عواصم - (وكالات): اتهمت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتش ووتش» السلطات السورية بارتكاب «جرائم حرب» في محافظة ادلب شمال غرب البلاد، متحدثة عن قيامها بقتل 95 شخصاً وإحراق وتدمير مئات المنازل في عملية عسكرية سبقت دخول وقف إطلاق النار، فيما شهدت مناطق عدة في سوريا أمس تصاعداً في العمليات العسكرية والاشتباكات بين الجيش السوري والمنشقين، وتكبدت القوات النظامية الخسائر الأكبر منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل 3 أسابيع، بمقتل 22 جندياً من قوات الأسد. وذكر بيان منظمة «هيومن رايتس ووتش» أنه «بينما كان الدبلوماسيون يناقشون تفاصيل خطة عنان للسلام، كانت الدبابات والمروحيات السورية تهاجم بلدات ادلب واحدة تلو أخرى». وأوضخت نائبة مدير قسم البرامج وقسم الطوارئ في المنظمة آنا نيستات انه «إنما ذهبنا كنا نرى البيوت والمتاجر والسيارات المحترقة والمدمرة، وسمعنا شهادات الناس عن أقاربهم القتلى، وكأن القوات الحكومية السورية تستغل كل دقيقة متاحة لها قبل وقف إطلاق النار، في إلحاق الأذى بالناس». وأسفرت الاشتباكات والعمليات العسكرية أمس عن مقتل 22 جندياً نظاميا و3 منشقين و13 مدنياً في مناطق عدة من البلاد، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. ففي ريف حلب، قتل 15 من قوات الأمن السورية بينهم ضابطان كبيران برتبة عقيد و13 من عناصر الأمن وذلك إثر كمين نصب لهم على طريق بلدة الراعي، بحسب المرصد. وفي ريف دمشق، قتل مواطنان برصاص القوات النظامية السورية عندما كانا في حافلة صغيرة بمدينة داريا التي شهدت اشتباكات عنيفة، بحسب المرصد. ودارت اشتباكات في كناكر أسفرت عن مقتل جندي نظامي واحد وجندي منشق واحد. كما دارت اشتباكات عنيفة في مدينة حرستا واستمرت حتى الفجر بين القوات النظامية من جهة، وجنود انشقوا عنها ومقاتلين من المجموعات المنشقة المسلحة من جهة أخرى أسفرت عن مقتل 6 جنود نظاميين. ونفذت قوات الأمن السورية حملة مداهمات واعتقالات في حرستا والزبداني، وانتشاراً أمنياً وعسكرياً في بلدتي سقبا وكفربطنا. وفي حمص، تعرضت قرية الزارة لقصف القوات النظامية التي تحاول اقتحام البلدة. وفي ادلب، تعرضت بلدتا بداما والناجية لإطلاق نار من رشاشات ثقيلة من قبل القوات النظامية، بحسب المرصد الذي أشار إلى أنباء عن اقتحام بداما. وتأتي هذه التطورات رغم انتشار مراقبين دوليين في مناطق عدة من سوريا لمراقبة وقف إطلاق الذي يشهد خروقات متصاعدة. ورأى رئيس بعثة المراقبين في سوريا الجنرال روبرت مود في تصريح لشبكة «سكاي نيوز» البريطانية من دمشق أن لبعثته «تأثيرا مهدئا» للوضع الميداني في سوريا إلا أنه أقر بأن وقف إطلاق النار «هش». وقال «نحن نرى من خلال الأعمال والانفجارات وإطلاق النار أن وقف إطلاق النار هش فعلاً، وليس قوياً»، مضيفاً «لكن ما نراه أيضاً على الأرض هو أنه في المناطق التي يتواجد فيها مراقبونا، يكون لوجودهم تأثير مهدىء». وأعلن مسؤول عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة ايرفيه لادسو لأن انتهاكات وقف إطلاق النار حتى الآن «مصدرها الجانبان»، أي قوات النظام والمعارضة المسلحة. ورفض المسؤول تحديد وتيرة الانتهاكات، مشيراً إلى أن المراقبين المنتشرين في البلاد لاحظوا احتفاظ القوات النظامية بأسلحة ثقيلة مثل المدافع والآليات المدرعة «في غالبية الأماكن حيث هم موجودون»، وهو ما يتنافى مع خطة المبعوث الدولي كوفي عنان. وفي التداعيات الاقتصادية للازمة، توقع رئيس صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط وشمال أفزيفيا وآسيا الوسطى مسعود احمد انكماش إجمالي الناتج المحلي لسوريا هذه السنة بشكل ملحوظ. وفي سياق آخر، افاد المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة في دمشق خالد المصري أن «فيليب لاريزيني نائب وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري اموس، التقى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للتنسيق مع الحكومة لتقييم الاحتياجات الإنسانية والمباشرة بتوزيعها». وأضاف المصري أن لاريزيني، الذي زار بلدات عدة في ريف دمشق منها بلودان والزبداني والنبك وحرستا، سيلتقي رئيس منظمة الهلال الأحمر العربي السوري عبد الرحمن العطار. وفي عمان، أعلن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال لقائه وفداً من مساعدي أعضاء الكونغرس الأمريكي عن «قلقه حيال تطورات الوضع» في سوريا، مشدداً على «ضرورة وقف العنف والتوصل إلى حل سياسي للأزمة» وعلى دعم خطة أنان. من جهته، قال رئيس لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية بمجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور الجمهوري جوزيف ليبرمان انه طلب من قطر والسعودية التي توقف فيهما قبل زيارة لبنان ضمن جولة تشمل 4 دول في الشرق الأوسط أن «تساعدا الشعب في سوريا الذي يكافح من أجل حريته.» وتستعد سوريا أيضاً لانتخابات متعددة الأحزاب الأحد المقبل في إطار صفقة إصلاح سياسي وافق عليها الأسد في لمحة نحو الذين يريدون إنهاء قبضة عائلته على السلطة المستمرة منذ 4 عقود. وطالب المجلس الوطني السوري المعارض مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار ملزم يفرض على السلطات السورية الكف عن «تصعيد سياسة الاعتقال وقتل السجناء وتعذيبهم الممنهج»، داعياً المراقبين الدوليين إلى «زيارة السجون والمعتقلات بصورة مفاجئة ومتكررة».