كتب - طارق مصباح:طالب نواب ومواطنون بيرعة الاستجابة للنداءات الشعبية المتكررة بانشاء مستشفى للولادة في كل محافظة لتخفيف الظغط عن مجمع السلمانية الطبى.قصة غير واقعيةليس هذا نسجاً من الخيال، وليست قصة غير واقعية، إنها واقع مؤلم جعل الكثير من النساء وأزواجهن يخافون ويضطربون عند حلول اقتراب موعد الولادة!وإذا كان العلم الحديث استطاع بجهود العلماء تحديد جنس المولود فنحتاج، اليوم، إلى جهود للإجابة عن سؤال المواطنين في شتى محافظات المملكة: أين سأضع وليدي؟!حقاً.. هذا سؤال لا يجد جواباً في ظل تأخر الخدمات الطبية المتعلقة بوضعية المرأة الحامل التي تكفيها آلام المخاض والولادة وما سيحمله الزوج من قلق نفسي في هذه الفترة، من فهل يتحملون أيضاً ضغطاً من نوع آخر؟! ومن هو المسؤول عنه؟! وكيف السبيل لإزالة هذا الضغط؟!إلى أين المفر؟المواطن جمال صالح الدوسري أكد وجود هذا «القلق النفسي»، وقال : إن نفسية المرأة تتعب وزوجها يشاطرها هذا التعب عندما تقترب الولادة.. والجميع يتساءل: «وين بتولدين»؟! بخاصة التي يأتيها المخاض في أوقات الذروة: صبحاً أو بعد الظهر أو وقت الغروب! فإلى أين المفر؟!ويبقى السؤال: هل خدمات الولادة متوفرة بسهولة ويسر للمواطنين في شتى المحافظات الخمس؟!توازن خارطة البحرين!المواطن محمود البنخليل تحسّر على ذهاب مستشفى الرفاع للولادة الذي ولد هو وأخوه فيه، وقال : إن هذا المبنى الصغير الذي تمت إزالته بنته الحكومة عندما قدرت قبل 50 سنة حاجة المحافظة الجنوبية له، واليوم وبعد مرور هذه السنوات.. أين تلد نساؤنا؟! وذكر البنخليل أنه اضطر لإنفاق الشيء الكثير لإجراء عمليات الولادة لزوجته في كل مرة تلد فيها نظراً لصعوبة توفر هذه الخدمات بسهولة للمواطنين.ولكن ما هي المشكلة تحديداً؟! المشكلة وعلاجها أوجزها لنا المواطن عبدالحكيم القرشي قائل اً: نحتاج إلى مستشفى في المحافظة الجنوبية لكي نصل إلى توازن في خارطة البحرين.مقترحات ومطالبالتقينا النائب علي زايد الذي ذكر لنا أن مجلس النواب صادق بداية مارس 2012 على اقتراح لإنشاء مستشفيي ولادة في منطقة الرفاع وأخرى في مدينة حمد، مؤكداً زايد أن سكان الرفاع يعانون أشد المعاناة بسبب بعد مسافة المستشفيات مما يضطر الحوامل للانتقال إلى مستشفى السلمانية في فترات حمل حرجة، وقال : إن إغلاق مستشفى الولادة الوحيد في الرفاع قبل مدة فاقم الوضع وأصبحت الحاجة إلى إنشاء مستشفى في منطقة الرفاع ملحة جداً.وأضاف زايد أن المستشفى العسكري لا يقبل أهل غير العسكريين، مؤكداً أن وقت الولادة مجهول لدى الجميع وأنه يحتاج إلى سرعة.. فلكل امرأة ظروفها، وقال إن عدداً من الأهالي وقعوا عريضةً يطالبون فيها بالإسراع بإنشاء المستشفى ليخدم المحافظة الوسطى والجنوبية والمناطق التي تحيطها، مبيناً أن الكثافة السكانية الآخذة في الازدياد في تلك المناطق تتطلب توفير طموحاتهم من دون تأخير أو مماطلة.وأوضح أنه تقدم مع أعضاء كتلة الأصالة باقتراح برغبة بشأن إنشاء مستشفى عام في المحافظة الوسطى يشمل جميع التخصصات الطبية بما فيها الولادة بتاريخ 2/5/2011، وبتاريخ 25/10/2011 تم تقديم مقترح برغبة بشأن إنشاء مستشفى ولادة بمنطقة الرفاع من نواب الكتلة في المحافظة الوسطى والجنوبية إذ عرض على المجلس بتاريخ 6/3/2012.