قيـــس محمـــــد معمـــرقد يبدو العنوان نوعاً ما غريباً لكن ما سأتكلم عنه اليوم هو الأغرب!عندما كنا صغاراً كان أقصى ما نتمنى أنْ نحصل عليه هو كرة و حذاء رياضي، حتى نتمكن من اللعب في العطلة الصيفية ( فقط ) وكان آباؤنا يحرموننا من التمتع باللعب، حتى لا ننشأ على الليونة والسخف واللارجولة، وكنا كذلك مسؤولين عن مساعدة آبائنا خارج البيت، وعمل ما يتطلبه منا كوننا -رجال- بالرغم من صغر سننا وياوويلنا إنْ لم نؤدِ صلاوتنا في المسجد أو لم نقعد بعد العشاء نكتب واجباتنا وننام حتى نذهب في الصباح لمدارسنا، وكذلك البنت كانت تعامل كأم صغيرة تدخل المطبخ مع أمها منذ نعومة أظافرها، حتى أيام المدرسة فتراها تساعد في أعمال البيت الخفيفة، ثم تقعد لتكتب واجباتها وتساعد في رعاية أخوتها حتى يأتي موعد نومها، وهكذا دواليك حتى أصبحنا شباباً وبدأنا نتذمر من قوانين الدينا، ونعتقد أننا على حق وأنهما على باطل، لكن بعد أنْ أصبحت أباً صرت أدرك أنْ ما تربيت عليه من قوانين هي التي جعلتنا جميعا على ما نحن عليه اليوم.شبابنا اليوم سواءً ذكوراً أو إناثاً أصبحوا مجرد أجساد خاوية لا تفكير عندها ولا مسؤولية فترى الشاب من هؤلاء وقد أشغلت التكنولوجيا أوقاته وأنسته ربه وأهله ومستقبله، فلا أرى إلا السماعات على طبلتي أذنه/أذنها وقد أصبحت أحاديثهم لا تتكلم إلا عن سفاسف الأمور، وياليتهم اتخذوا هذا التطور ليخدموا علمهم، بل للأسف أصبحوا عبيداً لدنائة ما يصلهم من هذه الأجهزة بدون تفكير.إني آسى على حال هذا الشاب فهو بحق قوة معطلة، أفرغ أوقاته إما للكلام السخيف والغيبة والنميمة، أو للمغازلة، أو لتبادل معلومات وصور مسيئة للدين والأخلاق، أو أشياء أسوأ لا أريد التفكير فيها أو تخيلها. لكن لماذا؟لماذا أصبح شبابنا عبارة عن عالة على أهاليهم، بالرغم من أنَّ كل شيء متوفر لهم، وكل ما يحتاجون إليه لا يبعد عن ضغطة زر بأصغر أصبع من أصابعهم؟؟؟؟ السبب هو تهاون الوالدين وعدم الشدة في تربية أبنائهم، فعندما يتعلم المرء الحرمان من الشيء، فإنه يسعى جاهداً ليصل إليه، وعندما يجده يتلذذ بحلاوة وصوله إليه، لكن الدلال الزائد عن حده عند الكثير من الأباء والأمهات، جعل كل طلبات الأبناء أوامر واجبة التنفيذ، فتراهم جيل مترهل فكرياً عاجز علمياً لا يُرجى منه أو ينتظر خيره. فنقول للكل آباء وأمهات: اتقوا الله فيما اؤتمنتم عليه، أبناؤكم ليسوا ملكاً لكم فقط بل هم جزء من هذا المجتمع، بل هم قلب المجتمع وعليهم يعول الكبير والصغير، فلا تفسدوهم بدلالكم حتى لاتندموا حين لا ينفع الندم.