كتبت - هدى عبدالحميد:أكد أكاديميون افتقار البحث العلمي في مملكة البحرين إلى مقومات النجاح والاستمرارية لعدم توفر الدعم الكافي، مشيرين إلى ضعف التواصل بين سوق العمل والمؤسسات البحثية والأكاديمية في البلاد والمترتب عليه ضعف الثقة في الكفاءات الوطنية التي تعج بها جامعات المملكة واللجوء إلى مؤسسات وخبرات خارجية بدلاً عنها.وقالوا في تصريحات لـ«الوطن” إن واقع البحث العلمي في البحرين لا يزال في أولى خطواته المتعثرة نحو المأمول حيث يفتقر هذا المجال الحيوي إلى الكثير من مقومات النجاح والاستمرارية.وشددوا على أهمية النهوض بالبحث العلمي في الجامعات والمؤسسات والمراكز البحثية من خلال إعداد استراتيجيات تنظم عملها بشكل واقعي للقيام بدورها مع تقديم الدعم المادي واللوجستي المطلوب لأداء مهامها.وأشادوا بمساعي مجلس التعليم العالي لتطوير البحث العلمي وتخصيص نسبة من إيرادات الجامعات للبحث العلمي، وتحديد أحد أعضاء مجلس التعليم العالي وتكليفه بمتابعة مهمة البحث العلمي في الجامعات هو أحد الشواهد على بدء مجلس التعليم العالي للاهتمام في البحث العلمي بالجامعات وذلك ضمن إستراتيجية التعليم العالي، إضافة إلى جهود جامعة البحرين للاهتمام بربط البحث العلمي بسوق العمل، مطالبين بأهمية تحفيز عملية البحث العلمي من خلال تشجيع الكفاءات الوطنية ومساعدتها على تحويل نتائج ومخرجات جهودها في البحث العلمي إلى واقع ملموس على الأرض.يشار إلى أن البحث العلمي يحظى باهتمام شديد من القيادة إذ أن الرؤية الإصلاحية لجلاله الملك حمد بن عيسى آل خليفة عام 2001 كان من أحد بنودها تعزيز دور التعليم العالي والبحث العلمي والتأكيد على تشجيع المملكة لهذا الدور الحيوي باعتباره هو شريان الحياة العصرية ومنارة المعرفة في مملكة البحرين كما يحرص برنامج حكومة مملكة البحرين على دعم البحث العلمي والابتكار.ونص قانون التعليم العالي صراحة على ضرورة تنمية البحث العلمي وتشجيعه ليسهم في تقديم المعرفة وتعمقها وتعزيز الإبداع والابتكار لخدمة متطلبات المجتمع، كما نصت اللوائح الصادرة من مجلس التعليم العالي على ضرورة تخصيص جانب من موارد مؤسسات التعليم العالي للبحث العلمي تقدر بنسبة 3%، وشملت استراتيجية التعليم العالي تتعزز العناية بالبحث العلمي وتخصيص المزيد من المنح الدراسية الموجهة لتطوير هذا الجانب وكان من ضمن إنجازات إدارة البحث العلمي بالتعليم العالي أنها قامت بإعداد إستراتيجية البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي لتكون الأساس الذي تبنى عليه استراتيجية وطنية موحدة للبحث العلمي في مملكة البحرين بإشراف مجلس التعليم العالي.أولى الخطوات المتعثرةوحول واقع البحث العلمي في البحرين والمأمول قال الأستاذ في كلية الهندسة بجامعة البحرين الدكتور عبدالرحمن السيد إن البحث العلمي يمثل أهمية بالغة في تنمية الدول بقطاعاتها المختلفة عبر التعاون البناء بين الجامعات ومعاهد الأبحاث المتخصصة وتلك القطاعات. لذلك نجد أن الدول المتقدمة لا تبخل على برامج الأبحاث بالدعم المادي واللوجستي المطلوب لتحقيق الأهداف الإيجابية لتلك الأبحاث. والواقع إن كبريات الشركات والمؤسسات والمصانع تضخ أموالاً طائلة تستثمرها في مجال البحث العلمي لتطوير منتجاتها وتحسين خدماتها وتطوير العمل والعاملين فيها مما ينعكس بالإيجاب عليها بوجه خاص وعلى المجتمعات التي هي منها بشكل عام.وأشار د. عبدالرحمن السيد إلى أن واقع البحث العلمي في مملكة البحرين وحسب رؤيته لا يزال في أولى خطواته المتعثرة نحو المأمول حيث يفتقر هذا المجال الحيوي إلى الكثير من مقومات النجاح والاستمرارية، وفي هذا المقام تجدر الإشارة إلى ضعف التواصل بين سوق العمل والمؤسسات البحثية والأكاديمية في البلاد والمترتب على ضعف الثقة في الكفاءات الوطنية التي تعج بها جامعاتنا واللجوء إلى مؤسسات وخبرات خارجية بدلاً عنها، ولا عجب أن تصرف الأموال في جلب الخبراء من الخارج بينما تتراكم الإحباطات لدى جامعاتنا ومراكز الأبحاث والباحثين المتخصصين فيها لضعف استغلال إمكاناتهم البحثية فيما هيأت له.