كتب – المحرر الثقافي: صدر حديثاً عن مؤسسة الأيام للنشر، الإصدار الأول للشاعر البحريني علي العُنيسي ديوان (أجنحةُ الهُروب). جاءت لوحة غلاف الكتاب للفنان البحريني هيثم رضي، وحمل التصميم بصمة المصمم علي مال الله، واحتوى الديوان المكون من 48 صفحة على عشرين قصيدة تنوعت بين شعر التفعيلة والشعر العمودي، حاول الشاعر من خلالها إبراز تجربته الشعرية في باكورة إصداراته، ويظهر ذلك جلياً في القصائد التي أخذت على عاتقها الهروب بالقارئ إلى أوجاع وآمال الشاعر والمجتمع. وكما عنوّن الشاعر ديوانه فهو بذلك يشير إلى أجنحة تأخذ المتلقي للهروب بكل الاتجاهات. ونقرأ من قصيدة (أجنحة الهروب): "أطلِقْ صباي.. جُننتُ من قفصِ التشكلِ بينَ أضرحةِ الهُروبْ.. وبينَ إرجاعِ التأملِّ في تفاصيلِ القصائد وهي تحتضنُ الحنينْ.. وعلى صداها غفوة من ذكريات غبارنا.. إنَّ النهايةَ رحلةٌ وهنا اكتشفنا سِرَّها ، والسِّرُّ مَشنقةٌ تُعلِّقها الظنونْ!”. في تقديمه للديوان يكتب الشاعر يوسف حسن: من شعراء العربية، ورواد القصيدة الحديثة ومن تلاهم من الأجيال لم يمر عبر بوابة القصيدة العمودية، من منهم لم يقطع مسافة ما قد تقصر وقد تطول، في تمثل هذه القصيدة والنسج على نولها وزناً وإيقاعاً وسليقة. المحصول اللغوي والحساسية الفنية والجمالية، هي الأوفر حظاً لدى من تمرسوا هذه القصيدة اللغة وعجموا عودها وتشربوا نخبها، وهم الأوفر حظاً في الوصول بالقصيدة الجديدة إلى أعلى ذرواتها.ويضيف: تأتي مجموعة الشاعر الطالع العنيسي من ذات الطريق اللاحب الذي تعاقبت عليه الحوافر والأقدام والعجلات وهو على وعي بمدى صعوبة الخروج من هذا الزحام، وزحزحة هذا الطوق التاريخي الرازح، كما انه يدرك تماماً أهمية تحويل مسارات هذه اللغة وتوظيفها وتحويل مصابها في خيارات واحتمالات إبداعية موسومة ببصمة العنيسي الخاصة وملامحه الشعرية المميزة، لذلك نرى العنيسي بعد أن قطع شطراً من عتبات الدخول، يتلفت في الجهات، ويضرب لمعوله جدار هذه القصيدة في محاولات جادة لفتح نافذة يطل منها على داخله، أعني ذاته الإبداعية، وعلى ما يدور من حوله من واع متشظ يمور بصراعاته وتناقضاته، بحثاً عن قصيدة تحترق أصابعها في جمر هذا الواقع وفي تحولاته ولهبه وحرائقه، وفي الوقت الذي تنبجس فيه هذه القصيدة من رحم الواقع ولجمته وسداده، فإنها ترتفع عليه وتتجاوزه بلغتها المبتكرة وبفنيتها الجمالية المختلفة... "ما زلت في غرق اشتعالك... حاذقاً متربصاً. بجفاف صفحة ما تظن وما تشير إليه قائمة... تكون ولا تكون أطلق صباي جننت من قفص التشكل بين أضرحة الهروب”. في هذا النموذج المقتبس من قصائده الجديدة في هذه المجموعة يهجس بالتحرر من الأقفاص والأصفاد والأضرحة إلى عالم الشعر بردهاته وغاباته وفضاءاته وأوديته وبراريه الفسيحة. بقي أن أقول.. إننا على موعد مع الشاعر العنيسي، وأزعم واثقاً أن "الرائد لا يكذب أهله”.
علي العنيسي يطير بأجنحة الهروب إلى ردهات الشعر
٠٤ يونيو ٢٠١٢