وطالب زايد بتخصيص ميزانية لهذا المشروع الحيوي الذي سيخدم الأجيال المقبلة، وقال : نحن ننظر إلى مستقبل الأجيال، ولا ننظر فقط إلى الحاجة الراهنة لهذا المستشفى اليوم فقط على الرغم من الحاجة الكبيرة لهم، ولكن المستقبل يجب أن يؤمن للأجيال حاجاتهم الصحية.وطالب بحسن التخطيط لهذا المستشفى لكي لا تتكرر مأساة مستشفى الملك حمد، بما يكفل العيش المريح للمواطنين.معايير دولية لم تقتصر الجهود على البرلمانيين، بل اشترك البلديون في السعي للتخفيف من حدة القضية وتفاقمها، إذ طالب العضو البلدي يوسف الصباغ الحكومة باستملاك أراضي – وهي موجودة – أو تسجيل أراضي باسم الوزارة، بالتنسيق مع بعض الجهات من أجل إقامة هذا المشروع الذي ينتظره المواطنون ويشكّل لهم هماً كبيراً.وقال الصباغ : هناك معايير دولية لبناء المستوصفات الصحية مرتبطة بالكثافة السكانية، وما يحدث في المحافظة الجنوبية والوسطى والشمالية يتطلب إنشاء مراكز طبية متخصصة ومستشفيات ولادة في المحافظات كافة لتكون الخدمات الصحية الضرورية متوفرة وقريبة من جميع المواطنين بسهولة ويسر لأن الأمر متعلق بحياتهم.وناشد الصباغ الحكومة إنشاء مركز طبي عام على غرار مستشفى السلمانية يضم التخصصات كافة لكي يقل الضغط على مركز السلمانية، كاشفاً أنه التقى وكيل الوزارة وتحدث معه حول إمكانية بناء طوابق أعلى مركز حمد كانو بالوسطى، وقال : نحن دائماً نفكر ونقترح ونتعاون مع المواطنين ونأخذ بأفكارهم ومقترحاتهم ومطالبهم ونوصلها إلى المسؤولين ولكن!!وزارة الصحة.. لا جواب!!لم نحصل على رد من وزارة الصحة، بعد أن أرسلنا خطاباً إليها بتاريخ 12 مارس 2012م، ووجهنا الأسئلة الآتية ولكننا إلى تاريخ نشر هذا التحقيق لم نتسلم منهم أي ردٍ على الرغم من متابعتنا وإلحاحنا واتصالاتنا المتكررة، والأسئلة هي:* ما هي مسوغات الوزارة للتأخر في الاستجابة لمطالب أهالي الرفاع ومدينة حمد لسنوات طوال بإنشاء مستشفيين للولادة لخدمة مناطقهم؟ وما العوائق لهذا التأخير (ميزانية، تخطيط، أولويات....)؟* هل تنوي الوزارة الاستجابة لهذه المطالب إنشاء هذه المستشفيات قريباً نظراً للحاجة الملحة والضغط التي تعانيه بقية المستشفيات في بقية المناطق وخاصة مجمع السلمانية الطبي بخاصة بعد أن صادق مجلس النواب على اقتراح برغبة بإنشاء مستشفى ولادة بمنطقة الرفاع وأخرى بمدينة حمد في جلسته في بداية شهر مارس 2012؟120 سريراً فقط!!لكننا حصلنا على رد الوزارة على النائب علي زايد إجابةً عن سؤاله المقدم إلى الوزارة بتاريخ 17 يناير 2012م والذي تسلمه بتاريخ 8 فبراير 2012م حول ما تم اتخاذه من إجراءات بشأن مستشفى عام في المحافظة الوسطى يحتوي على جميع التخصصات بما فيها الولادة، والوقت المحدد لإنجاز المشروع والميزانية المرصودة له والأرض المخصصة له ودراسة الجدوى الخاصة بالمشروع.جاء في رد الوزارة: إن مشروع مستشفى عام في المحافظة الوسطى من المشاريع «ذات الأولوية» في جدول مشاريع وزارة الصحة تنفيذاً «للإستراتيجية الصحية» التي تتبعها الوزارة في توفير الخدمات الصحية على «أعلى مستويات».