وعن تقيمه لأداء مجلس النواب، قال المحمود أن “90% من الاقتراحات برغبة تعالج قضايا المواطنين، والمجلس بتشكيلته الحالية يتجه لخدمة المواطن، بعيدً عن المناكفات والتجاذبات السياسية التي كانت قبل الأزمة”، لافتاً إلى أنه “ ينبغي على المجلس أن يبقى مجلساً للنواب، وليس مجلساً للأزمات”. واعتبر أن “الأحداث التي مرت بها البحرين، خاصة بعد استقالة أعضاء جمعية الوفاق الوطني الإسلامي، غيرت من أداء المجلس وركزت نحو تطوير حياة المواطن البحريني”. وقال إن “المجلس شهد حراكاً سياسياً قوياً تمثل في وقوف كافة الأعضاء في وجه التدخل الخارجي، وتوحيد الخطاب الموجه للرأي العام الدولي، وحرصنا على أن يظل المجلس لنواب الشعب وليس لإنتاج الأزمات”. وتحدث عن الفترة التي قضاها المجلس غير مكتمل بعد الاستقالة الجماعية التي شهدها، قائلاً “أصبح الأعضاء كتلة واحدة، وهو ما منحهم القوة اللازمة، واستطاعوا الإسهام في تجاوز الأزمة”. وأضاف “أكن كل الاحترام للنواب فهم دعمي وأنا دعمهم، ولابد أن تعزز العلاقة بين النواب ليتعاونوا على خدمة الوطن والمواطن وليكونوا مجلساً رقابياً تشريعياً من الدرجة الأولى”. وعن رفض المجلس لمرسوم ملكي برفع حصة الحكومة من رسوم سوق العمل كم 20% إلى 50%، قال المحمود إن “المجلس سيد قراره ولا يخضع لأي أوامر”. البرنامج الانتخابي وعما حققه المحمود من برنامجه الانتخابي، قال “حققت 50% من المشاريع والرؤى التي تضمنها برنامجي الانتخابي في أقل من نصف الفصل التشريعي، رغم أني لم أكن أتوقع أن أتعدى 20%”، لافتاً إلى “الحصول على أرض لبناء مركز صحي لدائرته، وتقديم طلب للوحدات الإسكانية، ووضع الحجر الأساس لمشروع الساحل، والموافقة على بناء دار لكبار السن -في طور البحث عن منفذين”. وأكد المحمود “حصول دائرته على أرض لبناء قاعة أفراح والتمويل لتشييدها”، مشيراً إلى أنه “يسعى لإعادة بناء نادي قلالي في موقعه الجديد”. أجـنــــــدة ^ تجتمع اليوم لجنة التحقيق في قرار تمديد الدوام الرسمي ومخرجات التعليم الأساسي والثانوي في البحرين. ^ عودة العضوات البرلمانيات من رحلة العواصم الأوروبية. مفهـــوم برلمـــاني الاستجواب هو حق خمسة من أعضاء مجلس النواب على الأقل في محاسبة أحد الوزراء عن ممارسته لمهامه في شؤون وزارته. ولا تجري المناقشة في الاستجواب إلا بعد ثمانية أيام على الأقل من يوم تقديمه ما لم يوافق الوزير على تعجيل هذه المناقشة. ويجوز أن يؤدي الاستجواب إلى طرح الثقة بالوزير على مجلس النواب وفقاً لأحكام المادة ( 66) من الدستور.