الرياض - (العربية نت، أ ف ب): أمر خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بعودة السفيرة السعودي إلى مصر وبإعادة فتح السفارة السعودية في القاهرة وقنصليتيها، بعدما تم إغلاقها الأسبوع الماضي إثر احتجاجات غاضبة، ما يؤدي إلى نزع فتيل أزمة نادرة بين مصر والسعودية. ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن مصدر مسؤول قوله "وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بمباشرة سفير المملكة إلى القاهرة لعمله بدءاً من يوم غد الأحد، وإعادة فتح السفارة وكل من قنصليتي المملكة في الإسكندرية والسويس”. وجاء قرار العاهل السعودي إثر استقباله أمس وفداً مصرياً رفيع المستوى ضم رئيسي مجلسي الشعب والشوري محمد الكتاتني وأحمد فهمي الذي وصل أمس الأول إلى المملكة من أجل العمل على إنهاء الأزمة في العلاقات المصرية السعودية. وأضاف المصدر بحسب الوكالة أن هذا التوجيه جاء "نظراً للمشاعر النبيلة والمخلصة التي أبداها الوفد الممثل لكافة أطياف المجتمع المصري تجاه شقيقتهم المملكة العربية السعودية، وانطلاقاً مما تحمله المملكة من مشاعر متبادلة نحو جمهورية مصر العربية حكومة وشعباً”.وأضاف العاهل السعودي "إن التاريخ المشترك بين بلدينا والقائم على وحدة الدين والنصرة في الحق ليس صفحة عابرة يمكن لأي كائن من كان أن يعبث بها. بل هو بالنسبة لنا أولوية لا تقبل الجدل أو المساومة عليه، أو السماح لأي فعل أن يلغيها أو يهمشها، فهي تقوم في حالة الخلاف على أسس العتب لا على قواعد الخصومة”، مؤكداً أن "مصر بهمومها وآمالها وطموحاتها لها في قلب المملكة المكانة الكبيرة والعكس صحيح”.وقررت الرياض السبت الماضي استدعاء سفيرها في مصر وإغلاق السفارة وقنصليتيها في الإسكندرية والسويس، بسبب تظاهرات مناوئة نددت بالسعودية على خلفية احتجاز المحامي والناشط الحقوقي المصري أحمد الجيزاوي في السعودية. واتهمت السلطات السعودية الجيزاوي بحيازة أقراص مخدرة وهو ما نفته أُسرته. وقد تظاهر مئات المصريين الأسبوع الماضي أمام مقر السفارة احتجاجاً على احتجاز الجيزاوي، ورددوا هتافات مناهضة للمملكة مطالبين بالإفراج فوراً عنه. وقال العاهل السعودي للوفد المصري إن "ما حدث في الآونة الأخيرة من تداعيات في العلاقة بين البلدين أمر يؤلم كل مواطن سعودي ومصري شريف، وما قرارنا باستدعاء السفير وإغلاق السفارة إلا لحماية منسوبيها من أمور قد تتطور لا تحمد عقباها”، كما أوردت الوكالة. ورحب الملك عبدالله بحضور الوفد معتبراً أن ذلك يعبر "عن مكارم الأخلاق المستمدة من عقيدتنا الإسلامية”. وقال "أمام هذا الموقف النبيل لا يسعني غير أن أقول لكم بأننا لن نسمح لهذه الأزمة العابرة أن تطول”. وأضاف العاهل السعودي "كلي أمل أن يقف الإعلام المصري والسعودي موقفاً كريماً وليقل خيراً أو يصمت”، في إشارة إلى الحملات الحادة التي شنها الإعلام في البلدين منذ اندلاع الأزمة. من جهته قال الكتاتني إن "الشعب المصري تربطه بالشعب السعودي أواصر متينة وعميقة عبر التاريخ لا يمكن أن تتأثر بحادث عابر يتم هنا أو هناك”، مضيفاً "إننا ومن منطلق العلاقة القوية بين شعبينا لابد أن نتجاوز هذه الأحداث العابرة ولا ندعها تعكر صفو العلاقات بين البلدين”.