وأوضحت الوزارة أن بداية هذا المشروع كانت إنشاء مستشفى للولادة في المحافظة الوسطى، وتم بالفعل تخصيص أرض في منطقة عالي يوفر 120 سريراً ورصد مبلغ «4 ملايين دينار» في ميزانية الوزارة لعام 2011 لتنفيذ المشروع!!واستطردت الوزارة في ردها على سؤال النائب: «ونظراً لصغر مساحة الأرض التي خصصت لهذا المشروع وحاجة المنطقة للمشروع، حيث يتوقع أن يصل عدد السكان في المحافظة الوسطى عام 2015 نحو 346.366 نسمة، وبحسب الدراسات المعيارية لتحديد احتياجات عدد السكان فإن المحافظة تحتاج إلى 1000 سرير بحلول عام 2015! وأضافت: «تم تغيير فكرة المشروع من إنشاء مستشفى للولادة في المحافظة الوسطى إلى إنشاء مستشفى عام يضم التخصصات كافة بما فيها الولادة، وتم تخصيص أرض لإقامة المشروع في منطقة سلماباد على مساحة 21.142 في أرض خاصة العمل جارٍ لاستملاكها...!!واختتمت الوزارة ردها: «ولا شك أن هذا المشروع سوف يكون له أثر كبير في تطوير وارتقاء الخدمات الصحية» وأنه سيخفف من الضغط على مجمع السلمانية الطبي، و»سيخدم أهالي المحافظة الوسطى بالإضافة إلى أهالي المناطق المجاورة كمدينة حمد وغيرها!وماذا يقول المواطنون؟عرضنا رد الوزارة على أهالي المنطقة الشمالية والجنوبية ونوابهما، والتقيناهم في مجالس عدة، فماذا قالوا؟ وما هو تقييمهم للإجراءات التي تتبعها وزارة الصحة ضمن ما تسميه «الاستراتيجية الصحية».. هل هم راضون عن ما تقدمه الوزارة، وما مدى تفاؤلهم؟!البداية كانت بزيارة مجلس عادل الرويعي بالمحافظة الجنوبية؛ إذ قال المواطن خالد المران «إن ميزانية مستشفى الملك حمد «التي ذهبت» كان يمكن للبحرين أن تبني بها مستشفى ولادة في كل محافظة!» وحول رأيه في وعود الوزارة قال المران: «سمعنا كثيراً ولكننا لم نر شيئاً على أرض الواقع»!أما عبدالله باقر فأثنى على عزم الوزارة إنشاء مستشفى عام في سلماباد، مؤكداً أنه سيخدم الجنوبية والشمالية، معلقاً «ولكننا بالتالي سنحتاج إلى مجمع طبي أكبر من مجمع السلمانية أضعافاً كثيرة»!!أما صاحب المجلس عادل الرويعي فأكد أن فكرة إنشاء مستشفى ولادة للرفاع والمنطقة المحيطة بها نابعة من حاجة ماسة نظراً لأن المستشفى العسكري لا يقبل جميع الحالات وأن المستشفى القديم بالرفاع أزيل وأن المسافة بين الرفاع والمنامة والمحرق بعيدة جداً وبخاصة إذا أضفنا مشكلة الازدحام المروري بخاصة في أوقات الذروة! وزاد الرويعي: يمكن للوزارة أن تبني طوابق على مستشفى حمد كانو وتوفر فيه التخصصات الطبية المتنوعة وأن يكون المستشفى الطبي في مكان آخر، مختتماً بالقول: إن الرفاع تستحق مستشفى للولادة بعد أن أزيل المستشفى القديم.لا أرض ولا ميزانية بعد أن انتهيت من زيارتي للمجلس التقيت النائب جاسم السعيدي الذي قال: إنه طالب منذ دخوله البرلمان بإنشاء مستشفى ولادة خاص للمحافظة الجنوبية، ولكن استغاثات المواطنين ومطالبهم لم تجد من يلبيها من مسؤولي الحكومة، وقال : إن الحكومة كعادتها في هذه المواضيع تماطل بحجج وذرائع عدة .. فأحياناً تتحجج بعدم توفر الأرض للمشروع، وإذا وجدت الأرض تقول: لا توجد الميزانية الكافية، وإذا رصدت الميزانية يتم تأجيل المشروع.. فإلى متى؟!!