وأشاد ببعض الجهود المبذولة لرأب الصدع بين الجامعات وعلى وجه الخصوص جامعة البحرين وسوق العمل إلا أن النتائج لا تزال أقل من متواضعة، ومؤشر ذلك قلة المشاريع البحثية التي تجريها الجامعة وتواضع الميزانيات المخصصة لها في الوقت الذي نجد فيه أستاذاً واحداً في الجامعات المرموقة يحصل على دعم يصل إلى ملايين الدولارات في مشروع بحثي واحد!.وأضاف "وبالإشارة إلى المشاريع البحثية التي نفذت في جامعة البحرين نجد أن هناك جدية وحماسة من قبل الطلاب لتحقيق أفضل النتائج في مشاريع تخرجهم وهو الملموس من خلال المعارض السنوية التي تقيمها الكليات لتلك المشاريع إلا أن كثير من تلك المشاريع يكون مصيرها إلى صندوق النفايات بالتقادم و لا تجد طريقها إلى التطوير بحيث تصبح مشاريع منتجة في سوق العمل ورافداً للاقتصاد الوطني وهنا نتساءل عن كيفية استغلال تلك المشاريع بالشكل الأمثل”.وأكد أن هناك مجموعة من العاملين في القطاع الأكاديمي يقومون بنشر بعض الأبحاث العلمية المتواضعة في كلفتها ونتائجها بغرض زيادة سمك ملف الترقية الذي يسعى الباحث لتقديمه وهو أمر لا يلام عليه في واقع الحال اليوم ولكن من المؤمل أن يتغير هذا الواقع في المستقبل عبر تنفيذ إستراتيجية طموحة تعدها الجامعة في الوقت الحاضر للنهوض بكل ما تقدمه الجامعة لطلبتها ولمنتسبيها وللمجتمع المحلي، ومن باب التفاؤل فأنا أعوّل على هذه الجهود الكثير. وفي نفس السياق يقوم مجلس التعليم العالي بوضع معايير محددة من شأنها أن ترقى بعملية البحث العلمي في البلاد وسوف يكون لها أثرها في واقع الحال في المستقبل القريب.وأشار د. عبدالرحمن السيد إلى أن أهمية النهوض بالبحث العلمي في جامعاتنا ومؤسساتنا ومراكزنا البحثية من خلال إعداد استراتيجيات تنظم عملها بشكل واقعي للقيام بدورها مع تقديم الدعم المادي واللوجستي المطلوب لأداء مهامها بالشكل المطلوب، ويراعى في تلك الاستراتيجيات التواصل الحثيث مع سوق العمل وكافة قطاعات المجتمع لمحاكاة واقعية للمشاكل والمسائل التي تحتاج إلى معالجة بالبحث العلمي. كما نجد أهمية تحفيز عملية البحث العلمي من خلال تشجيع الكفاءات الوطنية ومساعدتها على تحويل نتائج ومخرجات جهودها في البحث العلمي إلى واقع ملموس على الأرض، كل تلك أمور يعالجها طرفان وهما جهة تنفيذ البحث وسوق العمل بقطاعيه الخاص والعام والمسؤولية مشتركة بينهما.«التعليم العالي» يسعى لتطوير البحث العلميوقال رئيس الجامعة الملكية للبنات الدكتور مازن جمعة إن واقع البحث العلمي مازال محدود جداً في الأقطار العربية ومنها البحرين مقارنة بما هو موجود في الدول المتقدمة والصناعية منها خاصة.وأضاف د. مازن جمعة وعلى سبيل المثال في فرنسا فقط هناك 1500 مركز بحثي مقارنة بـ600 في كل الدول العربية، وهذا يشير إلى ضعف البحث العلمي على الرغم من أن الدول تتقدم وتتطور في ضوء البحوث التي تقدمها وبراءة الاختراع لمواطنيها والأبحاث التي يقدموها والتي تساهم في التقدم التكنولوجي.وأشاد بسعي مجلس التعليم العالي لتطوير موضوع البحث العلمي وتخصيص نسبة من إيرادات الجامعات للبحث العلمي، معتبراً أن ذلك خير مثال على الاهتمام بالبحث العلمي إضافة إلى تخصيص أحد أعضاء مجلس التعليم العالي وتكليفه بمتابعة مهمة البحث العلمي في الجامعات هو أحد الشواهد على بدء مجلس التعليم العالي للاهتمام في البحث العلمي بالجامعات وذلك ضمن استراتيجية التعليم العالي.وأشار إلى أن الجامعة الملكية للبنات مهتمة في موضوع البحث العلمي وأصدرت مؤخراً حوافز ومشجعات للأساتذة الذين يقومون بالبحث العلمي ولدينا لجنة جامعية للبحث العلمي تهتم بتطوير البحث العلمي وأصدرت الجامعة حزمة من الحوافز لتشجيع الباحثين من ضمنها تشجيعهم على حضور المؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية وتقديم الأبحاث والتي تصب في تعريف الدول بالجامعة وتقدم مملكة البحرين في هذا الجانب.