^ أولاً لم أفهم سبب الضجة التي صاحبت زيارة أحمدي نجاد لجزيرة أبي موسى المحتلة؟ ثانياً أستغرب أنها (قد) تكون الزيارة الأولى لمسؤول إيراني رفيع لجزر الإمارات المحتلة!! فإيران تحتل هذه الجزر وتحتل قبلها إقليم الأحواز العربي احتلالاً كاملاً يجعلها المتصرف الأول في مواردها والمدبر الأوحد لشؤونها حتى وإن كانت الجزر الإماراتية محل نزاع!! إيران تحتل جزر الإمارات منذ 30 نوفمبر 1971م، أي منذ ما يزيد عن 40 عاماً، وهي ترفض التوجه إلى محكمة العدل الدولية للفصل في النزاع بينها وبين الإمارات، ودول الخليج ممثلة في حكومة الاتحاد الإماراتي وأجهزة مجلس التعاون لم تقدم ما يدعم هذه القضية ويثبت أحقية الإمارات العربية بالجزر المحتلة، ولم يتجاوز السلوك الرسمي لدول مجلس التعاون أكثر من الشجب والاحتجاج والمطالبة.. الخ. في المقابل ولمن يعرف السياسة الإيرانية المتمثلة في المبادرات الاستباقية فإن إيران تصبح الأقدر على تثبيت سلطتها على الجزر المحتلة في ظل التراخي الخليجي والعربي، فهي تعمل على تغيير التركيبة الديمغرافية للمناطق المحتلة، وتعمل كذلك على طمس الهوية العربية فيها، وليست في انتظار شجب أو مباركة أي طرف كان. قضية احتلال إيران للأراضي العربية تحتاج أولاً لمجهود إعلامي ممنهج، ثم تحتاج لعمل حقوقي وسياسي منظم، إيران دولة احتلال!! احتلت الساحل الشرقي للخليج العربي بالكامل (ممثلاً في إقليم الأحواز) بالتواطؤ مع الاحتلال البريطاني، واحتلت الجزر الإماراتية في توقيت حرج تستعد فيه إمارات الاتحاد لإعلان الاستقلال والشروع في تشكيل الدولة وبناء مؤسساتها، بالتالي لا شرعية لتسمية الخليج العربي بالفارسي، فجميع الشعوب التي تعيش على ضفتي الخليج عربية تعود بأصولها إلى قبائل عربية مؤصلة استوطنت السواحل الخليجية منذ مئات السنوات، وهذه الشعوب الرازحة تحت الاحتلال الفارسي تحتاج منا الدعم لتثبيت هويتها العروبية، وحقوقها في الاستفادة من مواردها التي استنزفتها إيران ومقاومة تهميشهم من المشاركة في الحياة العامة والسياسية. شعب (الأحواز العربية المحتلة) ومواطنو (الجزر الإماراتية المحتلة) يحتاجون دعماً من مجلس التعاون الخليجي ومن الجامعة العربية للحصول على حق تقرير المصير في التحرر من الاستعمار الفارسي، ويتحمل باحثونا العرب والمتخصصون في الدراسات التاريخية مسؤولية التقصير في التنقيب عن الوثائق في الأرشيف البريطاني التي تثبت حقيقة المؤامرة البريطانية الفارسية في إسقاط الحكم العربي في الأحواز عام 1925م، وتبحث في صدقية المزاعم حول المساومات الفارسية البريطانية في احتلال جزر الإمارات. حقيقة أن (إيران دولة احتلال) احتلت الإقليم الشرقي للساحل الخليجي بالكامل مع الجزر الإماراتية احتلالاً عسكرياً استخدم فيه الإنزال البحري وقُتل فيه المواطون العرب حقيقة يجب أن يعمل إعلامنا على ترسيخها، وحدث تاريخي موثق يجب أن يترسخ في الوعي العربي كما ترسخت نكبة فلسطين واحتلال إسرائيل للأراضي العربية بين عامي 1948 و1967م. وجه آخر من أوجه مقاومة الاحتلال الفارسي للأراضي العربية هو نقل المعارك الإيرانية إلى أراضيها، فإيران استباحت الأراضي العراقية لبسط احتلال من نوع خاص يتولى رعايته وكلاء إيران في العراق متمثلين في حزب الدعوة الذي واجهته نوري المالكي، ومؤسسة البيت الشيعي التي يتزعمها أحمد الجلبي، وتحاول استباحة الأراضي البحرينية لنشر الفوضى والإرهاب عبر عملائها المنضوين تحت التيار الولائي، فضلاً عن الحوثيين في اليمن وغيرها من بؤر التوتر التي نجحت إيران في زرعها في كل بقعة عربية، فإيران توسع نفوذها بالعمل داخل الجغرافيا العربية، في الوقت الذي تبقي فيه أراضيها بمنأى عن الصراعات، ولا يتحقق إعادة المعارك الإيرانية إلى جغرافيتها الحاضنة إلا بدعم المنظمات الأحوازية المجاهدة المطالبة بالاستقلال دعماً مادياً وإعلامياً وسياسياً دون خجل أو مواربة، فقضايا التحرر العربية هي قضايا عادلة وقد ماطل العرب فيها كثيراً وجاملوا بما يكفي لضياعها سنوات طوال. في خضم كل هذه المنازعات مع إيران نُفاجأ بالازدواجية الاقتصادية، فالخليج العربي أضحى سوقاً كبيرة للمنتوجات الإيرانية وحجم الصادرات الإيرانية بلغت أوجها مع دولة الإمارات المتحدة التي تعد الدولة العربية الأولى من حيث استيراد البضائع الإيرانية، فبناء على إحدى الإحصائيات الاقتصادية القديمة فإن قيمة الصادرات الإيرانية للإمارات تجاوزت 2.275 مليار دولار، أي بما نسبته 3.75% من إجمالي التجارة الإيرانية لعام 2003م، وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن قيمة الصادرات الإيرانية للإمارات ارتفعت في حقبة التسعينات بنسبة 419% عن عقد الثمانيات، فهل بعد كل هذا تستحق إيران منا دعم اقتصادها؟! نحن إذاً إزاء منهجين سياسيين متناقضين في الخليج العربي، إيران السباقة المبادرة في سياساتها وتحالفاتها، ودول الخليج المتلقية والمتصرفة بردة الفعل، والتي تنتظر من إيران أن تتوقف عن الفعل وتركن إلى السكون، وتلك منهجية سلبية تحتاج لإعادة نظر. إن زيارة أحمدي نجاد لأبي موسى ليست إلا استفزازاً للشخصية العربية التي يبدو أن الإيرانيين قد درسوها وعرفوا مفاتيحها، كما إن التصريحات الإيرانية حول اندماج عراقي كامل مع إيران لا تخرج عن هذا التفسير، ومن الواضح أن الإيرانيين قد أصبحوا يتصورون أن العرب ظاهرة صوتية انفعالية فأصبحوا يستمتعون باستفزازنا بأساليب أقرب إلى التهريج التي كان آخرها إعلان يوم 30 أبريل من كل عام يوماً وطنياً للاحتفال بالخليج الفارسي!! فمتى يبادر العرب بمقاومة الاحتلال الفارسي للأراضي العربية في الخليج العربي مقاومة تتجاوز قاموس الشجب والاحتجاج وترتقي من ردة الفعل إلى الفعل المبادر؟
الأراضي العربية المحتلة ومقاومــة الاستعمـــار الإيرانــــي
28 مايو 2012