ولم يقلل السعيدي من شأن المطالب المشابهة لنواب وسكان بقية المحافظات، ولكنه أكد أن «المحافظة الجنوبية تشهد اتساعاً عمرانياً وكثافة عالية تتطلب تحقيق هذا المشروع حتى يحدث توازن في تقديم الخدمات الصحية في محافظات المملكة»، مضيفاً ليس من المعقول أن يُقام مستشفى للولادة بين محافظتين كبيرتين مثل الجنوبية والوسطى؟!!كما شدد السعيدي على ضرورة أن يراعى في المشروع النظرة المستقبلية في توفير عدد كافٍ من الغرف والأسرّة والمعدات الطبية لتخدم المواطنين والمقيمين بسهولة.نساؤنا يلدن بسياراتنا!!وتوجهنا إلى مجلس النائب محمد العمادي بمدينة حمد، فأكد الأهالي الحاجة الضرورية التي تزداد يوماً بعد يوم، متسائلين عن مشروع «المدينة الطبية» التي تكفّل العاهل السعودي بإنشائها، وروى لنا المواطن محمد العباسي تجربة خاصة به عندما حان موعد ولادة زوجته فتوجه بها من الدوار السابع إلى مجمع السلمانية فصدم بالازدحام الشديد ووعدوه أن يجد فرصة في مستشفى جد حفص بشرط أن يرافق زوجته في سيارة الإسعاف ولكنه بعد معاناة هنا وهناك.. وجد فرصة لإجراء عملية الولادة في مستشفى المحرق!!وتفاعل مع قصته حسان الفارس الذي قال: إن مدينة حمد ومنذ تأسيسها وهي في ازدياد عمراني وتشهد كثافة سكانية متزايدة مع بقية المناطق التي تحيطها، وبالنسبة لبعدها عن مستشفى السلمانية قال الفارس: إن المشكلة ليست في المسافة أو الازدحام المروري بقدر ما تتعلق بإمكانية الحصول على فرصة لإجراء العملية والحصول على سرير! وأضاف : نحتاج إلى مركز عام به التخصصات كافة.أما محمد القصاب فاقترح أن يسمى المركز الطبي العام للمحافظة الشمالية باسم أحد رموز الوطن، مبدياً استياءه العميق من طول انتظار الأهالي لتحقيق هذا الحلم الذي ظنوا أنه سيرى النور بدلاً من المركز الصحي في الدوار الثاني، وحول حجم المعاناة قال القصاب: أعرف العديد من الرجال ولدت نسائهم في السيارة وهناك نساء أخريات تعرضن لعسر في الولادة.. فمتى يرى المشروع النور؟!واتفق معه فريد حسن الذي أضاف: منذ بداية الثمانينيات وعندما أنشئت مدينة حمد ونحن نأمل بإقامة مستشفى عام يضم قسم الولادة.. في الواقع مدينة حمد تحتاج إلى ذلك.لا للتأجيل.. نواب المحافظة الشمالية لم يألوا جهداً أيضاً لإيصال مطالب منتخبيهم للحكومة عبر قبة البرلمان.النائب محمد العمادي قدم مقترحاً في الفصل التشريعي الحالي بعد أن عايش المعاناة والحاجة التي تتفاقم مع مرور الأيام الأمر الذي يتطلب على حد تعبيره «عدم تأجيل المشروع نظراً للضغط الشديد على مركز السلمانية الطبي، وقال : إن مستشفيات الولادة الأخرى تعاني من الاكتظاظ وصعوبة الوصول إليها أو الحصول على فرصة للولادة فيها.هل يتحقق الحلم؟!أوصلنا صوت المواطنين إلى وزارة الصحة وإلى الحكومة بصراحة وشفافية، والواقع يشهد على حاجة جميع محافظات المملكة إلى مراكز طبية عامة تضم أقساماً للولادة، بقي أن نطلب من وزارة الصحة أن تعلّق على ما نشر اليوم وأن يكون هذا الرد «قول وفعل!».