وتابع أن "الشعب المصري يكنّ تحية إعزاز وتقدير للمملكة العربية السعودية التي وقفت معه في المواقف التي كان يحتاج فيها لدعم الأصدقاء، ولقد وقفت المملكة العربية السعودية بقيادة الملك فيصل في حينه في حرب 73 مع أشقائهم في مصر وكان لهذا الدعم أثر بالغ في سير المعركة مع العدو الصهيوني وأيضاً بعد ثورة 25 يناير كانت المملكة العربية السعودية من أوائل المبادرين بالدعم لأشقائهم في مصر”.كما تحدث الكتاتني عن الجالية المصرية في السعودية التي تعد من أكبر الجاليات على الإطلاق في الخارج، مؤكداً أنها تنعم برعاية المملكة. وقال في ختام كلمته إن "سحب السفير السعودي من القاهرة للتشاور أمر يعز علينا كمصريين، وهذا الوفد الذي جاء ليؤكد على عمق العلاقة بيننا يرجو منكم أن يعود السفير معنا وعلى نفس الطائرة إلى القاهرة ليباشر عمله”. من جهته أكد رئيس مجلس الشورى المصري أحمد فهمي عمق العلاقات المصرية السعودية "التي تنبني على دعائم الإسلام الحنيف”، حسب قوله، متمنياً من العاهل السعودي أن يعامل المصريين كما يعامل السعوديين.وعن قضية الجيزاوي توجّه فهمي إلى العاهل السعودي قائلاً "نحن على يقين بأن القانون السعودي قانون عادل، ولا نريد لأي إنسان أياً كان أن يخالف هذا القانون، ولكننا نطمع في كرمكم وكرم السادة أصحاب السمو أن تكون معاملة هذا المواطن المصري وفقاً لقواعد الرحمة قبل العدل، فربما يكون قد أخطأ ولا يدري أن ما فعله خطأ، وكلنا أمل في أن يشمله عفوكم الكريم”.أما ممثل الأزهر الشيخ الدكتور مجدي عاشور فأعرب في كلمته عن أمله بأن "يعمّ الأمن والأمان والسكينة بيننا وبين إخوتنا جميعاً في المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً لنعود إلى الاستقرار وإلى طمأنينة النفس”. وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل استقبل الوفد المصري مساء أمس الأول. وقال الفيصل أمام الوفد "لا نستبعد أبداً أن تقف أصابع خارجية لا تريد الخير لنا ولا لمصر ولا للأمة جمعاء وراء أي تعكير في صفو العلاقات الراسخة والمتينة والمتنامية بين بلدينا وشعبينا”. وأضاف "نحن واثقون كل الثقة أن العقلاء من الطرفين قادرون على تجاوز الصغائر لعودة العلاقات الرفيعة ومستواها الراقي المعهود”. وقد غادر الوفد البرلماني المصري الرياض أمس عائداً إلى بلاده كما ذكرت الوكالة السعودية. وكانت منظمات حقوقية مصرية أعلنت القبض على الجيزاوي في مطار جدة فور وصوله مع زوجته لأداء مناسك العمرة "بدعوى صدور حكم غيابي بحقه يقضي بحبسه عاماً وجلده 20 جلدة إثر اتهامه بـ "العيب في الذات الملكية”".لكن السفير السعودي لدى مصر أحمد عبدالعزيز قطان أعلن في بيان آنذاك عن "بالغ أسفه واستيائه لما تناولته وسائل الإعلام من معلومات خاطئة حيال هذا الموضوع”. وأضاف "لم يصدر في المملكة أي حكم بسجن المذكور أو جلده والقصة مختلقة من أساسها وتم إلقاء القبض على المذكور الثلاثاء قبل الماضي بعد ضبط 21380 حبة زاناكس بحوزته وهي من الحبوب المصنفة ضمن المخدرات والخاضعة لتنظيم التداول الطبي ويحظر استخدامها أو توزيعها”. يشار إلى أن مصر تسعى للحصول على مساعدات من دول الخليج وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي من أجل تمويل عجز في موازنتها يقدر بقرابة 11 مليار دولار.
International
خادم الحرمين يأمر بعودة السفير السعودي لمصر وفتح السفارة وقنصليتيها غداً
28 مايو 2012