بعد مجازرك يا سوريا.. لم يعد الموت هو ذاك الشيء المرعب !بعد رؤية جثامينكم يا أطفال الحولة، لم تعد رؤية الجثث ترعبني.لم أعد أغمض عينيّ عندما يقول مذيع الأخبار أن هناك مشاهد مؤثرة. جثث أطفال مسجاة، تغمرها الدماء، يتفننون في قتلهم، بجميع أنواع السلاح، من الطائرة إلى السلاح الأبيض.يستحيل أن يصدق العقل أن هذه الجثث لأطفال كانوا يتنفسون الهواء، يركضون، يضحكون، يملأون الدنيا ضجيجاً بطفولتهم البريئة.هذه الصورة أعادت ذاكرتي إلى أيام طفولتي؛ «أيام مجازر البوسنة»، و « أيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى» التي لن أنساها. كنت أرى أمي تجلس تبكي، أحاول أن أسالها ما بها، فلم أتذكر أني رأيت دموعها من قبل.! حاولَت يومها أن تجيبني بما يناسب طفولتي قائلة: (الكفار يقتلون المسلمين ....... ). كبرت، وفهمت ماذا يعني أن الكفار «يقتلون المسلمين»، عرفت من الذي ارتكب مجازر جماعية بحق مسلمي البوسنة، ومن الذي قتل شعب فلسطين، واعتقلهم، وهجّرهم.! ولكن الذي لم أفهمه إلى الآن، مع أني بِتُّ في ريعان شبابي: من هو الذي يقتلكم يا أطفال سوريا؟ من هو الذي يغتصبكن يا حرائر سوريا.؟ من الذي يقتلكن يا نساء سوريا ويقطع أجسادكن ويمزقها إرباً إرباً؟؟. لم أفهم من الذي أباد ما يقارب الخمسة عشر ألفاً من خيرة شبابك يا سوريا خلال عام واحد ؟؟ من الذي هجركم يا أهل سوريا لتنصبوا مخيمات خارج وطنكم ؟؟ من، ومن، ومن، وأسئلة في رأسي لا تنتهي.......لا تقولوا لي أن هؤلاء ينتمون إلى أمتنا العربية أو إلى ديننا وعقيدتنا أو رجالنا العرب؛ حاشا لرجال العرب أن يكون هؤلاء منهم؛ حاشا لرجال الشام وحاراته أن تكون هذه الوحوش تنتمي إليهم !! رجال الشام هم رجال النخوة والشهامة، فبرجولتهم وأمانتهم كل أمرأة وكل طفل هم حرمات لا تمس، بل لن يتأخر في التضحية بروحه لأجل حمايتهم. أما من يرتكبون كل تلك الجرائم الوحشية فليسوا سوى وحوش، انتزع منهم القلب والعقل ليتحولوا إلى ( عبدة الشيطان ؛ ماسونيين يشربون الدماء ويرقصون حول الجثث)، فمن يتمتع بقلب وعقل وأعين، لا يمكن أن يرتكب تلك الجرائم الشنعاء بعيدا عن وطنه، فما بالكم بمن يفعل ذلك بأبناء بلده، بأطفالهم ونساهم.؟لن يغفر لكم الشعب السوري هذه الجرائم، ولن تغفر لكم الطفولة هذه الإبادة، بل أنها اللعنة سوف تحل عليكم أجيالاً و أجيال من بعدكم، وثقوا وأعلموا أن الله عز وجل (يمهِل، ولا يهمل(..