^ لعل أكثر البرامج قدرة على كشف هزالة عقلية المسؤولين عن إقرار خطة برامج رمضان في التلفزيونات العربية هو برنامج “الكاميرا الخفية”، فهذا البرنامج في كل الأحوال هزيل ولا قيمة فنية له عدا أنه كفكرة قديمة وما لحقه من تطوير ظل هزيلاً، إضافة إلى أنه يعتبر الناس أجمعين مادة له من دون رضاهم وهذا ليس من حقه أو حق القائمين عليه، وهو بالطبع ليس من حق التلفزيون الذي صرح بتنفيذ البرنامج. برامج الكاميرا الخفية مرت بمراحل قبل أن تصل إلى مرحلة التعبير عن سذاجة وإفلاس معديها ومقدميها والمعطين الإذن بتنفيذها من المسؤولين في التلفزيونات العربية التي يضايقها تميز بعض دول الغرب في صنع مواقف تعتمد على المفارقة والتناقضات تبث دائماً بموافقة ورضا المتورطين فيها. في المرة الأولى التي شاهد الجمهور فيها برنامج الكاميرا الخفية تحققت الدهشة والمتعة لكنهما قلتا في المرة الثانية وما تلاها من مرات ثم فقد البرنامج قدرته على لفت المشاهد إليه وتحول من برنامج يصنع المواقف المثيرة للضحك إلى برنامج يثير شفقة الجمهور على العقليات التي تتحكم في التلفزيونات العربية والتي ترفض أن تتطور. ولأن العد التنازلي نحو شهر رمضان المبارك قد بدأ؛ فإن المتوقع في مختلف البلاد العربية ومنها ربما البحرين أن تنتشر فرق الكاميرا الخفية في الأماكن العامة لتمارس حقاً ليس لها ولتعبر عن فكر لا يريد أن يتطور فلا يصدر عنه جديد يثير الدهشة، وبالتأكيد ليس من الإضافة القول إن جل -إن لم يكن كل- المواقف التي يتم تنفيذها لصالح هذا البرنامج “الهزء” مأخوذة من البرنامج الشهير (كاندد كاميرا). وسواء كان برنامج الكاميرا الخفية من النوع الذي يبالغ معدوه فيه بإيصال “الضحية” إلى مرحلة يفقد فيها أعصابه ويكون مؤهلاً ليرتكب حماقة قبل أن يعترف فيه معدو البرنامج له بحماقتهم وبقرارهم إدخاله عنوة في لعبتهم السخيفة أو كان من النوع المقلد لـ”كاندد كاميرا” الذي يعتمد (القفشة)، فإنه في الحالتين يكون المعنيون قد أعطوا أنفسهم حقاً ليس لهم. وإذا كان المعنيون بتلك البرامج في بعض التلفزيونات وبعض الدول تحرص على الحصول على موافقة الضحية قبل بث ما تم تصويره من دون موافقته فإن تلفزيونات أخرى لا تعير هذا الأمر أي انتباه، وتعتبر أن من حقها أن (تمزح) مع كل ما يتحرك على الأرض وأن تبث كل ما تصوره حتى وإن أبدى الذي تم تصويره عدم رضاه وعدم موافقته على بث الموقف الذي تم في الأساس من دون موافقته. إن لم أكن مخطئاً فإنه من الناحية القانونية لا يحق لأي تلفزيون أن يبث أي لقطة يتم تصويرها لأي شخص من دون موافقته الخطية على ذلك وأنه -أي القانون- يعطي من تم بث الموقف الذي جرى توريطه فيه الحق في رفع قضية ضد الفاعلين المعتدين على خصوصيته. أيضاً لا أعرف إن كانت قد رفعت قضايا من هذا النوع في أي من الدول التي تسمح تلفزيوناتها لنفسها اقتحام حياة الآخرين ولكنني على يقين أن أي قضية من هذا النوع ترفع على أي تلفزيون في أي دولة مضمون كسبها. شخصياً لو تورطت في موقف مع الكاميرا الخفية لا أتردد عن رفع قضية ضد التلفزيون الذي تجرأ وبث ما قام بتصويره من دون موافقتي الخطية عليه، وأعتقد أنه لو اتخذ آخرون ممن يتم توريطهم في هكذا مواقف قراراً كهذا فإنه سيتم تحجيم مثل هذا البرنامج.. وقد يفتح الطريق أمام الإبداع الحقيقي ليدخل تلفزيوناتنا. أمنيتي ألا يورط تلفزيون البحرين نفسه في مثل هذا البرنامج “القميء” بعدما بدأ الدخول في مساحة الإبداع وخطا خطوة نحو التميز.
فضيحة الكاميرا الخفية.. الجديدة!
04 يونيو 2012