^   نشر موقع هيئة الإذاعة البريطاني (بي بي سي) انتقاد أحد كبار رجال الأعمال في بريطانيا سياسات المواصلات والنقل الجوي البريطانية قائلاً إنها “تفتقر إلى الطموح”. ونقل الموقع عن رئيس مجموعة الخطوط الجوية الدولية التي تمتلك شركة الخطوط الجوية البريطانية ويلي وولش قوله “إن سياسة الائتلاف البريطاني الحاكم الخاصة بالنقل الجوي تعمها فوضى عارمة و إنها لا تفضي إلى شيء. تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الانتقادات “تأتي قبل أسبوع من إعلان وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن الموازنة الجديدة”. الجديد في أقوال وولش هو اعتباره العلني الصريح عجز بريطانيا عن اللحاق بالدول الآسيوية ودول أمريكا اللاتينية، أمراً طبيعياً لأن هذه الأخيرة “تضخ أموالاً ضخمة في الاستثمار في البنية التحتية للنقل، وهذا يحد من قدرة بريطانيا على المنافسة”. ولتأكيد أقواله، استشهد وولش بالحالة الصينية التي “أنشأت 42 مطاراً في العقد الماضي وتعتزم إنشاء 55 مطاراً في الأعوام الثمانية القادمة، في الوقت الذي تستبعد فيه بريطانيا زيادة القدرة الاستيعابية للمطارات في جنوب إنجلترا”. تجدر الإشارة إلى أن الصين كانت قد كشفت النقاب قبل أيام عن بدء “العمل في وقت لاحق من العام الجاري في تشييد أكبر مطار في العالم في العاصمة الصينية بكين سيسبق مطار أتلنتا الأمريكي (صاحب الرقم القياسي الحالي بعدد الرحلات التي يستوعبها)، ليصبح الأول في العالم، وستبلغ كلفته حوالي 4.8 مليار دولار، بسعة تستقبل 130 مليون مسافر سنوياً، إضافة إلى 5.5 طن من البضائع”. لم يذع تشخيص وولش للواقع البريطاني سراً، فقد بات معروفاً لدى الجميع التعثر الذي تعاني منه أوروبا، وليس بريطانيا فحسب، والناجم عن تراكم نتائج، وآثار أزمات اقتصادية متلاحقة عصفت بها مند اندلاع الكارثة البنيوية الاقتصادية التي انطلقت من الولايات المتحدة في مطلع هذا القرن. هذا التعثر مطلق في بعض جوانبه، جراء تفاقم المشكلات الاقتصادية الداخلية، لكنه نسبي في سماته الأخرى، عندما يقارن بالاقتصادات الأخرى، وعلى وجه الخصوص تلك الناشئة التي يشار لها اختصاراً بـ«بريك” وتشمل روسيا والهند والصين والبرازيل. فعلى المستوى المطلق، ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة البريطانية كي تبرر الأزمة الطاحنة التي تضرب الاقتصاد البريطاني، لكن رئيس الوزراء البريطاني اضطر في أكثر من مناسبة خلال الأشهر الأربعة المنصرمة إلى “الإقرار أن الاقتصاد البريطاني فشل في خلق حلول جديدة لتسريع النمو الاقتصادي في محاولة مستجدة لتبرير الخطط التقشفية التي مضت بها حكومته والتي تثقل كاهل المواطن البريطاني متجاهلاً بذلك الضريبة الاجتماعية المترتبة على اتباع مثل هذه الخطط، ولاسيما أن مدناً بريطانية عدة سجلت في وقت سابق من العام الجاري احتجاجات شعبية واسعة تطالب بالعدالة وترفض خطط التقشف الحكومية وتقليص الإنفاق على قطاعات واسعة تمس الحياة اليومية”. وليس أدل من تدهور الاقتصاد البريطاني من الخسائر الفادحة التي منيت بها البورصة في الربع الثالث من العام 2011، والتي اعتبرت “الأسوأ منذ العام 2002، حيث بلغت نسبتها 13.7 بالمائة، وقدرت قيمتها بحوالي 212 مليار إسترليني”. يضاعف من هذه الأزمة الخانقة، شبح البطالة الذي يخيم على الاقتصاد البريطاني، والتي تعود إلى العام 2008، عندما قدرت مصادر رسمية بريطانية زيادة عدد العاطلين عن العمل بحوالي 60 ألفاً خلال الفترة ما بين مارس ويونيو عن العام الذي سبقه، وبوصول العدد الإجمالي الكلي للعاطلين عن العمل خلال العامين 2007-2008 إلى 1.7 مليون شخص. وحينها توقع كبير اقتصاديي سيتي غروب مايكل سوندرز “زيادة الرقم ليصل عدد العاطلين في العام 2010 إلى 2.25 مليون شخص”. وعلى المستوى النسبي هناك التقرير الذي أصدره “مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال” الأمريكي، ونشره موقع “سي إن إن” قبل أيام، وجاء فيه بأن “اقتصاد البرازيل، ورغم تباطؤ نموه، تجاوز المملكة المتحدة لتصبح الدولة اللاتينية سادس أكبر اقتصاد في العالم بحلول العام 2011، حيث بلغ إجمالي الناتج المحلي البرازيلي، العام الماضي 2.469 تريليون دولار، مقابل 2.420 تريليون دولار للمملكة المتحدة”. ونقل الموقع عن كبير المحللين بالمركز تيم أولنبيرغ قوله “البرازيل لديها قوة عاملة كبيرة وموارد طبيعية ضخمة.. ويتوقع أن تنمو بوتيرة أسرع من معظم الدول الأوروبية”. أما بالنسبة للهند، فبوسعنا الإشارة إلى ما نقله موقع صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية عن جريدة “تيليغراف” البريطانية، عن طلب الهند من الحكومة البريطانية كي توقف “المعونة المالية التي تقدمها بريطانيا إلى بلادهم، إلا أنهم تراجعوا في الأخير بعد إلحاح الجانب البريطاني”. ووصف وزير المالية الهندية براناب موخرجي، تلك المساعدة “إنها بمثابة فول سوداني في مجمل إنفاقنا للتنمية”. لكن الصحيفة عادت كي تكشف أن “حرص الجانب البريطاني على الإبقاء على تقديم المعونة ارتبط في الآونة الأخيرة بصفقة طائرات مقاتلة قيمتها 6.3 مليار جنيه إسترليني”. لابد لنا من الإشارة هنا، أن التحدي الذي تواجهه الهند اليوم، وكما يقول موخرجي “هو تجاوز عتبة 10 في المائة خلال السنة القادمة أو السنتين القادمتين”، آخذاً بعين الاعتبار أن الاقتصاد الهندي هو الثاني نمواً على الصعيد العالمي بعد الاقتصاد الصيني. كل ذلك يقول إن شهادة وولش هي اعتراف مهم لكنه جاء مؤجلاً، ومتأخراً بعض الوقت، وحمل في طياته الكثير من السذاجة التي لم نعتدها من المهنيين الإنجليز.